ثورة في الرعاية الصحية مع الأجهزة الطرفية القابلة للارتداء

  •  

    بقلم: نيك كوران

    مدير شركة إندافا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

    كشفت دراسة حديثة أجرتهاأب دايناميكس” AppDynamics، التابعة لشركة “سيسكو”، أن الغالبية العظمى من سكان دولة الإمارات العربية المتحدة تعتزم زيادة استخدام للتقنيات أو التطبيقات الصحية القابلة للارتداء خلال الأشهر الـ 12 القادمة.

    وأشارت الدراسة إلى أن 88% من المشاركين في منطقة الخليج يعتزمون استخدام الأجهزة الطبية القابلة للارتداء مثل أجهزة “فيت بت” أو الساعات الذكية خلال هذا العام، مقارنة مع 47% من المشاركين الذين يستخدمون بالفعل هذه الأجهزة حالياً. كما عبر 90% من المستجيبين في دولة الإمارات عن رغبتهم بقراءة القياسات الحيوية الصحية مثل معدل ضربات القلب، وضغط الدم، والنشاط البدني، ومعدل التنفس باستخدام الساعات أو الأجهزة الذكية الأخرى القابلة للارتداء.

    وبعد مرور عقد على الثورة التكنولوجية الأولى التي شهدتها ساعة اليد، باتت مسألة المراقبة الصحية الشخصية التي يقودها المريض من الممارسات المعتادة في حياة الكثيرين، وأصبح الناس على معرفة بالأجهزة الذكية القابلة للارتداء التي تنتجها الشركات المعروفة مثل “فيت بيت”، و”جارمن”، و”آبل” وغيرها. ومع ذلك، لا تمثل هذه الأجهزة القابلة للارتداء سوى أحد المظاهر البسيطة لتكنولوجيا الحوسبة الطرفية (Edge Computing)  التي تعد نموذجاً لتصميم البرامج التي يتم دمجها في أنظمة الرعاية الصحية.

    مع تقلص حجم الأجهزة الإلكترونية وانخفاض تكلفة ملكيتها، أصبحت بصمة “الحوسبة الطرفية” في الرعاية الصحية تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد المراقبة الطبية بجانب السرير، لتسهم في تسريع زمن استجابة الرعاية المنزلية وتعزيز كفاءتها بشكل كبير، ووسعت كذلك بشكل كبير من الاستخدامات الصحية للأجهزة القابلة للارتداء. هناك ثلاثة تطبيقات واسعة لتقنية الحوسبة الطرفية القابلة للارتداء في مجال الرعاية الصحية تتمثل في الوقاية من الضرر والحفاظ على الصحة، وإدارة المرضى، وإدارة الأمراض. وبالرغم من وجود العديد من هذه التقنيات منذ عقود، إلا أن هناك عددا من التقنيات الحديثة التي يمكن أن تصنف ضمن تكنولوجيا “إنترنت الأشياء الطبية” (IoMT).

    مع استمرار دراسة التأثير الثوري والكبير لتقنية الذكاء الاصطناعي على مختلف القطاعات، فقد بات قطاع الرعاية الصحية على وجه التحديد، يشهد دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي ضمن تكنولوجيا “إنترنت الأشياء الطبية” لتعزيز قدرات أنظمة الرعاية الصحية بالاستفادة من قوة البيانات الضخمة.

    ونظراً لارتباط الحوسبة الطرفية بالبيئة المبنية، فإنها تساهم في توليد كميات ضخمة من البيانات. يمكن استخدام العديد من “الأشياء الذكية” كمصادر حيوية لبيانات الرعاية الصحية والصحة العامة. وتشمل هذه “الأشياء” أجهزة مثل السماعات وأجهزة قياس التأكسج النبضي وغيرها. كما تشمل التجهيزات الشائعة مثل المعدات والأجهزة في الصالات الرياضية. ويمكن أن تعمل هذه الأجهزة مع بعضها البعض لتشكل شبكة تولد ملايين نقاط البيانات في الزمن الحقيقي.

    وهناك استخدامات محتملة واسعة لهذه البيانات، وتشمل قطاع الصحة العامة بأكمله، حيث يمكن استخدام هذه الكمية الهائلة من البيانات من قبل تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحديد مدى احتمالية وقوع وباء صحي أو التنبؤ به. كما ستمكن هذه البيانات الجهات الطبية من امتلاك نظرة عامة على التناقضات الصحية على مستوى المنطقة. ويمكن أيضاً للبيانات المجمعة والمجزأة أن تساعد شركات الأدوية في قياس مدى فعالية العلاجات والأدوية الجديدة في العالم الحقيقي.

    ويمكن لملفات تعريف بيانات الأفراد التي تمتاز بخاصية التحديث الذاتي أن تحدث ثورة في آليات الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض على مستوى المرضى، حيث تساهم الأجهزة القابلة للارتداء في الكشف المسبق عن الأعراض الرئيسية مثل ارتفاع ضغط الدم وتطور الأمراض، لتمكن مزودي الرعاية من إخضاع المريض للعلاج بشكل استباقي ووقائي، لتعمل هذه الأجهزة بمثابة نظام مراقبة وعلاج مغلق لجميع الأمراض الشائعة.

    وبالرغم من الإشارات الابتدائية الواعدة، إلا أن معدل تطور تكنولوجيا المستشعرات سيحدد مدى نجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأجهزة القابلة للارتداء.

    إن مدى نجاح أو فشل مختلف الأجهزة القابلة للارتداء السوق يستند إلى أداء أجهزة الاستشعار الخاصة به. وتمثل التطورات الحديثة الهائلة في تكنولوجيا المستشعرات السبب الأبرز وراء نجاح وانتشار تكنولوجيا “إنترنت الأشياء الطبية” بشكل عام. ويمكن تصنيف تقنية الاستشعار إلى ثلاث فئات هي:

    ـ الاستشعار عبر الجلديمكن لجيل جديد من الأقمشة الذكية قياس القدرات الحيوية للجسم مثل معدل ضربات القلب ودرجة الحرارة من خلال البشرة. كما يمكن أيضًا دمج مستشعرات مماثلة في الوشم لقياس ضغط الدم.

    ـ السوائل الحيويةيمكن لأجهزة الاستشعار الأخرى قياس إفرازات الجسم مثل العرق واللعاب والدموع والبول. يمكن أن تأخذ هذه الأجهزة شكل الأساور المصنوعة من البوليمر أو حتى الملابس الداخلية.

    ـ التناول المنتظم للأدوية: تقوم الضمادات الذكية والأجهزة المماثلة بإدارة جرعات الدواء عبر الجلد. على سبيل المثال، تعمل الحلقة الدائرية التي يتم إدخالها في العين على حقن البروستاجلاندين خلال فترات منتظمة في عيون مرضى الجلوكوما..... ، الأمر الذي يزيل أحد أبرز متوقعات العلاج المتمثلة في نسيان إعطاء المرضى لقطرة العين.

    وتمتاز الأجهزة المتطورة القابلة للارتداء بقدرات مراقبة متقدمة للعديد من المؤشرات البيولوجية. ومع ذلك، فإن أكثر الأجهزة تقدمًا من الناحية التكنولوجية ستفشل ما لم تتميز بالراحة وسهولة الاستخدام. كما إن اعتبارات الخصوصية ستؤثر أيضًا على مستقبل هذه الأجهزة، حيث إن الأجهزة الناجحة في صناعة التكنولوجيا الصحية المبتكرة ستكون تلك القادرة فقط على تحقيق كل هذه الأهداف.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن