انتصارات أكتوبر.. ونصف قرن من الكرامة

  •     بقلم : فريد شوقى

    بصرف النظر عن محاولات الكيان الصهيونى " إسرائيل " لافساد فرحة المصريين والعرب بذكرى انتصارات حرب السادس من اكتوبر 1973 ، والتى مر عليها قرابة نصف قرن ، والترويج لان الحرب لم تنتهى الى غالب أو المغلوب " 1 – 1 " وأن ثغرة الدفرسوار " الانتحارية " التى قامت بها فرق المدرعات التابعة للجيس الاسرائيلى فى نهاية ايام حرب اكتوبر ، بعد رصد طائرة استطلاع أمريكية وجود ثغرة بين الجيش الثالث الميداني في السويس والجيش الثاني الميدانى في الإسماعيلية ، أدت الى حفظ ماء وجه الجيش الاسرائيلي واعادة موازين القوى فى المعركة ولكن الحقيقة المؤكدة أن غطرسة الجيش الاسرائيلى ، الذى لا يقهر، تحطمت نهائيا حتى وطأة وإصرا وعزيمة الجندي المصري رغم فارق الامكانيات الفنية والمعدات والاسلحة والتى كانت تصب فى صالح الجيش الاسرائيلي وان نجاح قواتنا المسلحة فى تحقيق اهدافها بعبور قناة السويس وتحظيم خط باراليف ونشر قواتنا ، بصورة عرضية ، على عمق 15 كيلو متر فى سيناء فى 6 ساعات فقط هو معجزة بكافة المقاييس العسكرية تحسب للعسكرية المصرية صاخب اقدم تاريخ فى العسكرية والجيوش النظامية  .

    ويؤكد الأنتصار التاريخى لقواتنا المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر 1973 ، بالتنسيق مع الجيش العربى السورى ، أن النصر لا يمكن أن يأتى من فراغ وإنما لابد من التنسيق و تكاتف الجهود وتعظيم الاستفادة من كافة الإمكانيات سواء القوة البشرية أو التخطيط الاستراتيجى أو المعدات العسكرية أو الثروات الطبيعية وستظل تشكل هذه الحرب منعطفا متميزا ليس على المسار الجغرافى العربى فحسب وإنما على مسارات العمل الاقليمى والدولى اذ أنها كانت أكبر المشرعات العسكرية المعاصرة أمتلاكا للمفاجآت التى تعددت وتنوعت من آليات وأستثمار الزمان والمكان وأعظم تلك المفاجآت على الاطلاق كانت الانسان المصرى العربى الذى كانت أنجازاته وممارساته مفاجأة للأصدقاء قبل الاعداء .

    وفى كل عام يحتفل الشعب المصرى بصفه خاصة والأمة العربية بصفة عامة بذكرى أنتصارات أكتوبر 1973 والتى غيرت مجرى التاريخ، عندما جعلت الجيش الإسرائيلي، الذي أظهر ثقة زائدة بالنفس، في موقف دفاعي يسعى فيه لحماية دولته هذه الانتصارات التى أعادت لمصر والامة العربية عزتها وكرامتها .. هذه الانتصارات التى كانت بداية لعهد جديد عهد السلام ... عهد السلام ، القائم على العدل وعودة الحقوق لاصحابها ، الذى أنتهجه العالم أجمع وأصبح اليوم منهجا عالميا أقرته المحافل الدولية وتمارسه المجتمعات الدولية ..

    فأمتنا العربية يجمعها وطن واحد ودين واحد ولغة واحدة وتاريخ مشترك وظهرت الوحدة العربية بشكل كبير في عدة مواقف ، أبرزها تعاونهم الرائع في مساندة مصر أثناء الحرب حتى استطاعوا أن يهزموا العدو "الذي لا يقهر" !! فقد قامت الدول بمنع تصدير البترول إلى الولايات المتحدة الأمريكية - التي كانت ومازلات الحليف الأساسي لإسرائيل- ؛ فقد كانوا يعرفون جيداً أن الأمة العربية بينها آلام وآمال ومصير مشترك و أدركوا أن دم الإنسان العربي أغلى من البترول.

    وشهدت حرب اكتوبر المجيدة موقفا عربيا مشرفا من جانب 12 دولة عربية مع مصر على رأسهم سوريا والسعودية والعراق  والامارات والجزائر وليبيا والاردن والمغرب والسودان والكويت وتونس واليمن فلسطين ولعل من اهم أقوال الشيخ زايد رئيس دولة الامارات ، رحمه الله ، في هذا المجال " إن دولتنا جزء من الأمة العربية يوجد بيننا الدين والتاريخ واللغة والآلام والآمال والمصير المشترك فالبترول العربي ليس أغلى من الدم العربى أما عن الملك فيصل ملك السعودية ، رحمه الله ،  فقد قال إن ما نقدمه هو أقل القليل مما تقدمه مصر وسوريا من تقديم أرواح جنودها في معارك الأمة المصيرية وأننا تعودنا على عيش الخيام ونحن على استعداد الرجوع إليها مرة أخرى وحرق آبار البترول بأيدينا وألا تصل إلى أعدائنا.

    أنا مصرى فخور بمصريتى لكنى أفخر أكثر بعروبتى ولكل العرب أن تفخر أن من أبنائها الرئيس البطل الشهيد  محمد أنور السادات " بطل الحرب والسلام " والسياسى المحنك وصاحب الرؤية المستقبلية الثاقبة فلا تغفلوا حقه كقائد لأعظم المعارك التى شهدها التاريخ الحديث ،بين العرب بقيادة مصر وسوريا والعدوان الاسرائيلى ، فمصر لم تغفل دور العرب جميعا فى المعركة بدليل حرصها الدائم على التاكيد أن أحد نتائجها، وربما مقدماتها، أنها أعطت دليلاً راسخاً على ضرورة تضافر جهود العرب لمواجهة ما يهدد العرب برمتهم.

    ووفقا لاعترافات جولدا مئير رئيسة الوزارء الاسرائيلية حينئذا أن النجاح العربي في الحرب بدأ مع إطلاق الرصاصة الأولى، "عندها فقدنا الردع لأنه طالما لم يجرؤ العرب على مهاجمتنا كان ذلك قوة لنا" ومن هنا ندرك أن حرب أكتوبر أبرزت أعظم المفاجآت العربية التى تجلت فى وحدتهم وتضامنهم مع مصر فمن هنا نعرف أن الوحدة العربية صنعت مجدا نعتز به على طول الزمان .

    رحم الله الشهيد محم انور السادات وجميع شهداء مصر وسوريا ورؤوساء الدول العربية الذين وقفوا بجوارنا بشرف وامانة وكل من استشهد وأعز الله كل من شارك في تلك الحرب المجيدة التي تعلمنا أنه لا سبيل لكرامتنا كعرب مالم نتحد ونصبح على قلب رجل واحد ، وبغير ذلك فما نحن إلا شراذم لا يقيم لها أعداؤها وزنا.
    وكل 6 أكتوبر.. وكل مصرى وعربى بخير .

    شكرا لكل من ضح بحياته من اجل ان نحيى نحن بكرامة وعزة .

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن