بقلم : خالد حسن
"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" .. صدق الله العظيم
شهر رمضان المعظم ..شهر الصيام ، وصلاة القيام ، وقراءة القران ، التفكير ، والتامل ، والاحسان ، والتراحم ، والتأخى ،والتعاون على البر والتقوى واطعام الفقراء وتهذيب السلوك .
فشهر رمضان المعظم ، كما يقول علمائنا ، ليس مجرد شهر في التقويم الإسلامي، بل هو رحلة روحانية فريدة تعيشها القلوب قبل الأجساد. إنه ذلك الوقت من العام الذي تتحول فيه الأيام العادية إلى محطات غنية بالسكينة والارتقاء الروحي. يبدأ اليوم الرمضاني بساعات السحور، حيث يسود هدوء الفجر وتُشحذ النفوس بنية الصيام. هذا المشهد البسيط في ظاهره يحمل في داخله عمقاً روحانياً عظيماً، يجمع الأسر حول مائدة واحدة في لحظات تقوي الروابط بينهم وتجدد العزيمة لبداية يوم مليء بالبركة.
ومع مرور ساعات الصيام، يتزايد الشعور بالانضباط والصبر. هذه التجربة اليومية تُعلمنا أن الجوع والعطش ليسا نهاية المطاف، بل هما نافذة للتعاطف مع الآخرين الذين يعيشون هذا الواقع بشكل دائم. ومع مغيب الشمس، تُقرع الأذان لتنادي الجميع للإفطار، وهو لحظة مفعمة بالألفة والمحبة حيث يجتمع الأهل والجيران والأصدقاء حول موائد مليئة بالخير.
اذ تتنظر هذا الشهر المبارك بروحانيات عالية وبحفاوة وسعادة بالغة ، فهو شهر اوله رحمة ووسطه مغفرة واخره العتق من النار ،وهى الجائزة الكبرى التى ينتظرها الجميع ، والذى تفتح فيه ابواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين وتفتح فيه كافة ابواب الخير والتضامن الاجتماعى.
شهر رمضان المبارك هو فصل تزدهر فيه قيم الرحمة والعطاء بأبهى صورها. إنه شهر تتقارب فيه القلوب وتتوحد فيه الجهود لإحياء روح التكافل الاجتماعي، حيث تُستنهض أسمى معاني الإنسانية والتآزر. يعلمنا رمضان أن قوة الأمة الحقيقية تكمن في تماسك أفرادها، وأن السعادة العميقة تُولد من عطاءٍ يُخفف عن الآخرين معاناتهم. في هذا الشهر الفضيل، تُتاح الفرصة لبناء مجتمع أكثر تلاحماً ورحمة، مستنداً إلى التكافل الاجتماعي الذي يُعد من أعظم مبادئ الإسلام. هذا التكافل يشكل الأساس لمجتمع مترابط يقوم على التعاون والتراحم، ويُعزز أواصر المحبة وروح الإخاء بين الجميع.
فى الحقيقة من أهم مظاهر شهر رمضان هو تجمع الناس فى المساجد لاداء الصلاة ، وبصفة خاصة صلاة القيام والتهجد ، والاستماع الى اراء العلماء والتعرف على صحيح الاسلام والعمل على مد جذور التعاون فيما بينهم ومن ثمة نامل ان ننتهز ايام هذا الشهر الفضيل لعودة اللحمة الى الشعب المصرى ونبذ العنف لنعود كشعب واحد له مرجعية دينية واحدة ، وهى صحيح الاسلام وما يمثله الازهر الشريف بعلمائه وابنائه ، نريد ان تتجلى روحانيات رمضان فى مد اواصر التفاهم والتعايش السلمى بين جميع ابناء الوطن وعدم الخلط بين مفهوم الاختلاف السياسى وعقائدنا الدينية ، والاعتماد عليه فى اصدار احكام وفتاوى دينية خاطئه ، وان نتعلم حقيقة ما جاءت به الرساله المحمدية التى من اهم اهدافها العداله والمساواه وتذويب الفوارق الاجتماعية والاقتصاديه بين بني البشر ...
وفى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة فان التقارب بين جميع افراد المجتمع هى أهم ثمار الشهر الفضيل لذلك جعل الاسلام من مبداء التكافل الاجتماعي مصدرا واحيــاء لرابطة الاخوة في هذا المجتمع قال تعالى" انما المؤمنون اخوه " فلا اخوه بدون تكافل اجتماعي لبناء واستقرار الوطن الذى يسعنا جميعا لذلك ينبغي القول بأن كل فرد في هذا المجتمع لا يجب يشعر بالعزله الاجتماعية أو يسعى اليها " بتصرفات ومماسات غير شرعية او قانونية ، لانه من تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف التفاعل مع كل شرائح المجتمع ، بصرف النظر عن انتمائتها السياسية والاقتصادية ، بشرط الالتزام بمبدأ لا ضرر ولا ضرار .
خلال رمضان المعظم، يتجلى مفهوم التكافل بوضوح من خلال العبادات العملية التي تشمل الصدقات، زكاة الفطر، وإفطار الصائم. هذه الأعمال ليست مجرد شعائر، بل هي جوهر الدين الذي يُذكّرنا بأن المجتمع كالبنيان المرصوص. الإسلام يُعلّمنا في هذا الشهر أن العطاء هو طريقنا نحو الإحساس بالآخرين، سواء كانوا فقراء، مرضى، أو وحيدين.
وبالطبع يتميز الشعب المضرى ، بصورة عامة، بحبه لفعل الخير ومساعدة المحتاجين والبحث عن أوجه التكافل المجتمعى ولذلك نتمنى ان تنجح المؤسسات الخيرية والمؤسسات المجتمعية فى تخصيص جزء من اموال الذكاة والصدقات التى تصل اليها للتوسع اكثر فى اقامة مشروعات تنموية صغيرة ومتناهية الصغر بما يؤدى الى مساعدة الاسر الفقيرة على تجاوز حدود الفقر وخلق الالاف من فرص العمل للشباب والاسر الفقيرة وان يكون لديهم مصدر دخل مادى ثابت يساعدهم ويغنيهم بصورة نهائيه عن الحاجة الى المساعدة المالية وذلك بدلا من التركيز على التبرع للمنشات العلاجية والمستشفيات والتى اعتقد انها تمتلك الادوات والاعلانات والقدرة منذ سنوات للحصول على ما تريده من تمويل ، ونحتاج لمعرفة هل تتناسب نتائجها مع حجم التمويل الذى جمعته ، على حين لا تمتلك الكثير من الاسر " المحتاجة " لنفس هذه القدرة علاوة على ان اغناء الاسرة سيجعلها قادرة على توفير العلاج لافراد العائله .
فى النهاية نؤكد ان من اهم فضائل شهر رمضان أنه يساهم في تحقيق التكافل بين أفراد المجتمع وهذا يوثق العلاقات الاجتماعية بين الناس على مستوى الأسرة والعائلة والقرية والمدينة والدولة وعلى مستوى الأمة الإسلامية، وبذلك يتحقق المجتمع المتكافل الفاضل ومن ثمة فان نأمل ان القيم الإيمانية وقيم الحب والأخوة والإيثار والتعاون التى غرسها الصيام في المسلم خلال شهر رمضان ان تثمر عن مجتمع مصرى واحد مصدقا لقول رسولنا محمد "صلى الله عليه وسلم " : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"
بقى ان نسأل الله فى الشهر المعظم ان ..
يتقبل منا الصلاة والقيام وصالح الاعمال ..
اللهم اجعلنا من عتقاء شهر رمضان ويبلغنا ليلة القدر..
اللهم اررزقنى فيه رحمة الايتام واطعام الطعام وافشاء السلام وصحبة الكرام ..
اللهم افتح لنا فيه ابواب الجنان واغلق عنا فيه ابواب النيران ووفقنا فيه لتلاوة القران ..
اللهم اجعل لنا فيه الى مرضاتك دليلا ولا تجعل فيه للشيطان علينا سبيلا واجعل الجنة لنا منزلا ومقيلا..