نبضات
بقلم : خالد حسن
بعد سنوات طويلة من المعاناة مع شهادة الثانوية العامة ، سواء بنظامها القديم أو الجديد ، فإننا جميعا نتذكر أننا أو أبناءنا بذلنا جهودا جبارة من أجل اجتياز امتحانات الثانوية العامة ، والتي تعتبر بحق سنة مصيرية لتحديد المستقبل ، ولكن مع بداية عملية القبول بالجامعات فإن الأصوات تتزايد عن اعتراض العديد من أبنائنا ، من الحاصلين على شهادة الثانوية هذا العام ، من أن الاعتماد على معيار مجموع الطالب كمعيار وحيد لكى يلتحق الطالب بالكلية التي يديرها أو تتوافق مع ميوله أصبح من التعسف الإداري الذي يؤدي في النهاية إلى تخريج عشرات الآلاف من الطلبة الذين يلتحقون جبرا بكلية لا تتواقف مع رغباته وبدلا من أن يقضى 4 أو 5 سنوات من عمره في دراسة شىء يحبه ليبدع فيه؛ نجده تعيسا وغير راض ويضيع أجمل سنواته في تحصيل علم لا يريده. وفي النهاية يكون مجرد رقم في كم هائل من خريجي الجامعات الحكومية .
ومع نجاح الدولة المصرية في إنشاء العديد من الجامعات الجديدة ، سواء الحكومية أو الخاصة الأهلية أو التكنولوجيا أو الأجنبية ، والتي تجاوز عددها نحو 40 جامعة تقريبا فإن السؤال الأهم الذي يتم تداوله حاليا : أين هم الطلاب الذ ين سيدرسون في هذه الجامعات الجديدة ؟ أم ستظل مجرد مبانى خاوية من الطلاب وتبحث عمن يمكن أن يستفيد من خدمات هذه الجامعات ـ خاصة أنها نجحت في تطوير منظومة التعليم بها بما يتواكب مع أحدث آليات التعليم العالمية وفقا للمعايير التى طالب بها رئيس الجمهوية السيد عبد الفتاح السيسي .
وفي هذا الإطار انتشرت مؤخرا على منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت صدور قرار بتخفيض للحد الأدنى للقبول بالجامعات الخاصة أمام طلاب المرحلة الثالثة، إلا أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لإقرار تخفيض للحد الأدنى للقبول بالجامعات الخاصة أمام طلاب المرحلة الثالثة، وأنه لم يتم إصدار أي قرار بهذا الشأن، مُشددةً على أنه لم يتم اعتماد أي تخفيض للحدود الدنيا بالمرحلة الثالثة للقبول بالجامعات الخاصة، حيث أنه لم يتم حتى الآن فتح باب التقدم للقبول بتنسيق تلك المرحلة، مُشيرةً إلى أنه من المستهدف الإعلان عن تنسيق المرحلة الثالثة للقبول بالجامعات الخاصة بالعام الجامعي الحالي 2021/2022، عقب انعقاد اجتماع المجلس الأعلى للجامعات الخاصة وذلك قبل بداية الفصل الدراسي الثاني، مع إتاحتها بشكل رسمي على موقع التنسيق الإلكتروني عبر الرابط التالي: "tansik.egypt.gov.eg"، على أن يكون التنسيق بتلك المرحلة وفق النظام الإلكتروني الموحد، وعلى الأماكن الشاغرة بكل كليات الجامعات الخاصة، مُناشدةً الطلاب عدم الانسياق وراء مثل تلك الشائعات، مع استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.
وفى الحقيقة كنت أتمنى أن تكون هذه الشائعة حقيقية فمن الظلم لكل من الطلاب والجامعات والدولة أن يتم ضخ مليارات الجنيهات في إنشاء الجامعات وهناك طلب عليها من جانب ابنائنا وتظل أبواب هذه الجامعات مغلقة أمام أبنائنا بسبب نظام عقيم وغير عادل، يطلق عليه نظام التنسيق للقبول بالجامعات وتصنيف الطلاب فقط على اساس مجموع الدرجات التي يحصلون عليها بغض النظر عن كل المهارات الأخرى التي يمتلكونها !! وليظل أبناؤنا فريسة لاستغلال الجامعات في العديد من دول العالم لاسيما أوروبا الشرقية وأسيا.
التجربة تؤكد أننا إذا كنا نريد طالبا متميزا ومؤهلا وفقا لاحتياجات السوق ـ المحلية والعالمية ـ فإن التعليم الجامعي يجب أن يكون باختيار ورغبة الطالب نفسه مع التأكيد أنه ليس هناك كليات قمة، وكيات للشعب، وكليات دنيا وإنما جميع الكليات على نفس القدر من الأهمية في التخصص وإيجاد فرص العمل والعبرة هو مدى توافق طالب مثابر بطالب اخر .
بالتأكيد نعلم إمكانيات وزارة التعليم العالي لن تستطيع استيعاب كل الناجحين بالثانوية العامة وتلبية طلباتهم ومن ثمة بدلا من أن تشجع الوزارة للجامعات والمعاهد الخاصة للمشاركة في عملية تطوير الخدمات التعليمية نجدهم يضعون العقبات أمام الكيانات الخاصة وكأنهم يخطفون الطلبة منهم !! ... سياسة تسير عكس بعض .
ورغم تحفظنا على ما نادى به البعض ـ مؤخرا ـ من ضرورة إلغاء مجانية التعليم الجامعي وأننا لسنا في حاجة إلى نحو نصف مليون خريج جامعي سنويا ، غالبيتهم لا يجدون فرص عمل ، وأنه من الضروري أن يعتمد التعليم الجامعي على امتلاك الطالب لإمكانيات فنية ومهارات تؤهل للالتحاق بالكلية التي يريد الدراسة بها إلا أننا نجد مراعاة البعد الاجتماعي في ضمان التحاق الطلبة بالجامعات مطلبا ضروريا لذلك يمكن الاعتماد على نظام المنح الدراسية فمثلا الطالب المتميز الذي يحصل على مجموع يزيد على 90 % يمكنه دخول الكلية التي يريدها بمنحة دراسية مخفضة بنسبة 80 % ، من إجمالي المصاريف ، والطالب الحاصل على مجموعة 80 % يمكنه دخول الكلية التي يريدها بمنحه دراسية مخفضة بنسبة 70 % وهكذا بحيث يتشارك الجميع في تحمل جزء من تكاليف الدراسة الجامعية ، التي يريدها وليس التي يفرضها نظام التنسيق ، بما يضمن لنا أن الطالب سيجتهد في دراسته ، لأنه يدفع مقابل مادي سنوي ، ونوفر الموارد المالية اللازمة لتطوير التعليم الجامعي ومواكبته للجامعات العالمية وفي نفس الوقت لم نغلق الباب في وجه رغبات أحد من الطلبة كذلك من المهم تفعيل نظام تمويل الدراسة الجامعية مع البنوك حتى يضمن الطالب الطموح والمتميز ، ولكنه غير مقتدر ماليا ، فرصة للالتحاق بالكلية التى بريد أن يدرس بها .
مطلوب أن تعلن وزارة التعليم العالي عن استراتيجيتها بكل وضوح ، وأن تحدد ما تريده بالضبط ، فعندما تقول إن المجموع شرط أساسي للجامعات الحكومية ،رغم أنه يقضى على طموحات عشرات الآﻻف من أبنائنا ، طيب سيب الجامعات الخاصة تلبي رغبات الطلاب الذين لم يتزاحمون على ابواب الجامعات الحكومية، والتي تتجاوز تكاليفها على اﻻقل 45 ألفا سنويا ، وعلشان ما تتحججش بمستوى التعليم في القطاع الخاص أرجو أن تحدثني فقط عن مستوى التعليم بالجامعات الحكومية الآن !!!
ما نطالب به أن يكون اﻻلتحاق بالتعليم وفقا لرغبات الطالب وإذا لم نستطيع تطبيق ذلك في الجامعات الحكومية ارفعوا أيديكم عن الجامعات الخاصة نريد طلبه تحب المجال الذي تدرسه وليس ما يرشحه نظام التنسيق ولا يجب أن يكون معيار المجموع في الثانوية العامة هو الفرصة الوحيدة لرسم مستقبل مئات الآلاف من أبنائنا ونؤكد الجامعات الخاصة يجب ان تكون البديل الأنسب لحين أن تتخذ الحكومة سياسة واضحة تجاه تطوير عملية التعليم الجامعي .