جيتكس 2024... وبداية لشراكة تكنولوجية "مصرية – خليجية "

  • نبضات

        بقلم : خالد حسن

    لم تعد التكنولوجيا وثورة الاتصالات شيئا من الرفاهية بل أصبحت تشكل جزءًا مهمًا من حياتنا اليومية وتلعب دوراً اساسيا في تشكيل المجتمعات وتحفيز الانسان للابتكار للمستقبل ناهيك عن دورها الاستراتيجى كقاطرة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجتمعاتنا العربية لمواكبة التغيرات العالمية وتوفير بيئه جاذبه للعمل والاستثمار واحتضان العقول العربية ومن هنا ياتى اهتمام الحكومات العربية بدعم وتوطين صناعة تكنولوجيا المعلومات كواحدة من اهم الصناعات التى سترسم مستقبلنا وما اذا كنا قادرين على الانتقال من صفوف الدول المستهلكه للتكنولوجيا الى صفوف الدول المنتجه والمصدرة لها .

    وفى الحقيقة تعد قضية فتح أسواق جديدة لصناعة التكنولوجيا والبرمجيات المصرية هى القضية الرئيسية التى تشغل حيز كبير من تفكير الكثير من شركات البرمجيات المحلية وكذلك الكيانات الحكومية المعنية بتنمية وتطوير هذه الصناعة اعتمادا على ما نمتلكه من مقومات وإمكانيات .

    ولعله من المهم أن نتفق على أن قضية زيادة وتشجيع صادراتنا التكنولوجية والتى تناهز حاليا 6 مليار دولار ، ومن المخطط الوصول بها الى 10 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة ، لن تحدث بين يوم وليلة ولن يقوم بها أحد نيابة عن شركات البرمجيات المصرية ولن نستطيع فى ظل المنافسة الدولية الشديدة تصدير اى برنامج أو تطبيق لا يراعى المواصفات والمعايير الدولية فى هذا المجال كذلك من الضرورى التأكيد على أهمية دور المعارض الدولية المتخصصة فى فتح أسواق جديدة لصناعة البرمجيات المصرية.

    واذا كنت لست مع المتشائمين الذين يرون أن الأمور كلها سيئة وأن الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها العديد من الدول العربية ، ومنها وطننا مصر ، يمكن ان نتجاوزها عبر تنظيم الادارة بل على العكس فرب ضارة نافعة إذا عادة ما تلعب مثل هذه الأزمات دور الكشاف الذين يتيح لنا التميز بين الغث والثمين وبين من لديه رؤية وإستراتيجية مستقبلية يسعى لتحقيقها وبين من يلهث وراء ضربة حظ او الفرص العابرة ناهيك عن هذه الازمات تجعلك تفكر جيدا فى كيفية الاستغلال الامثل لكافة مواردك المتاحة .

    وتأتى الدورة الرابعة والأربعون لمعرض ومؤتمر " جيتكس جلوبال دبى 2024 " وما يتزامن معها من عدد من الفاعليات منها "جيتكس إمباكت، وقمة ومعرض المستقبل العمراني للمدينة الذكية، وإكسباند نورث ستار، ومعرض فينتك سيرج، ومؤتمر جلوبال ديف سلام، وقمة مستقبل البلوك تشين، وعالم الذكاء الاصطناعي " فى ظروف ، أرها أنها الأفضل على الاطلاق بالنسبة لدعم مفهوم ريادة الاعمال ودعم وتمويل الشركات الناشئه والصغيرة العاملة فى مجال تكنولوجيا المعلومات ، إذ تشير التقارير العالمية إلى أنه وبالرغم من التحديات الاقتصادية الحالية، فإن شركات التكنولوجيا الناشئه فى منطقة الشرق الاوسط نجحت فى جذب استثمارات مالية بقيمة 2.3 مليار دولار من خلال 414 شركة ناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى 2023 على حين شهد النصف الاول من عام 2024 جذب شركات التكنولوجيا الناشئه لنحو مليار دولار رغم كافة التحديات الاقتصادية .

    كذلك المتابع لسوق تكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وتسجيله معدلات نمو تجاوز 2 %  وكونه يحقق واحد من أعلى معدلات النمو من الأسواق رئيسية أخرى ،بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان ، اذ من المتوقع أن تتجاوز قيمة الإنفاق على تكنولوجيا والاتصالات بالمنطقة في عام 2024 نحو 184 مليار دولار بزيادة تبلغ نسبتها 5.2% عن العام الماضي 2023 حيث بلغت 176.8 مليار دولار ، وذلك وفقا لتوقعات تقرير مؤسسة الابحاث " جارتنر" العالمية للابحاث ، كذلك من المتوقع أن يشهد إنفاق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على خدمات تكنولوجيا المعلومات في عام 2024 زيادة بنسبة 9.6%.

    وتؤكد الدراسات أن قادة تكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تقديم على المزيد من الخدمات المهنية والاستشارية لتهيئة شركاتهم للانتقال إلى السحابة واستخدام الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي وتطبيقات إنترنت الأشياء؛ والاستفادة من فرص تسييل البيانات والناتجة عن التقارب بين هذه التقنيات ومن المتوقع أن ينخفض الإنفاق على الأجهزة بنسبة 4.5% خلال عام 2024 بسبب الطلب غير المتكافئ على الأجهزة الأحدث مثل الهواتف المحمولة في بلدان متعددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

    وعلى الرغم من تمتع الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي ببعض التأثير على الإنفاق على الخدمات السحابية، إلا أنه من غير المتوقع أن يكون له أثر مباشر أو ملموس على مستويات الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2024 حيث يركز الرؤساء التنفيذيون لشؤون المعلومات في المنطقة بصورة رئيسية في الوقت الحالي على حالات الاستخدام منخفضة التكلفة أكثر من الذكاء الاصطناعي باهظ التكلفة والذي يمكنه إحداث أثر إيجابي ملموس.

    بالإضافة إلى ذلك، فإن كبار مزودي الخدمات السحابية الذين يتمتعون بالقدرة على توفير بنى تحتية واسعة للتخزين ولمرافق الحوسبة المخصصة للذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، يقومون في الوقت الحالي بزيادة الاستثمارات في مراكز البيانات المحلية داخل الدول، وخاصة مراكز البيانات الخضراء عالمية المستوى.

    على حين بلغ حجم الانفاق التكنولوجية لمنطقة دول الخليج يتجاوز اكثر من 90 مليار دولار ومن هنا تأتى اهمية هذا السوق حيث ساعدت المبادرات والاستثمارات والسياسات الحكومية فى دول المنطقة لاسيما ، الامارات " 30 مليار دولار "و السعودية " 45 مليار دولار" ، في أن تصبح رائدة عالمية في الجاهزية الرقمية الحكومية وتبني الحلول الرقمية، كما تضم منظومة شركات ناشئة حيوية، وتستقطب استثمارات ضخمة في مجال التقنيات الرقمية.

    ولعل مثل هذه التقارير تدلل بقوة على الفرص المتنوعة التى مازالت تذخر بها منطقة الخليج فى جميع القطاعات وبصفة خاصة قطاع التكنولوجبا والاتصالات وان علينا استغلال ما لدينا من مقومات وامكانيات لتحقيق قفزات نوعية وكمية نحو مستقبل أفضل فى تعميق مفهوم الشراكة والتعاون التكنولوجى" المصرى – الخليجى  " مع الاخذ فى الاعتبار أن دولة الإمارات تأتي ضمن أفضل بلدان العالم في تسخير تكنولوجيا المعلومات في دفع عجلة التنمية المستدامة، حيث تمكنت من تأسيس بنية تحتية تكنولوجية عالية الجودة توفر أفضل بيئة جاذبة للشركات.

    وإذا كنا نتفق جميعا على أن "جيتكس جلوبال " اصبح أكبر تجمع اقليمى للعاملين في قطاع المعلومات والاتصالات ، ومنصة مهمة توفر لنا فرصاً ممتازة للتفاعل مع العملاء وبناء وتعزيز العلاقات أكثر مع العملاء الحاليين وغيرهم من شركاء الأعمال الجدد أيضاً فان علينا أن نتساءل كيف يمكن أن يمثل المعرض فرص لكثير من الشركات المصرية العاملة بمحال التكنولوجيا والاتصالات سواء العارضة او الزائره وايضا الشركات الناشئه ،لاسيما مع وجود الدعم من جانب غر فة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحكومى ، للوقوف على احتياجات سوق المعلومات الخليجى من حلول تقنية وكيفية التواجد بهذا السوق ، سواء بصورة جماعية او فردية ، خاصة وأننا كل عام نسمع عن مقترحات واليات للتواجد المصرى بهذا السوق ما تلبث أن تذهب ادراج الرياح ويبقى فقط التحرك الفردى والمجهود الذاتى المعتاد من بعض الشركات . 

    فى تصورى التوقيت الزمنى ل "جيتكس جلوبال دبى " يمكن أن يكون عنصر ايجابيا للشركات المصرية للتكنولوجيا ليلتقى الأطراف الجادة للبحث عن إقامة علاقات شراكة " مصرية – خليجية " وكيفية المساهمة في رسم ملامح الاستثمار الناجح في قطاع التكنولوجيا العربى فالجميع فى حاجة ماسة الأن لمعرفة المعلومات الصحيحة التى تساعده على اتخاذ قرارات سليمة بعيدا عن مفهوم المجازفة والمخاطرة غير المحسوبة خاصة مع امتلاك غالبية دول المنطقة لاستراتيجية للتوجه نحو ما يعرف بالاقتصاد الرقمى القائم على المعرفة والتكنولوجيا.

    فى اعتقادى من المهم التفكير فى شكل جديد للمشاركة المصرية بالمعرض وتحديد الأهداف المرجوة منها فالجميع لديه القناعة بان الجناح المصرى بالمعرض ، ككيان هيكلى يعد من أهم الأجنحة ويضم مجموعة من الشركات ، ولكن ربما لا يكفى فقط لوضع مصر على خريطة التكنولوجيا العالمية والتعبير عن التطورات التى شهدتها هذه الصناعة على مدار السنوات الماضية وإنما لابد من وجود مجموعة العوامل المساعدة وأجندة محددة بصورة مسبقة لما نريد تحقيقه وتوجيه الدعوات للزوار ومتخذى القرار فى مؤسسات الاعمال والتكنولوجيا حتى يعلم الجميع ما هى أجندتنا الوطنية المسبقة للمعرض ونوعية المنتجات التى سيتم عرضها وكذلك تسليط الضوء على البرامج والمبادرات التى تطلق وزارة الاتصالات لجذب الاستثمارات فى مجال تكنولوجيا المعلومات ودعم الشراكة بين الشركات المصرية ونظيرتها العربية والاجنبية .

    ما نريد التأكيد عليه أن منطقة الشرق الأوسط شهدت حركة نمو قوية فى مجال التنمية التكنولوجية وتعزيز مفهم ريادة الاعمال والابداع التكنولوجى نتيجة الاستثمارات الحكومية الكبيرة  وكذلك الاهتمام المتزايد لصناديق راس المال المخاطر " VC " ، العربية والاجنبية ، بتمويل الشركات العاملة فى هذا المجال بالإضافة لنمو الطلب الاستهلاكى للمستخدمين وعلى شركات تكنولوجيا العمل على استمرار هذه النمو بأسس سليمة تؤدى تحقيق مصلحة جميع الأطرف المعنية ، المستخدمين وشركات التكنولوجيا والجهات حكومية ، أخذين فى الاعتبار للمتغيرات التى شهدتها الأسواق العالمية للتكنولوجيا ورغبتنا فى التحول من مجرد مستخدمين للتكنولوجيا إلى مرحلة منتجين ومساهمين فى عملية الإبداع العالمى للتقنية .

    سنظل نردد ، بصورة متكررة سنويا ، اننا نتطلع كذلك من خلال التواجد المصرى ، عبر مشاركة الشركات من أعضاء غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات CIT ،  أن نتوصل لاليات واضحة ومحددة تتيح لشركات التكنولوجيا المصرية التواجد بقوة فى سوق الحليج عبر فتح مكاتب مصرية بدول الخليج مهمتها الترويج لحلول التكنولوحيا التى نطورها ، حيث كان هناك محاولات منذ سنوات لا نعرف مصيرها الان ، وكذلك البحث عن الفرص التى يمكن للشركات التكنولوجيا المصرية المشاركة بها بالسوق الخليجى ، سواء فى القطاع الحكومى او القطاع الخاص ، وكذلك العمل على جذب استثمارات مالية خلجية لاقامة مشروعات تكنولوجية فى مصر ، والاستفادة من توافر الكثير من الامكانيات والكوادر والطلب الكبير الذى يمثله السوق المصرى كبوابه للتواجد بالسوق الافريقى .

     

     

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن