ثورة الكورونا

  •  

    بقلم :ايمن صلاح

     

     

    عندما قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 والتى استمرت لمدة ثلاثة أيام فقط تحولت بعدها بداية من الثامن والعشرين من يناير الى مؤامرة على مصر وشعبها، وكان من المنطقى والطبيعى أن يكون لذلك آثاره السلبية ليس على مقدرات مصر الاقتصادية والسياسية فحسب بل ان الأمر تعدى ذلك الى آثار سلبية على المستوى الاجتماعى للمجتمع المصرى والسلوكى للمواطن المصرى، ولعلنا جميعا لا ننكر هذا التحول السلبى للسلوك الفردى الذى أثر على مستوى المجتمع وعلى مستوى الوطن بأسره، بل أننا معظمنا بات يردد دائما أن تلك الثورة أخرجت أسوأ ما فينا وأصبحنا دائما وأبدا نتندر على أخلاقنا التى فقدنا فى خضم أحداث تلك الثورة وما تلاها من تطورات كادت أن تودى بمصر الى آتون صراعات لا يعلم مداها الا الله كما هو حادث فى العديد من دول المنطقة حولنا لولا عناية الله سبحانه وتعالى التى أنقذت مصر من مصير مشؤوم على يد رجال عاهدوا الله على حماية هذا الوطن العزيز فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء.

     

    واليوم وبعد ما يقارب العقد من الزمان .... تواجه مصر شأنها شأن كل دول العالم تحديا لا يقل ضراوة عن تحدى أحداث يناير 2011 وما تلاه، وهو تحدى انتشار وباء (كوفيد 19) أو ما يطلق عليه وباء (كورونا) وربما يمر شعب مصر بظروف مشابهة لأحداث يناير مع اختلاف العدو الخفى غير المرئى، فالعدو اليوم هو ذلك الفيروس اللعين الذى أجبر الشعب على الاقامة الجبرية داخل المنازل خاصة فى أوقات حظر التجوال التى فرضت من أجل تطبيق فكرة التباعد الاجتماعى (Social Distancing) التى تعتبر الضامن الأول للتقليل من خطر انتشار المرض، الا أن مواجهة العدو فى عصرنا اليوم مختلفة تمام الاختلاف فالدولة قوية وقادرة على المواجهة وكل مؤسساتها تعمل على قدم وساق لمواجهة الخطر المحدق بالبلاد وان كان خط الدفاع الأول خلال أحداث يناير هو الجيش والشرطة فان خط الدفاع الأول اليوم هو الجيش الأبيض الذى يمثله أطباء مصر وكل العاملين فى القطاع الصحى المصرى الذين نرفع لهم جميعا القبعة تقديرا وعرفانا لتضحياتهم وأدائهم العظيم من أجل حماية مصر وشعبها.

     

    وان كانت الآثار الجانبية لأحداث يناير كما أسلفت كارثية على المستوى الأخلاقى والاقتصادى فاننى أود هنا ألا ننظر اليوم الى النصف الفارغ من الكوب بل يجب أن نكون جميعا متفائلين وننظر الى النصف المملوء من الكوب فلعل الله سبحانه وتعالى يخرج لنا من رحم المحنة المنحة التى نرجوها ونتمناها، ولم لا ونحن نجد اليوم بعض الايجابيات التى أرجو أن تستمر بعد أن يأذن الله سبحانه وتعالى أن يرفع عنا البلاء ويصرف عنا الوباء، ولعل من أهم الصور الايجابية التى نراها اليوم هو استقرار فكرة التعليم الكترونيا عن بعد بعد أن شهدت انتقادا ومقاومة كبيرة خاصة من أولياء الأمور مع بداية تطبيقها أما الآن فالكل اعترف بأهميتها وجدواها فى ظل غياب الطلبة اجياريا عن مدارسهم وجامعاتهم، وأيضا أرى أن من أهم الصور الايجابية هو النظرة الموضوعية للعاملين فى القطاع الصحى فى مصر وتحسين أوضاعهم المالية التى أظن انها مجرد بداية فقط للوصول بهم الى أفضل حال ان شاء الله الأمر الذى سينعكس بالايجاب على ما ترنو اليه الدولة من ثورة لانشاء بنية أساسية صحية تكتمل ان شاء الله مع التطبيق الكامل للتأمين الصحى الشامل على كل مواطن وهو المشروع القومى الأهم من وجهة نظرى بجانب المشروع القومى للتغيير الجذرى للتعليم فى مصر، أما أهم النقاط الايجابية على الاطلاق للأزمة الحالية فاننى أراها فى ازدياد الوعى لدى قطاعات عريضة من الشعب المصرى ربما كان زيادة الوعى الصحى من أهم مظاهرها الا أن أهمها على الاطلاق فانه يتمثل فى زيادة الوعى الوطنى وبخاصة عند فئة الشباب الذين كانوا دائما فى حالة حنق ضد الدولة وربما كان ذلك لقلة خبراتهم أو لقلة المعلومات المتاحة لديهم لما تقوم به الدولة من مجهودات فى الحقبة الأخيرة من أجل صالح البلاد والمواطنين، الا أنهم عندما  رأوا ما تقوم به الدولة من اجراءات اقتصادية ومجتمعية كثيرة فى هذه الأزمة من أجل التخفيف عن كاهل المواطن وبخاصة تلك الاجراءات التى استهدفت العمالة غير المنتظمة والاهتمام بالمصريين العالقين بالخارج وتزامن ذلك مع زيادة أعداد الأسر تحت مظلة برنامج تكافل وكرامة، كل تلك الاجراءات القومية أزالت الغشاوة عن أعين الشباب وجعلتهم يدركون ما تطمح اليه مصر وتعمل على تحقيقه فى القريب العاجل من رخاء وتقدم ان شاء الله.

     

    أخيرا ... ومع قدوم شهر رمضان المعظم أعاده الله علينا وعلى مصر وعلى الأمة الاسلامية جميعها بالخير واليمن والبركات، ندعو الله أن يرفع عنا البلاء ويصرف عنا الوباء وأن يحفظ مصر وشعبها وجيشها وأطباءها وممرضيها من كل شر وسوء.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن