نبذ التعصب والفتن فى عصر التوتر والمحن

  • وجهه نظر  بقلم ايمن صلاح

     

    انعقد الثلاثاء الماضى مؤتمرا رياضيا موسعا حضره لفيف من رموز الوسط الرياضى بمبادرة من رابطة النقاد الرياضيين تحت عنوان "نبذ التعصب والفتن" فى محاولة لدرء خطر داهم لا يهدد الوسط الرياضى الكروى فحسب نتيجة للاحتقان الزائد الذى بلغ أشده فى الفترة الأخيرة بل انه يهدد أمن مصر ذاتها على اعتبار أن كرة القدم تؤثر وبشدة على المزاج العام للمواطن المصرى على كافة انتماءاته الكروية، ومع حضور جميع الأطراف ذات الصلة والمعنية بهذا الأمر المهم سواء وزير الشباب والرياضة أو أعضاء اتحاد كرة القدم أو رؤساء الأندية أو المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام مع جمع كبير من الصحفيين والاعلاميين الا أن رمزا كبيرا من رموز الرياضة والكرة المصرية غاب عن هذا الحدث وهو النادى الأهلى بما له من تاريخ عريق وشعبية جارفة وتأثير مدوى فى مثل تلك المناسبات، وأرى أن النادى الأهلى له كل الحق فى الغياب عن هذا الحدث ذى الهدف النبيل والناتج الفقير والضئيل.

     

     

     

    وتعيش مصر منذ فترة ليست بالقليلة عصرا كرويا لم يسبق له مثيل من حيث التوترات الرياضية والتراشق الاعلامى سواء فى البرامج الرياضية عبر الفضائيات أو من خلال صفحات التواصل الاجتماعى التى أصبحت منبتا ومصدرا لزرع بذور التعصب والفتن، وكم من مرة مررنا بالعديد من المحن الكروية التى كادت أن تعصف بالكرة المصرية وتأتى على الأخضر واليابس فى الوسط الرياضى المصرى، ومع الأسف الشديد وكعادتنا نخرج كل فترة بمبادرة هنا أو هناك لازالة آثار الاحتقان والتعصب دونما تحليل أو استقصاء واستنباط لأسباب ذلك الاحتقان ومصادر ذلك التعصب، ولذلك فان مصير المبادرة الحالية سيكون كسابقتها الى فشل وسقوط ذريع، ويبدو أنه من أدبياتنا كمسئولين وبخاصة فى الوسط الرياضى أن الأمور لا تؤخذ بالأساليب العلمية التى تخضع للدراسة والتحليل ومن ثم الى قرارات وتوصيات مبنية على معلومات ودراسات متأنية ومستفيضة تضمن النجاح وبلوغ الأهداف، ولكن كل مبادراتنا وقراراتنا وتوصياتنا تنبع اما عن هوى أو تغييب للواقع أو لمجاملة أطراف بعينها أو حتى خوفا وتجنبا لهجوم فئة على مصدر القرارات والتوصيات، وعليه فان كل القرارات والتوصيات التى صدرت سابقا فى هذا الشأن لم يكن مصيرها كما أسلفت الا الى الفشل الذريع مع استمرار حالات التوتر والتعصب والاحتقان بل أيضا تناميه.

     

     

     

    فاذا نظرنا بتجرد الى واقعنا الرياضى وخاصة الكروى الحالى سنجد أن المشكلة الحقيقية التى تواجهنا والتى أدت بنا الى درجة غير مسبوقة من التعصب والفتن هى عدم اضطلاع كل جهة بالقيام بالواجبات المنوطة بها مما أدى الى غياب العدالة فضاعت الحقوق ومن ثم ساد قانون الغاب الذى خلق حالة التعصب والفتن التى نتحدث عنها، فعلى سبيل المثال تقوم العديد من البرامج الرياضية التى تتحدث باسم أحد الأندية بالكثير من التجاوزات تجاه النادى المنافس مع التشكيك الدائم فى تاريخه وقيمه ومبادئه وبطولاته مما أدى الى كثير من الاحتقان دون رادع من لجنة ضبط الأداء الاعلامى التى يتوجب عليها ايقاف هذه المهازل بيد من حديد، بينما يقوم رئيس أحد الأندية ليل نهار بالهجوم الدائم والتعدى باللفظ والقول والقاء الاتهامات فيما يخص الذمم والشرف بحق رئيس ومجلس ادارة النادى المنافس وأيضا دون رادع من اتحاد الكرة متمثلا فى لجانه المتعددة مثل لجنة الانضباط أو لجنة القيم التى يتوجب عليها العقاب الرادع من خلال تفعيل اللوائح، وآخر قد حول ناديه الى ملكية خاصة فأصبح ينبذ أعضاء مجلس الادارة الذين لا يروقون له رغم كل الأحكام القضائية الحاصلين عليها والواجب تنفيذها بشأن حقوقهم فى ممارسة عملهم كأعضاء مجلس ادارة بحكم اختيارهم من قبل أعضاء الجمعية العمومية للنادى دون رادع من الجهة الادارية متمثلة فى وزارة الشباب والرياضة، وهكذا تسير الأمور فى الوسط الرياضى دون قيام أحد بواجباته أو تفعيل للقوانين أو تطبيق للوائح.

     

     

     

    القضاء على التعصب ووأد الفتن لا يحتاج الى مؤتمرات أو مبادرات بل كل مانحتاجه يتمثل فى شىء واحد وهو التطبيق الكامل للوائح والقوانين، ومادون ذلك فسوف يؤدى الى المزيد من التوتر والمحن.

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن