هل السيارة الكهربائية مفيدة تماماً للبيئة؟

  • بقلم : د. رامي كمال النسور

    مستشار الأسواق المالية والاستدامة

     

    اكتسبت السيارات الكهربائية شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة كبديل أنظف وأكثر استدامة للمركبات التقليدية التي تعمل بالبنزين.

     

    وتشجيعاً لاستخدامها منعت بعض الدول أو المدن السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي من دخولها مثلما فعلت لندن في بريطانيا حيث إنها أصدرت قراراً يحظر دخول السيارات ذات المحرك التقليدي العاصمة ضمن ما يسمى بمناطق الانبعاثات المنخفضة للغاية (ULEZ).

     

     

    ومع تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ وتلوث الهواء، يرى الكثيرون أن السيارات الكهربائية هي حل واعد لتقليل الانبعاثات وتخفيف الأثر البيئي. ولكن يبقى السؤال: هل السيارة الكهربائية مفيدة للبيئة على الإطلاق؟ دعونا نتعمق في الجوانب المختلفة لفهم الصورة الكاملة.

     

    إن من أهم مزايا السيارات الكهربائية هو افتقارها إلى انبعاثات العادم. تنبعث من سيارات البنزين التقليدية ملوثات مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) وأكاسيد النيتروجين (NOx) والجسيمات الدقيقة، ما يساهم في تلوث الهواء وتغير المناخ. ومن ناحية أخرى، لا تنتج السيارات الكهربائية أي انبعاثات من عوادم السيارات، ما يقلل من تلوث الهواء ويحسن جودة الهواء، خاصة في المناطق الحضرية. في حين أن السيارات الكهربائية لا تنتج أي انبعاثات عند أنبوب العادم، فإن التأثير البيئي لشحن السيارة الكهربائية يعتمد إلى حد كبير على مصدر الكهرباء. إذا كانت الكهرباء تأتي من مصادر متجددة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو الطاقة الكهرومائية، فإن الفوائد البيئية تكون كبيرة. تنتج مصادر الطاقة المتجددة الحد الأدنى من انبعاثات الغازات الدفيئة ولها تأثير بيئي أقل مقارنة بالوقود الأحفوري.

     

    ومع ذلك، إذا كانت الكهرباء تأتي من محطات توليد الطاقة بالفحم أو الغاز الطبيعي، فإن الفوائد البيئية لقيادة السيارة الكهربائية تتضاءل. وفي حين أن المركبات الكهربائية لا تزال أكثر كفاءة في استخدام الطاقة من سيارات البنزين، فإن الانبعاثات المرتبطة بتوليد الكهرباء من الوقود الأحفوري يمكن أن تعوض بعض المكاسب البيئية.

     

    إن عملية تصنيع السيارات الكهربائية وبطارياتها لها أيضًا تأثير بيئي. ويتطلب إنتاج البطاريات، على وجه الخصوص، استخراج المعادن والمعادن النادرة، التي يمكن أن تستهلك الكثير من الطاقة وتضر بالبيئة. بالإضافة إلى ذلك، يمثل التخلص من بطاريات الليثيوم أيون أو إعادة تدويرها تحديات بسبب احتمالية النفايات السامة واستنزاف الموارد. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن التقدم في تكنولوجيا البطاريات وطرق إعادة التدوير يتحسن باستمرار، ما يقلل من التأثير البيئي لإنتاج السيارات الكهربائية والتخلص منها بمرور الوقت.

     

    عند النظر في التأثير البيئي العام للسيارات الكهربائية، من الضروري النظر إلى انبعاثات دورة حياتها، بما في ذلك التصنيع والاستخدام والتخلص منها. قامت العديد من الدراسات بمقارنة انبعاثات دورة حياة السيارات الكهربائية والبنزين، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مثل إنتاج الوقود، وإنتاج المركبات، وعدد الأميال المقطوعة.

     

    بشكل عام، خلصت معظم الدراسات إلى أن السيارات الكهربائية تنتج انبعاثات أقل خلال دورة حياتها مقارنة بسيارات البنزين، خاصة عندما تعمل بالطاقة المتجددة. ومع ذلك، فإن حجم خفض الانبعاثات يختلف تبعًا لمزيج الطاقة وأنماط القيادة في المنطقة.

     

    مع تزايد شعبية السيارات الكهربائية، هناك حاجة متزايدة للبنية التحتية لدعم اعتمادها على نطاق واسع، مثل محطات الشحن وتحديث الشبكة الكهربائية. ويتطلب بناء هذه البنية التحتية موارد وطاقة، الأمر الذي يمكن أن يكون له آثار بيئية.

     

    بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الطلب المتزايد على الكهرباء من المركبات الكهربائية إلى إجهاد الشبكة الكهربائية، خاصة خلال أوقات الشحن القصوى. لتقليل التأثير البيئي، من الضروري الاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة وتقنيات الشبكات الذكية التي يمكنها إدارة الكهرباء وتوزيعها بكفاءة.

     

    إذًا، هل السيارة الكهربائية مفيدة تمامًا للبيئة؟ على الرغم من أن السيارات الكهربائية توفر فوائد بيئية كبيرة، إلا أنها ليست خالية تمامًا من التأثير البيئي. تعتمد استدامة السيارات الكهربائية على عوامل مثل مصدر الكهرباء، وعمليات التصنيع، وإنتاج البطاريات، وتطوير البنية التحتية.

     

    لتعظيم الفوائد البيئية للسيارات الكهربائية، من الضروري الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين تكنولوجيا البطاريات وطرق إعادة التدوير، والاستثمار في البنية التحتية المستدامة. ومن خلال معالجة هذه التحديات وتبني نهج شامل للاستدامة، يمكن للسيارات الكهربائية أن تلعب دوراً حيوياً في الحد من الانبعاثات، وتحسين جودة الهواء، والتخفيف من تغير المناخ.

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن