المستقبل ..والتأهيل التكنولوجى للاطفال

  •  

         بقلم : فريد شوقى

    بين الحين والأخر تظهر بعض الدراسات الاجتماعية التى تحول دراسة سلوك الأطفال ومدى تأثير المتغيرات العصرية على هذا السلوك فى المستقبل وذلك بهدف التعرف على أفضل الأساليب الممكنة للتربية الصحية السليمة للاطفال .

    وإذا كنا نعيش عصر المعلومات واستخدام الكمبيوتر فان هذا الجهاز السحرى مازال يشكل عنصر اهتمام الكثير من الباحثين الاجتماعيين فى مجال تربية الاطفال فعلى حين تؤكد بعض الدراسات أن استخدام الأطفال لجهاز الكمبيوتر والألعاب الالكترونية ، فى سن مبكر يتراوح بين 3 – 5 سنوات ، يسمح لهؤلاء الأطفال بزيادة قدراتهم العقلية أثناء عملية التحصيل الدارسى مقارنة بأقرانهم ممن لم تتاح لهم فرصة التعامل مع الكمبيوتر " سواء بالمدرسة أو المنزل "

    ومؤخرا سلط تقرير حديث الضوء على اهتمام اسرائيل خلال الفترة الماضية بتعليم الأطفال مهارات اختراق الأجهزة الذكية وبرامج الكمبيوتر، حيث يتعلم طلاب الصف الرابع برمجة الكمبيوتر فى حين أن الموهوبين من طلاب الصف العاشر يأخذون دروسا ما بعد المدرسة فى أساليب التشفير، والترميز وكيفية وقف القرصنة الخبيثة، وليس هذا فقط بل أنه تم افتتاح اثنين من رياض الأطفال التى تعلم مهارات الحاسوب والروبوتات.

    وتمتلك إسرائيل أيضا برامج تدريب تشبه معسكرات الدفاع ولكن على الإنترنت، وهى جزء من سعى إسرائيل لتصبح رائدة عالميا فى مجال الأمن السيبرانى وتكنولوجيا الإنترنت عن طريق تدريب وتعليم الأطفال والشباب، خاصة فى الفترة التى يسيطر فيها الهاكرز على المشهد العالمى.

    وتحقيقا لهذه الغاية، أعلنت إسرائيل هذا الأسبوع إنشاء مركز وطنى لتعليم الإنترنت، يهدف إلى زيادة المواهب فى مجال الاختراق وإعداد الأطفال للعمل فى وكالات الدفاع السيبرانية، وصناعة التكنولوجيا الفائقة وسبق أن وصفت اسرائيل نفسها بأنها “Cyber Nation” أمة سيبرانية، لكن السلطات بعد ذلك قالت إنها تواجه نقصا فى خبراء الإنترنت لمواكبة الاحتياجات الدفاعية للبلاد والحفاظ على صناعة الأمن السيبرانى.

    وعلى المستوى المحلى ينظم ، منذ سنوات ، معهد تكنولوجيا المعلومات " iTi "  التابع لووارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، عدد من الدورات التدريبية المتخصصة ضمن اكاديمية التدريب للاطفال والذي يهدف إلي تعليم أساسيات الحاسب الآلي والبرمجة للفترة العمرية من 8 إلي 14 سنة وذلك في إطار مشروع يهدف الى اعداد وتاهيل الاطفال تكنولوحيا فى سن مبكرة وليس الانتظار لحين دخولهم الى المرحلة الجامعية ، اذ أن مدة البرنامج تبلغ أسبوعين ويحتوى على 60 ساعة تدريب تنتهي بمشروع عملي وبالطبع فأن هذه البرامج التدريبية تأتى في إطار تنفيذ إستراتيجية وزارة الاتصالات لنشر استخدام أدوات تكنولوجيا بين جميع طوائف المجتمع انطلاقا من إيمانها بدور تكنولوجيا في تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق الاهتمام وتأهيل الاطفال في جميع المحافظات. 

    وفى الحقيقة رغم ان بعض الدراسات الاجتماعية أخرى تشير أن زيادة اعتماد الأطفال على الكمبيوتر والأجهزة الالكترونية يؤدى لحدوث أثار عكسية على القدرات الذهنية والاستيعابية والحد بدرجة كبيرة من النشاط الحركى لهؤلاء الأطفال والاكتفاء بالجلوس أمام شاشات تلك الأجهزة  الا اننى شخصيا لست مع نتائج هذه الدراسات وذلك من واقع التجربة ،مع ابنائى ، بل على العكس دائما فان البداية المبكرة تجعل الطفل اكثر قدرة على الاستيعاب والتفاعل واكسابه المهارات الفنية و الشخصية اللازمة ليكون احد رواد الاعمال واصحاب الافكار فى سن مبكر وليس الانتظار لحين الانتهاء من دراسته الجامعية والحصول على الشهادة ثم البحث عن تنمية قدراته التكنولوجية .

    وبالطبع فان هذا التضارب فى نتائج الدراسات الخاصة بعلاقة الطفل بالكمبيوتر تضع الكثير من الآباء المهتمين بإتباع التربية السليم لاطفاهم بما يؤهلهم للتعامل مع أبجديات المستقبل القريب وفى نفس الوقت عدم التأثير على نفسية هؤلاء الأطفال والاستمتاع بمرحلة الطفولة بكل ما فيها من حركة ونشاط رياضى وذهنى .

    ومن ثمة فأن المحور الأساسى للتربية السليمة لطفل المستقبل هو منحة جرعات متوازنة من تكنولوجيا المعلومات بما يسمح له بالتعرف على مكونات ومفردات المستقبل وذلك دون الإفراط فى ترك الأطفال وبقاءهم بالساعات أمام الأجهزة الالكترونية و الكمبيوتر  " كنوع من الراحة للإباء من شقاوة الأبناء "

    كذلك أن أحد أهم اسباب التضارب القوى فى نتائج تلك الدراسات أنها تعتمد على متخصصين وخبراء فى مجال علم الاجتماع دون مشاركة المتخصصين فى مجال تكنولوجيا المعلومات ومن ثمة فإننا نحتاج لإجراء دراسة اجتماعية متوازنة تجمع بين خبراء من الجانبين " الاجتماع والتكنولوجيا " بحيث يتم تحديد نموذج علمى أمثل لتعظيم استفادة أطفالنا من الأدوات التكنولوجية المتاحة أمامهم دون الإضرار ببراءة مرحلة الطفولة حتى يستطيع الآباء معرفة السن والفترة الزمنية وكيفية تعليم وتأهيل أطفالهم للتعامل مع الأجهزة الالكترونية بشكل عام والكمبيوتر بصورة خاصة .



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن