كيف تغيّر الأجهزة المحمولة المدعومة بالذكاء الاصطناعي ملامح مستقبل العمل

  •  

    بقلم :موهيت بيكتور

    رئيس القطاع التجاري – الإمارات والخليج – أسوس  للأعمال

     

    منذ أن طُرح مصطلح الذكاء الاصطناعي، قطعت هذه التقنية شوطًا هائلًا في التطور والانتشار. ورغم أن بدايات استخدامها تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، حين نشر آلان تورينغ عمله الشهير حول اختبار المحاكاة(The Imitation Game) ، إلا أن ما نشهده اليوم هو نقلة نوعية حقيقية جعلت الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من واقعنا اليومي، ومن آليات العمل الحديثة في مختلف القطاعات.

     

    في الماضي، ارتبط الذكاء الاصطناعي بأجهزة قادرة على أداء مهام فكرية محدودة. أما اليوم، فقد أصبح عنصرًا فاعلًا في صميم أعمال الشركات، يُنجز مهام معقّدة بكفاءة عالية ودون إشراف مباشر. ولا يقتصر هذا التطور على الوظيفة وحسب، بل يمتد إلى القيمة السوقية حيث تشير التوقعات إلى أن اقتصاد الذكاء الاصطناعي سيصل إلى 1.339  تريليون دولار بحلول عام 2030.

     

    ومن أبرز أشكال هذا التطور، الذكاء الاصطناعي التوليدي، أي الأنظمة التي تستطيع إنتاج محتوى جديد بناءً على ما تعلمته من البيانات المتوفرة، حيث سجل هذا النوع من الذكاء الاصطناعي معدل استخدام مذهل وصل إلى39.4%. ويعود الفضل في انتشاره إلى تطبيقات الهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية التي أتاحت استخدامه بسهولة للجمهور العام، مستفيدة من الخوادم السحابية لمعالجة العمليات دون تحميل الأجهزة الشخصية أي عبء يُذكر.

     

    لكن رغم ذلك، فإن للاعتماد على المعالجة السحابية بعض القيود، خصوصًا مع ازدياد الضغط على الخوادم، ما قد يؤدي إلى تأخير تنفيذ الطلبات أو توقفها مؤقتًا. وهنا تبرز مشكلة حقيقية أمام الشركات: لا يمكنها الاعتماد بالكامل على الحلول السحابية، بل تحتاج إلى أجهزة قادرة على تنفيذ عمليات الذكاء الاصطناعي لحظيًا وعلى نفس الجهاز.

     

    ومع تنامي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، إلى جانب التحوّل المتسارع نحو العمل عن بُعد، ظهرت الحاجة إلى أجهزة ذكية، قوية، ومحمولة. أجهزة تستطيع تنفيذ مهام الذكاء الاصطناعي داخليًا دون تأخير، وتمنح الموظفين نفس القوة الحاسوبية التي كانت حكرًا على الخوادم الضخمة.

     

    وكشفت إحصائيات أجريت عام 2025 أن 56%  من الشركات تسمح بالعمل عن بُعد، بينما تعتمد 16% منها نموذج العمل عن بُعد الكامل. وبهذا لم يعد العمل مقترنًا بمكان واحد - بل يمكن إنجازه من المنزل أو أثناء السفر أو حتى من مقهى. ومع اعتماد الموظفين على الذكاء الاصطناعي في الأتمتة وإنشاء المحتوى، يصبح من الضروري امتلاك أجهزة تقدم قوة المعالجة المطلوبة دون التضحية بسرعة الأداء أو خصوصية البيانات.

     

    ويتمثل الحل الأمثل اليوم في أجهزة الحاسوب المحمول المزودة بوحدات متقدمة للمعالجة المركزية والرسومية، فهي تتيح تنفيذ عمليات الذكاء الاصطناعي محليًا دون أي تباطؤ. صحيح أن هذه القدرة كانت سابقًا تتطلب أجهزة ضخمة وثقيلة، إلا أن التطورات الحديثة في تصنيع الشرائح سمحت بإنتاج معالجات صغيرة جدًا – أصغر من حبّة الأرز – قادرة على تنفيذ مهام الذكاء الاصطناعي بكفاءة مذهلة. ولا يقتصر الأمر على الأداء فقط، بل يمتد إلى الخصوصية: فبما أن المعالجة تتم محليًا على الجهاز، تظل بيانات المستخدم محمية دون المرور بأي طرف خارجي.

     

    ولا ينطبق ذلك على الأجهزة المحمولة أو الشركات التقنية فقط – إذ باتت رقائق المعالجة الذكية هذه تُستخدم في قطاعات متنوعة مثل التجزئة والتصنيع والسيارات والرعاية الصحية، والقاسم المشترك بينها جميعًا هو الحاجة إلى اتخاذ القرارات الآنية بناءً على البيانات المتاحة وهو ما يُجيده الذكاء الاصطناعي المعتمد على الأجهزة.

    ما أراه بالتأكيد هو أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد توجه عصري أو موضة تقنية؛ بل هو قوة محورية تعيد رسم ملامح العمل والإنتاج في مختلف أنحاء العالم. وللاجهزة المحمولة الذكية أثر ملموس وحضور يتوسّع يومًا بعد يومن ما يعني أن امتلاك تلك الأجهزة لم يعد خيارًا للشركات الراغبة بأداء أعمالها بكفاءة ومواكبة هذا التحوّل بثقة واقتدار.

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن