بقلم : خالد حسن
لا شك في أن الابتكارات التكنولوجية مهمة للغاية من أجل تحسين نمط حياتنا جميعا وزيادة مستوي الرفاهية وفي ظل ما شهده عام 2020 من تداعيات جائحة فيروس " كوفيد – 19 " تزايدت دعوات " الاستمرار في الاستثمار في الإبداع والتطوير " والتى كانت بمثابة مفتاح هذا اللغز الذي حاولت شركات التكنولوجيا تقديمه على مدار العام الماضى ويبدو أنها ستستمر في طرحه على مدار السنوات القادمة لتشجيع طلب مؤسسات الأعمال بمختلف فئاتها " صغيرة ، متوسطة ، كبيرة " على الحلول التكنولوجية .
ونعلم جيدا أن مشكلتنا الاقتصادية الرئيسية تتلخص في ندرة مواردنا مقارنة باحتياجاتنا – لاسيما في ظل الزيادة السكانية – الأمر الذى تنجم عنه مجموعة من العقبات تأتي على رأسها مشكلة البطالة والإسكان والغذاء .
وبالتأكيد ليس هناك حل سحرى يمكنه القضاء على المشكلة بصورة فورية وإنما يمكن أن تلعب التكنولوجيا دورا إيجابيا في تنمية إنتاجية كل من المؤسسة والفرد بما يؤدى إلى تعظيم الاستفادة من مواردنا بصورة تكفي احتياجاتنا الحالية والمستقبلية حيث تؤكد الدراسات المتخصصة أن القدرة الإنتاجية للمواطن العربى - بصورة عامة – أقل بكثير مقارنة بالمواطن فى الدول المتقدمة وذلك نتيجة آليات العمل التقليدية المطبقة في الدول العربية والتي تفتقر إلى الحلول الابتكارية وتطبيق الأنماط التقليدية في كل مراحل دورة التشغيل والإنتاج ولا تساعد على تعظيم المهارات للموارد البشرية بما ينعكس سلبا على القدرات التنافسية لمؤسساتنا المحلية مع تظيراتها الخارجية خاصة التي اتخذت مبكرا خطوات في مجال عملية التحول الرقمي لمراحل العمل بها .
وأظهرت دراسة أجرتها مجموعة "أبردين "البحثية أن الحاجة إلى الارتقاء بإنتاجية الموظفين هي السبب الأول وراء تبني المزيد من الشركات لحلول التكنولوجيا والاتصالات المتكاملة ، ثم يليه في المرتبة الثانية الحاجة إلى تعزيز التعاون داخل الشركة أو المؤسسة بالإضافة إلى رغبة المؤسسات في تقليل تكلفة الإنتاج والبحث عن فرص جديدة لتسويق منتجاتها .
نؤكد أن نمو وتوسع مؤسسات الأعمال ـ سواء حكومية أو خاصة - لن يتأتى بدون إدراك متخذي القرار في هذه المؤسسات بأهمية استخدام نظم المعلومات والاتصالات في صلب تطوير العمل وهي رسالة يجب أن تعيها مؤسسات الأعمال المصرية- بشكل عام - التي تبحث عن فرصة للتوسع والانتشار فالاستثمار في التطوير التكنولوجي مهما كانت فاتورته فمردوه سيغطي استثماراته من خلال زيادة الإنتاج وتحسينه بما ينعكس ايجابا على الربحية .. ناهيك عن دور التكنولوجيا في تطوير وتجديد الدورة الإنتاجية بما يتواكب مع التطور العالمي وبالتالى الحفاظ على حصة الشركة فى السوق ، فهو استثمار ضرورى وليس اختياري ، والأمر لا يتطلب غير إجراء بعض العمليات الحسابية قبل وبعد تطبيق الحلول التكنولوجية المناسبة للوقوف على الجدوى الاقتصادية لهذه الحلول .
في تصورى أننا الآن ي للحلول التكنولوجية وكيفية تطبيقها وتطبيق عملية التحول الرقمي والاستفادة منها وهذا هو الدور الرئيسى لكل الجمعيات والكيانات المعنية بالتنمية التكنولوجية بالتعاون مع اتحادات الصناعة والتجارة وجمعيات رجال الأعمال والمستثمرين والإعلام المتخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، سواء المقروء أو المرئي أو المسموع ، لنشر ثقافة ميكنة دورة العمل أو ما يطلق عليه البعض "رقمنة المؤسسات " وأن تتعاون كل الجهات والمؤسسات المعنية بالتكنولوجيا باطلاق مبادرة لتعميم عملية التحول الرقمي لكل أنوع مؤسسات الأعمال بجميع القطاعات الاقتصادية .
أما على مستوى إنتاجية الفرد فأن التحدى الجوهرى الذى يواجه غالبية الشباب في الوقت الحالي هو اكتساب مهارات وتقنيات العمل الجديدة والمتطورة حتى يكون قادرا علي تلبية احتياجات السوق وبشكل خاص الشركات الكبرى التي تسعى للعمل في مصر إذ نتوقع مع استعادة دوران عجلة الانتاج بقوة ان تتوافر الآلاف من فرص العمل الجديدة بالسوق المحلية ، والتي تتطلب مهارات تقنية بمستويات مختلفة ، ومن ثمة علينا الاستمرار في عملية التدريب التكنولوجي وإعادة تأهيل مواردنا البشرية المناسبة لهذه الفرصة بما يتواكب مع متطلبات السوق – المحلية والعالمية.
في اعتقادي أنه في ظل أن الفئة العمرية - تحت سن 16 عاماً والتي تشكل نسبة قدرها 60 % من مجموع السكان في المنطقة العربية - فإن المهمة الملقاة على عاتق المؤسسات التعليمية تتلخص في إعداد جيل مؤهل بشكل جيد وقادر على القيام بدور فعال في تطوير ما يعرف باقتصاد المعرفة ، القائم على توظيف البنية المعلوماتية بصورة ايجابية، في مجتمع بات متعدد الثقافات خاصة أن القاعدة الأكبر من الشباب هذه الأيام مولعة باستخدام التكنولوجيا حيث يمكن للمؤسسات التعليمية تفعيل دورها وأهدافها من خلال استخدام الوسائل الحديثة في العملية التعليمية وكذلك على الاسرة تشجيع أبنائها على التعامل مع الأدوات التكنولوجية بما يؤدي في النهاية إلى تحسين إنتاجية الفرد .. المهم أن نبدأ الآن وليس غدا فالوقت ليس في صالح الجميع ومسيرة التنمية الشاملة : اقتصادية واجتماعية وتعليمية وثقافية ،إذ لابد أن تتضاعف عما كانت عليه حتى نستطبع بناء مصر بوجهها الجديد .