تطوير روبوت متخصص لأداء مهمات دقيقة داخل الجسم


  •  

    طور فريق بحثي من جامعة كيمنتس الألمانية للتقنية ومعهد ليبنيز الألماني لأبحاث الحالة الصلبة والمواد في دريسدن، حديثًا، نظام روبوت ميكروي يمتاز بإمكانية تنفيذ مجموعة واسعة من التطبيقات؛ بدءًا من إكمال العمليات الجراحية الدقيقة إلى توصيل الحمولات في الجسم البشري.

    وعرض الفريق الروبوت الجديد في ورقة بحثية نشرتها مجلة نيتشر إلكترونييكس البريطانية، وهو مبني على بحثٍ سابق أجراه الفريق منذ نحو 10 أعوام.

    ونقل موقع تك إكسبلور البريطاني، عن قائد الفريق الدكتور أوليفر شميت، الأستاذ في جامعة كيمنتس الألمانية للتقنية، أن «الفريق بدأ في استكشاف فكرة إنشاء نظام روبوت ميكروي يندفع ذاتيًا بواسطة محرك نفاث قوي ويحتوي على مكونات إلكترونية دقيقة منذ نحو 10 أعوام. وكانت فكرتنا الأولية هي بناء نظام ميكروي ذكي ذاتي الدفع بإمكانه التفاعل مع خلايا بيولوجية مفردة لها نفس حجم النظام المصغر. ويجب أن يكون للنظام قدرة على التحرك واستشعار بيئته ونقل الحمولات وتوصيل الأدوية وإجراء العمليات الجراحية الدقيقة.»

    وحاول فريق شميت وفرق أخرى عديدة من جميع أنحاء العالم إنشاء تقنيات مماثلة في المختبر بدايةً، باستخدام أطباق مخبرية، بعد أن قدم شميت وزملاؤه فكرتهم لأول مرة عن نظام الروبوت الميكروي. إلا أن تطبيق مثل هذا النظام داخل جسم الإنسان أثبت صعوبته، إذ ينبغي التحكم في النظام من الخارج لإكمال المهام داخل الجسم، فضلًا عن نقل معلومات يجمعها النظام؛ مثل البيانات التشخيصية بسهولة إلى العالم الخارجي. للعمل داخل جسم الإنسان، يجب أن يحتوي النظام على طاقة كهربائية وأجهزة استشعار ومشغلات وهوائيات ودارات إلكترونية دقيقة.»

    وصنع شميت وفريقه نظامهم الصغير المرن من خلال دمج المكونات الإلكترونية الميكروية والنانوية على سطح شريحة، بطريقة مشابهة لكيفية استخدام تقنية السليكون لبناء رقائق الحاسوب. مع وجود فارق أساس بين نظامهم وشرائح الحاسوب العادية، وهو أن تصميم نظامهم يتضمن محركات نفاثة أُنشئِت باستخدام نهج مبتكر منذ نحو 20 عامًا، وهو غير مستخدم عادةً في تطوير الإلكترونيات الدقيقة الميكروية.

    وقال شميت «تتمثل الحيلة في وضع مواد رفيعة عالية الضغط على الشريحة، لتنقلب إلى بنية أنابيب ميكروية ملفوفة عندما تُنزع من سطح الرقاقة، وهو إجراء قابل للتحكم جيدًا، إذ تُربَط الأنابيب الميكروية الملفوفة بقوة في جانبين متقابلين للنظام، وإذا طُليت هذه الأنابيب الدقيقة من الداخل بالبلاتين، ستتولد فقاعات الأكسجين من خلال تفاعل وساطي بمجرد اتصال البلاتين بمحلول مائي يحتوي على القليل من بيروكسيد الهيدروجين.»

    وفي المحصلة يدخل محلول بيروكسيد الهيدروجين إلى أنبوبين ميكرويين فتتولد فقاعات أوكسجين تُدفَع خارج نهايات الأنابيب ما يُسرِّع النظام بآلية تُسمَّى الدفع النفاث، وذلك عندما يوضع النظام في محلول مائي يحتوي على محلول بيروكسيد الهيدروجين.

    وأضاف شميت إن «مبدأ الدفع النفاث هذا ابتكره فريقنا قبل 12 عامًا، ولكن لم يسبق إنشاء محرك نفاث ثنائي مثل الموجود في عملنا الحالي.»

    ويتحكم الفريق بالتفاعل الوساطي للدفع النفاث، من خلال تغيير درجة حرارة المحركات النفاثة. إذ تؤدي درجة الحرارة العالية إلى فقاعات أكثر ودفع أقوى، ودرجة الحرارة المنخفضة إلى فقاعات أقل ودفع أضعف. ويتحكمون أيضًا بدرجة حرارة أحد المحركين النفاثين بتطبيق تيار يمر بعنصر مقاومة متصل بالمحرك، وتزيد التغيرات في درجة الحرارة من كمية الفقاعات المتولدة، وبالتالي الدفع في أحد المحركات دون الآخر ليتيح ذلك للنظام إجراء دوران لليميت أو لليسار.

    ولتزويد التيار لتسخين عنصر المقاومة، دمج الفريق هوائيًا صغيرًا في النظام المصغر، يُغذَّى بالطاقة اللاسلكية من الخارج، على غرار الشحن الحثي اللاسلكي للهاتف النقال. وللروبوت الميكروي الجديد ذراع صغيرة أيضًا، تسمح له بإمساك الأشياء الصغيرة وإطلاقها في محيطه. وينجز الذراع الصغير إجراءات مختلفة عند تغيير درجة حرارة النظام إذ ينحني للأعلى لالتقاط الأشياء أو للأسفل لتحريرها.

    وأشار شميت إلى أن الروبوت الميكروي قد يحمل كاشفًا ضوئيًا دقيقًا، يعمل بالأشعة تحت الحمراء والطاقة اللاسلكية، للمساعدة في تتبع الروبوت الميكروي داخل الجسم.

    ويتكون النظام الروبوتي الجديد من مادة مرنة جدًا، ليكون قابلًا للانحناء دون أن ينكسر، ما يتيح له المرور في الشعيرات الدموية الصغيرة أو القنوات الصغيرة الأخرى في جسم الإنسان ويستمر في العمل بشكل طبيعي.

    وقال شميت «أثبتنا إمكانية نقل الطاقة الكهربائية لاسلكيًا إلى أنظمة الروبوتات الميكروية الدقيقة جدًا، فضلًا عن إمكانية استخدام هذه الطاقة لتنفيذ مهام مفيدة، مثل توجيه الروبوت الميكروي عن بُعد أو تشغيل وإيقاف تشغيل مصباح الأشعة تحت الحمراء. وتتمثل الخطوة التالية في تشغيل النظام في السوائل البيولوجية مثل الدم، إذ يجب لهذا الغرض بناء المحركات بطريقة مختلفة قليلاً.»

     

     

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن