بقلم : لطيفة زناينة
مستشارة في استراتيجيات الذكاء الاصطناعي، متخصصة في التواصل في قطاع الفنادق الفاخرة ومحللة بيانات في السياحة الدولية – شركة الاستشارات إيليت كونسلتينغ، مقرها باريس
ثلاث دقائق قراءة قد تغير نظرتك لقطاع الفنادق.
في عالم أصبحت فيه المرونة والبيانات والتجارب الشخصية هي المعايير الجديدة للمسافرين، يبدو أن الفنادق التقليدية تفقد مكانتها لصالح الإيجارات الموسمية. هل هو تراجع حتمي أم تحول استراتيجي؟ تحليل.
نمو لا يُقاوم للإقامات البديلة
تكشف النتائج الفصلية الأخيرة لـ Airbnb و Booking Holdings عن اتجاه عالمي لا يمكن تجاهله. الإقامات البديلة – مثل الشقق، الفيلات، الأكواخ أو القوارب – تجذب المزيد من المسافرين حول العالم.
Airbnb: المرونة كنموذج للصمود
مع 143.1 مليون ليلة محجوزة (+8%) وإيرادات تجاوزت 2.3 مليار دولار، تُثبت Airbnb أن نموذجها قادر على التكيف حتى في أوقات عدم الاستقرار العالمي. كما قال الرئيس التنفيذي بريان تشيسكي: "بغض النظر عما يحدث في العالم، سيستمر الناس في اختيار Airbnb".
Booking: عملاق آخر يراهن بقوة على الإيجارات
Booking ليست بعيدة عن الركب. مع 319 مليون ليلة محجوزة (+7%) وهامش ربح فصلي قدره 1.1 مليار دولار، يعزز العملاق استراتيجيته في الإيجارات قصيرة الأجل. النمو في هذا القطاع لا يزال في خانة الأرقام المزدوجة – إشارة قوية.
الأزمة كمحفز لتغيير السلوكيات
بعيدًا عن الأرقام، تتغير سلوكيات المسافرين. أدت الجائحة، تليها الشكوك الاقتصادية، إلى تعزيز الرغبة في الاستقلالية والمرونة، مما جعل النماذج التقليدية أقل جاذبية لبعض العملاء.
الإقامة "الجافة": استجابة لرغبة الاستقلالية
يعتمد نجاح الإيجارات الموسمية على وعد بسيط: الحرية الكاملة. اختيار الجداول الزمنية، الطهي الذاتي، استقبال الأصدقاء... يصبح المسافر مشاركًا نشطًا في رحلته. تحول واضح عن النموذج الفندقي التقليدي.
التجربة الفندقية: رفاهية تحتاج لإعادة ابتكار
لا تزال الفنادق الفاخرة تمتلك مزايا. لكن يتعين عليها تقديم أكثر من مجرد سرير مريح: يجب أن تخلق تجربة، تروي قصة، وتقدم لمسة إضافية. الفنادق التي تنجح هي تلك التي تترك انطباعًا لا يُنسى.
السباق نحو البيانات والظهور
المعركة الحقيقية تدور في المجال الرقمي. تتقن المنصات الخوارزميات التنبؤية، قنوات التحويل، وتحسين تجربة المستخدم. ميزة حاسمة.
حرب التسويق الرقمي: أرقام تثبت ذلك
استثمرت Airbnb 563 مليون دولار في التسويق الرقمي في فصل واحد (+9.5%). هذه القدرة على جذب الانتباه عالميًا تجعل المنافسة شرسة... وغير متكافئة.
المنصات مقابل سلاسل الفنادق: الفجوة تتسع
تواجه سلاسل الفنادق صعوبات في اللحاق بالركب. بطء في اتخاذ القرار، عروض غير متميزة، اعتماد على وكالات السفر عبر الإنترنت... تتسع الفجوة التكنولوجية والمالية بين عمالقة الرقمنة والفنادق التقليدية.
اختيار العميل: الميزانية أم القيمة المتصورة؟
المسافر اليوم لا يشتري سريرًا فقط، بل يشتري وعدًا. السعر يجذب، لكن القيمة المتصورة، تماسك التجربة، والمشاعر الملموسة تصنع الفارق على المدى الطويل.
أهمية تخصيص الإقامة
في المستقبل، سيكون التميز التنافسي من خلال الذكاء الاصطناعي. من التحليل السلوكي إلى التوصيات في الوقت الحقيقي، فإن التخصيص التنبؤي سيبني ولاء المسافرين.
التنظيم: العامل الحاسم الذي قد يغير كل شيء
في مواجهة الشكاوى المتزايدة بشأن السياحة الزائدة، تتخذ العديد من المدن إجراءات. تحديد عدد الليالي، التصاريح الإلزامية، الضرائب المحلية: يتم تنظيم رد عالمي.
باريس، طوكيو، ريو: التحول العالمي
لا تعرف هذه الظاهرة حدودًا. في أمريكا اللاتينية، آسيا، أو أوروبا، تعيد المدن تقييم نموذجها السياحي، محاولة تنظيم الابتكار دون كبحه. معادلة معقدة ولكنها ضرورية.
نحو نماذج هجينة؟
ماذا لو كان المستقبل لا يقتصر على الفنادق أو Airbnb، بل يجمع بين الاثنين؟ نرى صعودًا للمفاهيم الهجينة: إقامات مع خدمات فندقية، فنادق بإدارة رقمية، أو إيجارات مزودة بتجارب فاخرة.
الخلاصة
الإيجارات الموسمية ليست تهديدًا. إنها مرآة لتوقعات المسافرين الجديدة: المرونة، التخصيص، الاستقلالية.
يمكن للفنادق التقليدية الصمود، بل والانتعاش... بشرط أن تعيد ابتكار نفسها جذريًا، وتتبنى التكنولوجيا، البيانات، العاطفة، والتجربة.
الأسئلة الشائعة
1. هل الإيجارات الموسمية أرخص من الفنادق؟
نعم، غالبًا. لكن الخدمات، الموقع، والفترة الزمنية تؤثر بشكل كبير على الأسعار.
2. هل يمكن للفنادق منافسة المنصات؟
نعم، إذا أصبحت بنفس القدر من المرونة، التخصيص، والرقمنة مثل منافسيها.
3. هل يمكن للتنظيم كبح Airbnb؟
يمكنه تنظيمها، لكن ليس إيقافها. الطلب هيكلي وعالمي.
4. ما هو التأثير على الفنادق الاقتصادية؟
كبير. ينتقل العديد من العملاء إلى الإيجارات الموسمية، التي تعتبر أكثر مرونة وبأسعار معقولة.
5. هل هناك مستقبل للنموذج الهجين؟
نعم. إنه حتى مسار الابتكار الفندقي: مرونة الرقمنة، وجودة خدمة الفنادق.
