نبضات الذكاء الاصطناعي ومستقبل الأمن السيبراني

  • بقلم : خالد حسن

    كشفت الزيارة الأخيرة للرئيس الامريكى دونالد ترامب الى منطقة الخليج ، وزيارة كل من السعودية وقطر والامارات ، وابرام صفقات استثمارية بقيمة مالية تناهز 4 تريليون دولار تركز غالبيتها فى مجال التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعى وانتاج الرقائق الالكترونية وبناء مراكز البيانات مما يؤكد ان مجال الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة لاستفادة دول المنطقة من التكنولوجيا الجديدة ودخوله أصبح ضرورة لا خياراً اذ كشف تقرير أصدرته شركة "برايتس وترهاوس كوبرز" (PwC) إلى أن إسهام الذكاء الاصطناعي في اقتصادات الشرق الأوسط سيبلغ 320 مليار دولار بحلول 2030. ما يعني أن على دول المنطقة إدراك الفرصة للاستفادة من الثورة التكنولوجية الجديدة.

    وفي ظل هذه الموجة المتسارعة لعلنا نتفق جميع ان منطقة الشرق الأوسط تشهد حاليا تسارعاً غير مسبوق في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع تدفق استثمارات ضخمة نحو مجالات البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والحوسبة السحابية. وبينما تتنافس الحكومات والشركات على بناء بنية تحتية رقمية متطورة، لم يعد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ترفاً أو خياراً إضافياً، بل تحول إلى ضرورة حتمية لضمان البقاء والتنافسية في الاقتصاد العالمي الجديد.

      

    فان الذكاء الاصطناعى (AI) ربما هو المصطلح الأكثر إثارة والذي يتردد على ألسنتنا بكثرة في وقتنا الحالي، إذ دخل إلى كل تفاصيل حياتنا وأحدث ثورةً في كل مجالٍ نعرفه، هذا التطور التكنولوجي السريع خلق حاجةً ضرورية لحماية البيانات والمعلومات من التهديدات والاختراقات، لتظهر أهمية تخصص " الأمن السيبراني " الذي أصبح وجوده حاجة لابد منها لضمان الحماية.

    ويشترك كلا التخصصين " الذكاء الاصطناعي " و " الأمن السيبراني "  في عدة نقاط أهمها تحليل البيانات، واستخدام تقنيات متطورة، ومن جهة أخرى تعتبر مسألة حماية البيانات والخصوصية من الأمور التي يتم التركيز عليها في التخصصين الا ان الاختلاف بينهما يظهر من خلال المهام التي يقوم بها كل من التخصصين، إذ أن الهدف في تخصص الذكاء الاصطناعي هو تطوير الأنظمة والروبوتات القادرة على تنفيذ مهام البشر، في حين يركز تخصص الأمن السيبراني على حماية البيانات والمعلومات من الاختراقات والتهديدات.

     

    كما يشترك كلا التخصصين فى أن كل منهما يعتبر من التخصصات المستقبلية، إذ يفتح كلاهما فرص عمل واسعة نتيجة التطور التكنولوجي المستمر، تتجاوز الملايين ، ومن المنتظر أن يدخل الذكاء الاصطناعي كل مجالات الحياة كالرعاية الصحية والتعليم من جهة أخرى تزايد الاعتماد على التكنولوجيا التي أصبحت جزءً مفصلياً في حياتنا زاد من التهديدات والاختراقات ليخلق حاجة ضرورية لأخصائي الأمن السيبراني.

     

    للذكاء الاصطناعي دور مهم في الأمن السيبراني يبرز من خلال الكشف عن الهجمات أو الأنشطة المشبوهة عن طريق تحليل البيانات بطريقة سريعة، والمساعدة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتخفيف نتائج الهجمات والاختراقات، كذلك يساهم في تحديد الثغرات بالأنظمة كما يساعد الذكاء الاصطناعي على ضمان سرية المعلومات وعدم وصول أشخاص غير مسموح لهم لهذه البيانات.

     

    وبالطبع فأن الدور المهم للذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني لا يمنع إمكانية حدوث الكثير من المخاطر مثل إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات، واحتمالية وجود خلل في تحليل البيانات بسبب الأخطاء في خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

    وفى الحقيقة هناك علاقة وثيقة بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إذ يتم تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكن استخدامها لتعزيز الأمن السيبراني، إلى جانب تنفيذ تدابير أمنية لحماية أنظمة الذكاء الاصطناعي من الاختراق أو التلاعب فبعد تزايد الجرائم الإلكترونية مثل سرقة البيانات والتصيد الاحتيالي؛ لجأت المنظمات إلى عدة وسائل لمكافحة تلك التهديدات، فاستعانت بفرق الأمن السيبراني المؤهلة المجهزة بأحدث التقنيات ومنها تقنية الذكاء الاصطناعي، التي تساعد على الكشف السريع عن الأنشطة الضارة ومواجهتها، وتحمي الشبكات من الهجمات الإلكترونية.

    ويعمل الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن السيبراني على إنشاء تطبيقات آمنة بشكل افتراضي، تقضي على نقاط الضعف وتزيد من الدقة في اكتشاف المشكلات وتسريع التحقيقات، وميكنة آليات الاستجابة، مما يعزز من البنية التحتية لأمن الشركات.

    ويؤكد الخبراء الى ان هناك 6 فوائد لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال الامن السيبراني أولها " التعامل مع الكثير من البيانات " اذ يجد موظفو الأمن السيبراني صعوبة كبيرة في مراجعة جميع الأنشطة يدويًا بحثًا عن التهديدات المحتملة، وهنا تتجلى فائدة الذكاء الاصطناعي الذي يقوم تلقائيًا بمسح وتحديد التهديدات ويسهل من عملية الكشف عنها ويعزز من الحماية ضدها.

    وتتمثل الفائدة الثاني فى " تقليل العمليات المزدوجة " من أهم فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الأمني، قدرته على الكشف عن التهديدات الأمنية الأساسية بانتظام ومنعها، إضافة إلى دوره في التحليل الشامل لتحديد الثغرات الأمنية المحتملة، وهو ما يمكّن الشركات من تنفيذ أفضل ممارسات أمن الشبكة دون التعرض لخطر الخطأ البشري أو الملل الذي يصيب موظفي فرق الأمن السيبراني.

     

    أما الفائدة الثالثة فى " تسريع أوقات الكشف والاستجابة "عند قيام الشركات بدمج الذكاء الاصطناعي مع الأمن السيبراني؛ فهي تضمن الكشف السريع عن التهديدات الأمنية والاستجابة لها، لأن الذكاء الاصطناعي يقوم بمسح النظام بالكامل ويحدد التهديدات مبكرًا، ويسهل من المهام الأمنية على حين ان الفائدة الرابعة هي " محاربة الروبوتات الضارة " هناك الكثير من الروبوتات التي تُستخدم في الأنشطة الضارة مثل نشر البرامج الضارة وسرقة البيانات، ويمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تحديد أنماط تلك الروبوتات والتعرف عليها وحظرها.

    على حين ان الفائدة الخامسة "  تأمين المصادقة " يوفر الذكاء الاصطناعي العديد من الأدوات مثل ماسحات بصمات الأصابع والتعرف على الوجه، وهي الأدوات المطلوبة لتأمين المصادقة أثناء محاولات تسجيل الدخول على المواقع التي تحتوي على معلومات حساسة وتتطلب طبقة أمان إضافية للحماية وتساعد تلك الأدوات على اكتشاف محاولات تسجيل الدخول الاحتيالية والهجمات الإلكترونية التي تهدف إلى سرقة البيانات والفائدة الاخيرة " تحسين الدقة والكفاءة " توفر أنظمة الأمن السيبراني القائمة على الذكاء الاصطناعي دقة وكفاءة أفضل مقارنة بالحلول الأمنية التقليدية، كما تمتلك خوارزميات الذكاء الاصطناعي القدرة على التعرف على الأنماط التي لا تستطيع العين البشرية اكتشافها، وهو ما يزيد من دقة اكتشاف الأنشطة الضارة.

     

    وفى نفس الأطار كشفت دراسة جديدة صادرة من بوزيتف تكنولوجيز عن إمكانية الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن السيبراني، حيث أكدت الشركة على أن أكثر من نصف تدابير الحماية المدرجة ضمن مصفوفة MITRE D3FEND يمكنها الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أظهرت النتائج أن 28% من هذه التدابير تعتمد بالفعل على حلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مع توقعات بأن تغطي الحلول قيد التطوير نسبة إضافية تبلغ 27%.

    وأتاح الذكاء الاصطناعي لفرق الحماية التعرف على التهديدات السيبرانية والتنبؤ بها والعمل على منعها بشكل استباقي، حيث ساعد، على سبيل المثال، على الحماية من التسريبات المحتملة للبيانات من خلال التعرف على المعلومات الحساسة ضمن المستندات، وتكييف محتواها بمرونة بما يتناسب مع المهمة المحددة ومستوى صلاحيات المستخدمين. واستخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي أيضاً في إجراء اختبارات الأمان المؤتمتة؛ ففي أداة PT Dephaze، ساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي على توليد أكثر كلمات المرور احتمالاً لهدف محدد، وتحليل الملفات النصية، وإعداد تقرير نهائي.

    ويستخدم الذكاء الاصطناعي حالياً على نطاق واسع في مجال كشف التهديدات السيبرانية، مثل تحليل سلوك المستخدمين، ورصد حركة المرور عبر الشبكات، ودراسة بيانات الملفات التنفيذية. ويشير الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي سيساعد مستقبلاً على جمع المعلومات الخاصة بالشبكات، بالإضافة إلى كشف وتتبع الأدوات والخدمات البرمجية التي قد تكون مجهولة بالنسبة لفرق تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني. وتستطيع المؤسسات حالياً تحديث البيانات الخاصة بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بالاعتماد على حلول إدارة الثغرات الأمنية مثل MaxPatrol VM. ومن المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي مستقبلاً قادراً على محاكاة سلوك المستخدمين والأنظمة بطريقة أكثر واقعية، وإنشاء بيئات افتراضية خادعة، وتمكين آليات التحقق البيومتري المستمر.

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن