فن التسويق عبر المحمول...وإزعاج العملاء

  • نبضات

    بقلم : خالد حسن

     

    بات التسويق عبر الهواتف المحمولة يشكل ازعاجا حقيقيا للمستخدمين ،  حيث انك ينمكن أن تتلقى يويا العديد من المكالمات الهاتفيه بواقع اكثر من 5 مكالمات هاتفيه تقريبا على مدار اليوم وفى اى وقت  ، على هاتفك المحمول الشخصى ، لشركات تقوم بالتسويق لمنتجاتها بداية من عقارات مررورا بخدمات التأمين الاختيارى على الحياة وخدمات تقسيط للاجهزة الكهربائيه وخدمات العروض السياحية وصولا لخدمات البنكية والاعجب انك تعتذر بهدوء وتؤكد للمتصل انك لا تحتاج الى هذه الخدمة ولكنك تفاجىء بعد مرور يومين او ثلاثة بمتصل اخر من نفس الشركة يعرض عليك نفس الخدمة  !!

     

    حتى لو انك قمت باستخدام بعض تطبيقات المحمول فى حجب الارقام التى يتم الاتصال منها بك ، للترويج لخدمات او السلع ، تفاجىء بخطوط وارقام هواتف جديدة للتسويق لنفس السلعة !! وكأنه تسويق بالاكراه

     

    جميعنا نتفق على أن أحد أهم سمات عصر المعلومات هو إلغاء الحواجز واطلاق شعار العالم قرية صغيرة ولا خلاف فى أن كل من الإنترنت والتليفون المحمول اصبح الان أحد الآليات الأساسية لتحقيق هذا الشعار .

     

    ولكن يجب إلا ننسى أن تلك الآليات تميز فى المقام الأول بكونها شخصية بمعنى أنها تتمتع بقدر عالى من الخصوصية لمستخدمها ولا يحق لاحد " كأنا من كان " أن يستخدم تلك الآليات لصالح تحقيق بعض الأهداف مستخدما ما لديه من قواعد البيانات الخاصة بالمشتركين " سواء بالإنترنت أو المحمول " حيث أصبحت ظاهرة قيام بعض الشركات بالترويج لمنتجاتها أو خدماتها عبر البريد الإلكترونى أو التليفون المحمول او السائل القصيرة ،رغم كونها ظاهرة صحية تكشف عن تزايد الوعى التكنولوجى بطريق كبيرة ،  إلا أنها تتطلب فى نفس الوقت وقفه تنظيمية جادة حتى لا تكون مثل الدب الذى قتل صاحبه وتأتى بنتائج عكسيه على الجميع .

     

    فإذا كانت تلك الشركات ترى أن التليفون المحمول هو وسيلة مثلى بالنسبة لها للوصول على العميل بشكل مباشر " فى اى وقت " فان ذلك ربما لا يناسب اغلب مستخدمى المحمول وعادة تختار هذه الشركات الترويجية من يتصلون به خاصة المشتركين ذوى القوة الشرائية العالية وعند سؤالك  او الاستفسار عن كيف حصلت تلك الشركات على الرقم الخاص بك لا تجد إجابة مفهومه أو منطقية وتشعر أن هناك ما يراقبك ويعرف عنك اكثر مما تريد أنت أن تقوله وهناك تكمن المشكلة .

     

    إذ انه من المتصور انه لا يحق لاى جهة أن تستغل قواعد البيانات الخاصة بمشتركيها بدون الرجوع للمشترك نفسه حتى ولو كان الهدف هو تقديم بعض العروض الترويجية ونفس الموضوع نجده نسخة طبق الأصل ولكن بصورة مختلفة على الإنترنت فما أن تقوم بالتسجيل فى أحد المواقع على شبكة الإنترنت وفى بعض الاحيان بدون التسجيل تجد يوميا سيل من الرسائل والبريد الإلكترونى الذى يهدف إلى الترويج لعدد من السلع وعادة تكون هذه الرسائل محملة بصور مما يجعل عملية تصفح البريد الإلكترونى ابطىء بكثير خاصة إذا كنت تنتظر رسالة هامة إلا انه من السهل " فى بعض الأحيان " وقف هذه النوعية الجديدة من العروض الترويجية عبر الإنترنت من خلال إرسال بريد إلكترونى إلى السيرفر الخاص بتلك المواقع بأنك غير مهتم بتلك العروض إلا أن الاستجابة عادة تكون غير سريعة وتشعر انك مجبرا على قراءة أو استقبال ضيف ثقيل لا تريده .

     

    فى اعتقادي ونحن نتحدث آليات السوق وحرية المنافسة يجب أن يكون هناك اتفاق ضمنى على حرية المستهلك وعدم إهدار خصوصيته مستغلين فى ذلك ما تتيحه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من وسائل حديثة ولا يعنى أننا ضد مبدأ الترويج للخدمات والسلع بوسائل مبتكرة ولكن بشرط إلا يكون ذلك على حساب المستهلك أو بدون موافقته أو استغلاله كأداة لتحقيق اى مكاسب  .

     

    فمع تزايد قاعدة مستخدمى التليفون المحمول الى 108 مليون مستخدم  بجانب نحو 13 مليون للثابت وتجاوز مشتركى خدمات الانترنت فائق السرعة " البرودباند " 11 مليون مستخدم وما يقرب من 78 مليون مستخدم للانترنت المحمول ، وذلك وفقا لبيانات البنية التحتية الاساسية لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى الفترة من يناير- مارس 2024 ،  فان السؤال الذى يتبادر الى الذهن كيف يمكن لشركات الاتصالات والانترنت والتكنولوجيا الحفاظ على حقوق هؤلاء العملاء خاصة اذا اخذنا فى الاعتبار عنصر المنافسة فيما بين هذه الشركات على تنمية حصتها فى الاسواق وتطوير خدمات وفى نفس الوقت تحقيق الارباح .

     

    وفى الحقيقة فان موضوع قاعدة بيانات العملاء الهاتف المحمول يمكن النظر اليه من شقين الاول هو ضرورة العمل على استكمال كافة البيانات الخاصة بمستخدمى خدمات الاتصالات المحمول وعدم السماح بتقديم الخدمة على اى خط مجهول الهوية ، حتى نتمكن من معرفة من هوية من يستخدمه ومحاسبته عن وقوع اخطاء او مخالفات او تجاوزات اخلاقية ، كذلك من المهم ايضا ان تعمل شركات المحمول والانترنت على ضمان سرية هذه البيانات وعدم استغلال تحت اى مسمى بدون اذن صاحبها .

     

    ومن هنا فى تصوري أنه من المهم أن يكون هناك دور ايجابى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لتجريم عملية الاتجار فى بيانات العملاء وضمان لحفاظ على خصوصية المستخدمين فى مجال الانترنت والتليفون المحمول فلا يعقل أن تظل الأمور على ما هى عليه الان من عدم الاكتراث برغبة وخصوصية هؤلاء المستخدمين من قبل بعض الشركات الترويجية الساعية لجنى مزيد من الإرباح وكذلك العمل على تشجيع شركات المحمول على استكمال بيانات كافة عملاء والوقف الفورى لاى خدمة مجهول الهوية .

     

    فى النهاية نطالب الجهاز القومى لتنظيم لاتصالات ، بقيادة الصديق العزيز المهندس محمد شمروخ ، بالإعلان عن رؤيتها لحماية مفهوم خصوصية المستخدمين والشروط الضرورية التى يجب أن تلتزم بها شركات الانترنت والاتصالات لمنع حدوث عملية قرصنة داخلية ، من جانب موظفيها ، أو عملية اختراق لأنظمتها الالكترونية يكون ضحيتها هم العملاء الذين وثقوا فى تلك الشركات ومنحوها تلك البيانات الخاصة بهم وكذلك ضرورة قيام الجهاز باجبار الشركات التى تعمل فى مجال التسويق ، فى كافة المجالات ، بالاعتماد على عدد محدد من أرقام الهواتف المعروفة باسمها ، بحيث لا تقوم باجراء اى مكالمات هاتفيه للعملاء الا من خلال هذه الارقام المسجلة باسمها وايضا يجب ان يظهر على تليفون العملاء اسم شركة التسويق باللغة العربية ، على غرار ما يحدث عن استخدام احد التطبيقات المعروفة لاظهار بيانات المتصل ،  بما يعطى للعميل حرية الحق فى الرد او تجاهل الرد على مندوي شركة التسويق وفقا لظروفه الخاصة .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن