تقزيم الصين ..والاستخفاف بطموح "هواوى" التكنولوجى

  •     بقلم / خالد حسن

    باتت التكنولوجيا احد اهم الادوات التى تعتمد عليها الدولة فى حروبها الاقتصادية مع الدول الاخرى ، التى ترى انها تحقق تقدما ملموسا فى علاقاتها التجارية ، ولعل خير دليل على ذلك هو قيام وزارة التجارة الامريكية ، استجابة لرغبة الرئيس الامريكى ترامب ، بوضع شركة " هواوى " العالمية للاتصالات ، ونحو 70 شركة تابعة لها بالقائمة السوداء والتى بموجبها يحظر القانون الامريكى على اى شركة امريكية تقديم منتجاتها او حلولها الى الشركات التى يتم وضعها بهذه القائمة ومن هنا راينا ، خلال الاسبوع الماضى ، العديد من شركات التكنولوجيا الامريكية ، تضطر للاعلان عن وقف تعاملها مؤقتا مع شركة "هواوى " التزاما بقانون التجارة الامريكى والا تعرضت لفرض عقوبات وغرامات مالية ضخمة .

    وبالطبع فان وقف شركات التكنولوجيا الامريكية  للتعاون مع شركة "هواوى " هو ضحية الصراع " السياسى _ التجارى " بين حكومتى كل  الولايات المتحدة الامريكية والصين وليس نابع عن وجود تضارب فى المصالح الاقتصادية او منافسة غير مشروعة او ممارسات تجارية غير قانونية  بل على العكس فان هذه الشراكة كانت فى مصلحة الطرفين ، وربما كانت ايضا فى صالح المستخدمين حول العالم ، ووليس هناك ادل على ذلك من صدور تقارير حديثة ، اجرته مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار من داخل الولايات المتحدة ، تؤكد أن التأثير المحتمل للقيود الشديدة على الصادرات على التكنولوجيا الامريكة ربما يكبد الشركات والاقتصاد الأمريكى خسائر ربما تتجاوز 56 مليار دولار من دخل الصادرات على مدى خمس سنوات وأن الفرص الضائعة تهدد ما يصل إلى 74 ألف وظيفة.

    وفى الحقيقة نريد ان نؤكد على مجموعة من النقاط حول طبيعة هذا الصراع التجارى " الامريكى _ الصينى " والذى يحاول ان يضع شركات التكنولوجيا من كلا البلدين كوقود وضحايا أساسين وتناسى مصالح المستخدمين حول المعمورة وامكانية فقدان ثقتهم فى التكنولوجيا كاحد اهم أدوات العالم الرقمى الحالى وتحسين نمط حياة البشرية فى المستقبل البعيد وفتح الباب لامكانية العودة مرة اخرى للجزر التكنولوجية المنعزلة واحباط طموحات شركات التكنولوجيا وهو ما سيكون له تاثير سلبى كبير على تعزيز الشراكات العالمة لتطوير التكنولوحيا وتنمية االطلب العالمى على التقنيات .

    ولعل من اهم النقاط ، التى نوجزها فى السطور التالية أن شركة " هواوى " هى التى تقود بقوة تقنيات الجيل الخامس" 5G  " لمعدات وشبكات الاتصالات وهى بالفعل تسبق غالبية منتجى هذا التقنيات بنحو عامين او ثلاثة ، وفقا لما اكده رن تشنج مؤسس الشركة مؤخرا ، حيث تعد تقنيات  ال " 5G " قفزة نوعية كبيرة وليس مجرد انتقال من جيل لجيل لتكنولوجيا المحمول وبالتالى فانها حاليا فى موقع قوى كمورد الشبكات لمشغلى المحمول على مستوى العالم وان القيود الأمريكية لن تؤثر على منتجات الشركة خاصة فى

    تتجاوز 29 % من اجمالى السوق وبالتالى فهى شركة ذات امكانيات لا يستهان بها ، على مستوى البحث والتطوير والتصنيع وقدرات تنافسية تسويقة وجيش من العاملين بها يتخطى ال 200 الف عامل ،ولا يعتقد ان الحكومة الصيينية ستسمح بانهيار او تراجع هذا الكيان الضخم والت ىبات احد الرومز "البراند نيم قطاع تكنولوجيا اتصالات الجيل الخامس .

    ثانيا تتجاوز مبيعات " هواوى " فى العام الماضى من الهواتف المحمولة نحو 200 مليون هاتف نصفها تقريبا يباع داخل الصين والباقى فى كافة دول العالم وهى تحتل المركز الثانى عالميا فى سوق الهواتف المحمولة بحصة "  لقوة ونهضة الصين التكنولوجية .

    ثالثا لدى" هواوى"  نظام تشغيل لهواتفها ،وتعمل به داخل الصين ، ولكن عليها، سريعا ، تطوير هذا النظام ليتناسب مع احتياجات المستخدمين خارج الصين وهنا انوه الى ما اعلنه ريتشارد يو، الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال الاستهلاكية في "هواوي " إن نظام التشغيل الخاص بالشركة سيظهر لأول مرة قريبا في خريف هذا العام.

    رابعا تعمل " هواوى " منذ فترة على تطوير رقائق الكترونية خاصة بهواتفها ، ونجحت بالفعل فى استخدامها فى بعض هواتفها المحمولة ، وبالتالى نتوقع قريبا ان تكون الشركة قادرة على تلبية متطلبات جميع هواتفها والاستغناء عن الرقائق من الشركات الاخرى  بما فى ذلك الشركات الامريكية التى اعلنت عن مقاطعتها .

    خامسا وقف "جوجل " لتحديث تطبيقاتها من العمل على هواتف "هواوى "ربما يضر اكثر "جوجل" من "هواوى" حيث ان أصحاب الهواتف الحالية لن يقوم بالاستغناء عن هواتفهم، التى يمتلكونها، بقدر ما البحث عن بدائل مناسبة لتطبيقات " جوجل " ، نظرا لانهم لن يتمكنوا من تحديثها بصورة دورية ، مع الاخذ فى الاعتبار ان "جوجل" سرعان مع حرصت على التاكيد انه بالنسبة لمستخدمى خدماتها الحاليين سيظل "جوجل بلاى" والحماية الامنية التى يوفرها "جوجل بلاى بروتكت " يعملان على هواتف "هواوى" الحالية وانه يمكن استخدام وتنزيل تحديثات للتطبيقات التى تقدمها جوجل .

    سادسا  تاثير هذا القرار على تغير هيكل المنافسة فى السوق العالمى للهواتف المحمولة ربما يكون محدود وربما يخدم مصالح بعض الشركات الصينية الاخرى مثل "شاومى وأوبو " بصورة اكبر وكل من " ابل وسامسونج " بصوة اقل وذلك فى الاجل القصير ولكن فى الاجل الطويل اعتقد ان " هواوى " ستتجاوز اثر هذا القرار ، وضعه فى القائمة السوداء الامريكية ، الا اذا قررت اوروبا الانضمام الى الحكومة الامريكية وهو ما لم يظهر اى مؤشرات عليه حتى الان  لاسيما مع الاعلان عن مهلة مؤقته لمدة 3 شهور لبدء تنفيذ هذا المقاطعة وهو ما ينم عن وجود احتياج اكبر من جانب الشركات الامريكية ولاسيما مشغلى شبكات الاتصالات لتقنيات " هواوى " وانهم فى حاجة ماسة لتوفير البديل لها .

    أخيرا بالنسبة للسوق المحلى ، أتصور ان الشركة سيكون لها بدائل لتطبيقات جوجل وستعمل على توعية المستخدمين الحاليين والجدد بها وكذلك العمل على دعم مطورى التطبيقات المحليين لطرح تطبيقات جديدة تتناسب مع نظام تشغليها ، التى تعمل به داخل الصين ، اذا ما قررت الشركة الاستغناء نهائيا عن نظام "اندوريد " مفتوح المصدر وهو ما يحتاج الى وقت لا يقل عن 3-6 شهور على الاقل مع الاخذ فى الاعتبار أن " هواوى "تحاول منذ فترة جذب المطورين لتطوير التطبيقات وإطلاقها على متجر" Huawei App Gallery " الخاص بها وأخبرت المطورين أنهم سيصلون إلى أعداد ضخمة من المستخدمين في الصين، بالإضافة إلى 50 مليون مستخدم في أوروبا ، إذا ما قرروا إطلاق تطبيقاتهم على متجر " Huawei App Gallery " حتى أنها وفرت طريقة بسيطة للمطورين لجعل التطبيقات التي طوروها لمتجر Google Play Store متوافقة مع متجرها .

    فى النهاية نؤكد ان هذه المقاطعة لشركات التكنولوجيا الامريكية للتعاون مع " هواوى " الصينية لن تكون فى مصلحة أحد ويجب ان تكون العلاقات التجارية والاقتصادية بين الشركات ، لاسيما التكنولوجية ، بعيدا عن المناورات والمفاوضات السياسية فالمستخدم النهائى على مستوى العالم لم يعد يتحمل مزيد من الاخطأ من قبل الحكومات والساسة وهم يجلسون فى مكاتبهم المكيفة ويتخذون قرارات غير مدروسة تؤدى فقدان مئات الالاف من العاملين لوظائفهم بدون اى ذنب. 

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن