كتب : محمد العطار

 كشف تقرير نشرته “فوربس الشرق الأوسط”، أن قطاع التكنولوجيا المالية يشهد أكبر معدلات تسريح للعمالة خلال عام 2022 بسبب الأزمة العالمية التي تسببت في ارتفاع معدل الفائدة والمخاوف من الركود الوشيك والتباطؤ المفاجئ في الاستثمار وهو ما دفع الشركات لتقليل النفقات بشكل كبير في قطاع التكنولوجيا.

أوضح التقرير أنه إذا كان عام 2021 هو العام الذي ازدهرت فيه استثمارات قطاع التكنولوجيا المالية وقفزت تقييمات شركاته، فإن عام 2022 قد جاء برياح معاكسة، إذ زادت على نحو كبير عمليات تسريح العمال المُعلن عنها وغير المُعلن.

وأدى ارتفاع معدل الفائدة والمخاوف من الركود الوشيك والتباطؤ المفاجئ في الاستثمار، إلى تقليل النفقات بشكل كبير في قطاع التكنولوجيا، إذ يشعر كل ركن من أركان القطاع بالضغط، من تطبيقات الاستثمار والبنوك الرقمية إلى برامج التداول، حتى إن بعض الشركات الكبرى، مثل: Robinhood وKlarna وCoinbase أعلنت عن عمليات لفصل موظفيها.

وكشف التقرير عن تخفيض العديد من الشركات عدد موظفيها للحفاظ على السيولة واستمرارية الأعمال، حيث تخبر شركات الاستثمار المؤسسين أنهم بحاجة إلى سيولة تكفيهم ما لا يقل عن عامين، لتحمل فترة الركود طويل الأمد. فيما تعمل شركات ناشئة أخرى على تغيير استراتيجيتها، إذ تستغنى عن العاملين في بعض الأقسام بشكل انتهازي بينما تقوم بالتوظيف في أقسام أخرى.

يسمح ذلك بالاقتراب من تحقيق الربحية، كما يمنح فرصة لتجنب الجولات المتناقصة، حيث يقومون بجمع الأموال بتقييم أقل من جولة التمويل السابقة.

Rhlj شركة Klarna القائمة على نظام الشراء الآن والدفع لاحقًا بجمع التمويل بمبلغ 6.7 مليار دولار، بانخفاض مذهل بنسبة 85% عن العام الماضي.

أفاد أحد المديرين التنفيذيين للتكنولوجيا المالية – الذي خفَّض عدد الموظفين في وقت سابق من هذا العام : “إذا لم تكن قد فعلت ذلك، فسيتعين عليك القيام بذلك في فترة ما”. وكشفت الشريك العام في شركة التكنولوجيا المالية Portage، ستيفاني شو أن، “كل شركة في مرحلة متأخرة تقوم بتقليص عدد عمالها أو تتوجه للقيام بذلك”.

يذكر أن خمسة أعضاء من قائمة فوربس Fintech 50، التي صدرت أوائل يونيو ، قد قللوا عدد موظفيهم.

علمت فوربس أن تسع شركات في مجال التكنولوجيا المالية، قد قلَّصت القوى العاملة لديها مؤخرًا من دون أي إعلان، وذلك من خلال بحث LinkedIn، والتحدث مباشرة مع الشركات والخبراء في القطاع.

من بين الشركات التسعة، أكدت كل من iTrustCapital وStash وSynctera  تخفيض عدد موظفيها.

كما كشفت GoodLeap أنها قامت بعدد صغير من التخفيضات في أعمال الرهن العقاري، لكنها تقوم بعملية توظيف نشطة، وتتوقع أن ينمو عدد الموظفين بنسبة 16% هذا العام.

لم تستجب Clearco وDriveWealth وM1 وPointCard وStep لطلباتنا للتعليق، رغم أننا قد حددنا في السابق أنها قلصت عدد موظفيها.

وقد تكون بعض التخفيضات غير المؤكدة ناتجة عن الاستنزاف بدلاً من تسريح العمال، لكن بيانات LinkedIn تقلل عادةً من عدد الموظفين المفصولين.

وتعد الشركات الناشئة في مجال التمويل الشخصي والبنوك الرقمية هي الأكثر تضررًا حتى الآن، ففي أواخر يونيو ، قام تطبيق الاستثمار Stash بطرد 8% من موظفيه، أو ما يقدر بنحو 40 شخصًا، وتمحورت التخفيضات حول فريق تسويق العلامة التجارية، وفقًا لمتحدث رسمي.

كما كان لدى بنك ألبرت Albert الرقمي في لوس أنجلوس 300 موظف في ربيع هذا العام، ولكن قبل شهرين، أخبر متحدث باسم البنك لفوربس أنه، “قلل من حجم القوة العاملة من أجل العمل بكفاءة والنمو بشكل مستدام”.

وأفاد تقرير إعلامي بأن ما لا يقل عن 20 موظفًا من بنك ألبرت قد سُرحوا. أما البنك الرقمي Varo الواقع في سان فرانسيسكو فقد أنفق 100 مليون دولار للحصول على المزيد من التصريحات للعمل في القطاع المصرفي، وقام بتسريح 10% من الموظفين، أو 75 شخصًا، في وقت سابق هذا الشهر.

وكشفت بيانات لينكد إن (LinkedIn) عن قيام بنوك رقمية أخرى بتخفيضات كبيرة، إذ تراجع عدد موظفي شركة اقتراض الأموال M1 ومقرها شيكاغو، من 369 موظفًا في يونيو إلى 349 موظفًا اليوم.

وانخفض عدد موظفي neobank Step من 152 موظفًا في مارس ، إلى 135 موظفًا اليوم. كما خفصت الشركة الناشئة PointCard عدد موظفيها من 105 موظف في يناير إلى 61 موظفًا.

يذكر أنه في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت PointCard أنها ستسحب أول منتج لها، بطاقة الخصم Neo، من الأسواق، ولم تستجب PointCard وM1 وStep لطلبات فوربس للتعليق.

وبعيدًا عن البنوك الرقمية التي تتعامل مباشرة مع المستهلك، يعمل مطورو الواجهات التكنولوجية الخلفية على تقليص أعدادهم.

على سبيل المثال، شهدت شركة DriveWealth – التي تتخذ من نيو جيرسي مقرًا لها، والتي يستخدم تطبيق Cash App تقنيتها للسماح للعملاء بشراء “أسهم جزئية” أو أقل من دولار واحد من الأسهم – انخفاضًا في قاعدة موظفيها من 298 إلى 292 موظفًا خلال الشهر الماضي، وفقًا لموقع لينكد إن، ولم تستجب الشركة لطلبات التعليق.

أما الشركة الناشئة Synctera، التي تقدم برمجيات “الخدمات المصرفية كخدمة”، وتساعد شركات التكنولوجيا المالية الأخرى على إطلاق ميزات مصرفية، فقد أصبح لديها حاليًا 112 موظفًا، مقارنة بـ 129 موظفًا في فبراير.

ويقول متحدث باسم الشركة: “في أوائل الربع الأول، أعدنا هيكلة فريق العمل ليتماشى بشكل أفضل مع أهداف العمل والنمو الحالية”.

وخلال الأسبوع الأول من شهر مايو، قامت الشركة الناشئة Vise – التي يقع مقرها في نيويورك، وتستخدم الذكاء الصناعي لإنشاء محافظ من الأسهم لمستشاري الاستثمار – بتسريح 20% من موظفيها، أو بالأحرى 20 شخصًا. وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة، سمير فاسافادا، لفوربس في رسالة بريد إلكتروني، “لقد صغرنا فريق عمل المبيعات في الشركة”.

وتقلَّص عدد الموظفين أيضًا في شركة التكنولوجيا المالية Clearco، التي يقع مقرها في تورنتو، وتقوم بتمويل شركات التجارة الإلكترونية من خلال اتفاقيات مشاركة الإيرادات، وهو ما ظهر في انخفاض عدد موظفيها على لينكد إن من 618 موظفًا في مايو ، إلى 582 موظفًا اليوم.

ولم تسلم شركة GoodLeap – التي تُقرض الأموال للمستهلكين لتحسين المنازل الصديقة للبيئة – هي الأخرى بعد أن كانت قيمتها قد بلغت 12 مليار دولار العام الماضي، إذ قامت الشركة مؤخرًا بتسريح 30 شخصًا، أي حوالي 2% من قوتها العاملة، إلا أن المتحدث باسم الشركة، جيسي كومارت، يقول إن الشركة تخطط لتنمية قاعدة موظفيها بشكل كبير هذا العام، مضيفًا، “إن الشركة تتمتع بالربحية وخالية من الديون”.

بيانات لينكد إن

لا تظهر بيانات تسريح العمال على منصة لينكد إن لأسابيع؛ لأن الموظفين لا يزيلون الشركات من حسابهم الشخصي، بل يعلنون أنهم فقدوا وظائفهم فور تركها، وقبل أن يعثروا على وظيفة أخرى.

كذلك تعكس بيانات لينكد إن أرقامًا أقل من الواقع تحديدًا على المدى القريب. على سبيل المثال، قامت شركة التحقق من الهوية Socure بفصل 69 موظفًا في منتصف يونيو ، وأظهر موقع لينكد إن انخفاضًا في 20 شخصًا فقط من مايو إلى يونيو.

وقامت شركة التكنولوجيا المالية Stash بتسريح نحو 40 شخصًا قبل شهر، لكن المنصة لم تُظهِر سوى انخفاضًا في ثمانية من الموظفين فقط من يونيو إلى يوليو.

وعلى ناحية اخرى نجحت بعض أكبر شركات التكنولوجيا المالية الخاصة بتجنب تسريح موظفيها حتى الآن، حيث قال المتحدثون الرسميون من Stripe وChime وPlaid وRamp، إنهم لم يقوموا بتسريح العمال، وليس لديهم خطط لذلك.