نبضات "المحكمة الرقمية" .. وحلم العدالة الناجزة

  •  

         بقلم : خالد حسن

    لعل من أهم التحديات التي تواجه عملية تطوير قطاع القضاء بالمحاكم هو تكدس عدد القضايا بصورة كبيرة مما يؤدي إلى تأخر صدور الأحكام القضائية النهائية في الآلاف من القضايا لفترات زمنية تصل في بعض الحالات إلى سنوات خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار حق الاستئناف الذي يكفله القانون للمتنازعين  والمحكوم عليهم .

    ورغم المناداة منذ سنوات طويلة بضرورة العمل على الحد من طول فترة التقاضى " الناجمة عن كثرة عدد القضايا مع قلة عدد القضاة " والوصول إلى العدالة " الناجزة "وضرورة مواكبة التطوير التكنولوجي والاستفادة من تعميم استخدام الكمبيوتر في تسريع عملية التقاضي من خلال بناء قاعدة بيانات الكترونية ضخمة يتم بتغذية الكمبيوتر بكل البيانات والمعلومات الخاصة بالقضايا " مع تصنيفها وفقا لعدة فئات " وكذلك الأحكام القضائية المسبقة بحيث تساعد هذه القاعدة القاضي فى اتخاذ حكمه النهائي في قضية الأمر الذي يساعد في تسريع عملية التقاضي لاسيما أنه من التعارف عليه في المحاكم أنه يمكن الاسترشاد والرجوع لبعض الأحكام السابقة دون أن يكون ذلك محل شك أو اعتراض من جانب المتنازعين .


    ومؤخرا وقعت  المحكمة الدستورية العليا بروتوكول تعاون ، لمدة 3 سنوات بميزانية مالية تتجاوز 38 مليون جنيه ، مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لاستكمال ميكنة وتطوير منظومة العمل بالمحكمة الدستورية العليا لتعزيز استخدام أحدث النظم التكنولوجية في تطوير وتحديث منظومة العمل الإلكترونية الداخلية للوصول الى مفهوم " المحكمة الدستورية الرقمية " وتطوير عملية التقاضي الالكتروني ورفع جودة الخدمات الرقمية التي تقدمها مع تحقيق التواصل الرقمي مع مؤسسات الدولة المختلفة، بجانب توثيق وحفظ تراثها رقمياً وإتاحة المعلومات على موقعها الإلكتروني لتقليل الاعتماد على البيئة الورقية واختصار زمن الفصل في الدعاوى وتيسير سُبل التقاضي؛ وذلك من خلال منظومة إلكترونية ، مع العمل بالتوازي في مسار التدريب وتنمية المهارات الفنية للعاملين في المحكمة في كل مجالات تكنولوجيا المعلومات.

    وتأتي هذه الخطوة بعد قيام وزارة الاتصالات وهيئة قضايا الدولة ـ العام الماضي ـ بتوقع بروتوكول لتنفيذ مشروع ميكنة وتطوير وتحديث منظومة العمل القضائي والإداري بالهيئة بميزانية تتجاوز 120 مليون جنيه بهدف تطوير العمل القضائي والإداري من خلال تنمية استخدام المعاملات الإلكترونية والوسائل التكنولوجية الحديثة، والمساهمة في تحقيق التحول إلى المجتمع الرقمي وبناء مجتمع معلوماتي عصري، ودعم كفاءة إدارة الأنشطة الحكومية، وتنمية الموارد البشرية والفنية للعاملين لدى الطرفين، وتطوير التطبيقات والبرامج الموجودة بالهيئة والمستحدثة من خلال تطبيق البروتوكول لتكون قابلة للاستضافة على أسس الحوسبة السحابية وغيرها من  احتياجات البنية التكنولوجية كما يتضمن البروتوكول التعاون المشترك في تنفيذ مشروع نشر تطبيقات مشروع برنامج القضايا والبرامج الإدارية، وتطوير مشروع أرشفة قضايا ووثائق الهيئة، وتطوير بوابة موحدة لخدمات هيئة قضايا الدولة .

    ولعلنا نتفق على أن  تحسين خدمات التقاضي يعد من أهم متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام لمواكبة التطورات المتلاحقة فى عصر المعلومات لاسيما في ظل تزايد عمليات سرقة وتبديد وإتلاف العديد من المستندات الورقية المهمة للفصل في آلاف من القضايا سواء من قبل بعض المحامين أو من قبل المحاكم نفسها الأمر الذي يتطلب ضرورة التدخل بقوة من جانب وزارة الحق لحماية حقوق المواطنين الذين لا يجدون أمامهم إلا القضاء للحصول على حقوقهم .

    نعتقد أيضا أنه يمكن للتكنولوجيا المساعدة في تحسين أداء القضاة أنفسهم بما يتواكب مع التغيرات المتلاحقة من خلال توفير موقع إلكتروني يتضمن قاعدة محدثة من القوانين " التي تم تغيرها أو تعديلها " والأحكام القضائية الحديثة سواء على المستوى المحلي أو العالمي وخاصة فيما يستجد من جرائم " كالجرائم الإلكترونية ـ ونزاعات حقوق الملكية الفكرية في مجال البرمجيات " .

    نتوقع في ظل حرص الحكومة المصرية ، ممثلة في وزارتي العدل والاتصالات ، على اتخاذ خطوات إيجابية في مجال ميكنة مختلف المؤسسات والجهات التابعة لها أن يكون عنصر تأهيل القضاة تكنولوجيا وتوفر الأدوات المساعدة على جدول أجندتها بما ينعكس إيجابا على انخفاض الفترة الزمنية لصدور الأحكام القضائية بين المتنازعين وعودة الحق لأصحابه .

    نتطلع في ظل الحديث عن مصر الرقمية  عن توجه وزارة العدل نحو مزيد من ميكنة كل عمليات التقاضي المعمول بها في المحاكم والنيابات والهيئات القضائية بما يتيح للمتقاضين إمكانية معرفة الأوراق المطلوبة منهم عبر الإنترنت وكذلك متابعة إجراءات سير القضية عبر الإنترنت مع الاحتفاظ بصورة رقمية من كل المستندات التي يتم تقديمها للمحكمة لاسترجاعها إلكترونيا في أي وقت " للقضاء على عمليات التلاعب واختفاء أو سرقة بعض تلك المستندات " كما ستتاح أمام المتقاضين إمكانية الحصول على صورة إلكترونية من الأحكام القضائية النهائية بعد صدروها في أي وقت من خلال موقع إلكتروني على الإنترنت.

    نؤكد أنه من المهم سرعة تنفيذ عملية الميكنة لكل جهات وزارة العدل على مستوى كل المحافظات وبصورة متوازنة بحيث يكون هناك تطوير شامل لجميع المحاكم القضائية بما ينعكس بشكل إيجابي على زيادة الثقة في إجراءات التقاضي بالمحاكم والنيابات العامة بجانب تسريع تلك الإجراءات واختصار الفترة الزمنية لصدور الأحكام القضائية النهائية ولاسيما أن تأخر العدالة يؤدي إلى تزايد شعور الإحباط لدى كل المظلومين ويجعلهم يائسين من حصولهم على حقوقهم .

    في النهاية نعتقد أن ميكنة إجراءات التقاضي بوزارة العدل سيؤدي إلى زيادة الشفافية في متابعة هذه الإجراءات بما يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة القضاة ومتابعتهم ومراجعتهم لكل الإجراءات السابقة ومدى سلامتها من الناحية القانونية لاسيما عند انتقال القضية من محكمة لأخرى .

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن