بقلم : خالد حسن
لم تولد أى شركة " عالمية " حاليا كبيرة وضخمة كما هى عليها الان بل بدات كفكرة " ابتكارية " وبدعم من مبتكرها والعمل على تطويرها بمرور الوقت واختيار فريق العمل المناسب بدأت تنمو شيئا فشيئا لنرى البوم شركات عالمية تتخطى ميزانييها مزايمة العديد من دول العالم .
وبالطبع فان " الفكرة الابتكارية " تشكل جزء كبير من النجاح ولكن ايضا امتلاك المبدع او رائد الاعمال لمجموعة من القدرات الشخصية والمهارات تمثل جزء من النجاح وكزء اخبر يعتمد على مدى توافر المناخ الامثل لنمو وتطور هذه الفكرة لترى النور وتحويلها الى مشروع ومنتج ملموس يتم تداولها بالاسواق.
وفى الحقيقة وفى ظل تنامى القاعدة المحلية من الكوادر البشرية المتخصصة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فأن هناك ارتباط طردى بين الابداع التكنولوجيا وريادة الاعمال فكلما امتلكت الشركة الناشئه فكرة ابداعية قادة على توظيف التكنولوجيا بصورة مثلى كلما زادت قدراتها على تقديم حلول جديدة تساعدها على أقتحام ريادة الاعمال ومن هنا تاتى اهمية التأهيل التكنولوجى لكافة المنشأت الحديثة وكذلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتنمية قدراتها التنافسية وزيادة وتحسين انتاجيتها بجانب زيادة فرص لتسويق الخاصة بمنتجاتها .
وتشير الدراسات المتخصصة التى أجريت مؤخرا من قبل العديد من المؤسسات المعنية بدعم الشركات الناشئه وكان اخرها شركة "ماجنيت" مع هيئة " ايتيدا " بعنوان "الاستثمار الجريء في المشاريع الناشئة في مصر"، أن الشركات المصرية نجحت في جمع صفقات تمويلية بقيمة 491 مليون دولار من خلال 147 صفقة مُبرمة خلال عام 2021، بما يمثل رقما قياسيا جديدا لحجم رأس المال الاستثماري في قطاع الشركات الناشئة في مصر، وبنسبة نمو سنوي بلغ 168٪ مقارنة بالعام الماضي وذكر التقرير أيضا أن مصر جاءت بالمركز الثالث من حيث إجمالي قيمة الاستثمارات بالشركات الناشئة في القارة الأفريقية حيث حصدت شركاتها الناشئة 18٪ من إجمالي رؤوس الأموال المُستثمرة في القارة خلال عام 2021، بينما جاءت نيجيريا بالمركز الأول بنسبة 39٪.
كما قارن التقرير أداء الشركات الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نفس العام حيث جاءت مصر في المركز الثاني من حيث عدد الصفقات الاستثمارية الموجهة للشركات الناشئة بالمنطقة، حيث استحوذت على نسبة 24٪ من إجمالي عدد الصفقات بالمنطقة في حين جاء ترتيب مصر في المركز الثالث من حيث إجمالي قيمة الاستثمارات بالشركات الناشئة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفى خطوة مهمة تؤكد على مدى اهتمام الحكومة المصرية بعدم الشركات التكنولوجيا الناشئه ورواد الاعمال شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والهيئة العامة للرقابة المالية، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات" ايتيدا " لدعم ومساندة الشركات الناشئة في مصر، بحضور الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث يهدف البروتوكول لتهيئة مناخ الاستثمار وخلق اقتصاد تنافسي ومتنوع قائم على الابتكار والمعرفة عبر تشجيع الاستثمار في الشركات الناشئة المصرية، وجذب رؤوس الأموال والتمويلات إليها، وعقد المزيد من الشراكات المحلية والإقليمية والدولية، بما يساهم في زيادة القيمة المضافة للاقتصاد المصري، لتصبح مصر مركزاً إقليمياً ودولياً للتكنولوجيا القائمة على الإبداع وريادة الأعمال.
واتفقت الهيئات الثلاث على تهيئة البيئة التشريعية والإجرائية الجاذبة للاستثمار، وإيجاد حلول مبتكرة تناسب طبيعة عمل الشركات الناشئة، وتسهيل معاملاتها، وخلق بيئة عمل مناسبة لرواد الأعمال، بما يجذب رؤوس الأموال المحلية والدولية لعقد الشراكات وتمويل نمو الشركات الناشئة في مصر مع إعداد نموذج موحد لاتفاق المساهمين لتأسيس الشركات الناشئة، والتحقق من صحة التقييم المبدئي للشركات الناشئة، عبر تقدير الاستثمار المطلوب للتشغيل وبدء النشاط، وتحديد التوقيت والطريقة المناسبة لضخ استثمارات جديدة عبر الاكتتاب العام أو الاندماج أو الاستحواذ.
وفقا للاجراءات ستقوم الهيئة العامة للرقابة المالية بوضع ضوابط مُيسرة لنقل الملكية للشركات والجهات التي تمارس نشاط رأس المال المخاطر بالاستثمار في شركات ناشئة من خلال أدوات التمويل القابلة للتحول إلى ملكية أسهم، كما ستحدد إجراءات عمليات نقل ملكية الأسهم في الشركات الناشئة، وذلك لضمان تنفيذ عمليات نقل الملكية بالبورصة كما ستقوم هيئة تنمية " ايتيدا " بتوفير مزيد من الحماية للمستثمرين الأقلية في الشركات الناشئة من خلال آليات مستحدثة مثل تضمين بنود مناسبة في اتفاقيات المساهمين، كما ستقوم بدعم إنشاء صناديق تمويل الاستثمار في الشركات الناشئة، بالإضافة لإعداد برامج تدريبية ومهنية بهدف تأهيل كوادر بشرية مؤهلة لتلبية احتياجات الشركات الناشئة للالتحاق بالعمل بها.
ومما لا شك فيه أن التقدم التكنولوجي الهائل وتحرير الأسواق من خلال العولمة أديا إلى إيجاد تحديات جديدة أمام هذه المشروعات وخاصة في الدول النامية. ومواكبةً لهذه الطفرة التكنولوجية الكبيرة، فقد شهد الاقتصاد العالمي ظهور أجيال جديدة من المؤسسات الصغيرة التي استطاعت الاستفادة من مميزات هذا الوضع الجديد الذي يسمح بالحصول على المعرفة ورؤوس الأموال والدخول إلى الأسواق الكبيرة في آن واحد. وظهر مصطلح جديد يطلق على هذه النوعية من المؤسسات الصغيرة الرائدة المقامة على الإبداع والتكنولوجيات والتي تختلف اختلافاً جوهرياً عن مثيلاتها غير الإبداعية والتقليدية في الدول الصناعية، وهو " start-up" .
من هذا المنطلق وفي هذه الأجواء التنافسية شديدة الصعوبة، وضحت أهمية منظومات العمل المستحدثة التي تعمل على تطوير وتحديث مفهوم دعم ورعاية المؤسسات الصغيرة. وفي هذا المجال تعتبر آلية حاضنات الأعمال المتوسطة من أكثر المنظومات التي تم ابتكارها في الـ 20 سنة الأخيرة فاعلية ونجاحاً في الإسراع في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والتكنولوجية وإيجاد فرص عمل جديدة، والتي تمت الاستعانة بها في الكثير من دول العالم.
ومن المعلومات ان حاضنات المشروعات أقيمت في الأساس لمواجهة الارتفاع الكبير في معدلات فشل وانهيار المشروعات الصغيرة الجديدة في الأعوام الأولى لإقامتها ، حيث أوضحت العديد من الدراسات أن 50 % من المشروعات الجديدة في الولايات المتحدة مثلاً تتعرض للتوقف والانهيار خلال عامين من إقامتها، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 85 % في غضون خمسة أعوام من إقامتها، ولقد لوحظت هذه النسبة المرتفعة للانهيار أيضاً في الدول الأوروبية . إلا أن الدراسات الحديثة التي أُجريت لتقييم تجارب الحاضنات في هذه الدول أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك كفاءة ونجاح الحاضنات في رفع مستوى نجاح هذه المشروعات بشكل كبير.
وتوضح الدراسات الخاصة بتجربة الدول الأوروبية في الحاضنات منذ نشأت برامج الحاضنات فيها قد أفرزت نتائج جيدة حيث إن 90 % من جميع الشركات التي تمت إقامتها داخل الحاضنات الأوروبية مازالت تعمل بنجاح بعد مضي أكثر من ثلاثة أعوام على إقامتها.
ولعله من المهم ان نشير الى جهود وزارة اتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، ممثلا فى هيئة " ايتيدا" ومركز الابداع التكنولوجى وريادة الاعمال "تيك "، للتوسع فى اقامة الحضانات التكنولوجية بالمحافظات من خلال نشر مراكز ابداع مصر الرقمية واقامة 7 مراكز للتكنولوجيا ، مع الاستعداد لفتح 9 مراكز اخرى بالمحافظات، وهذا تحرك ايجابى لدعم وتشجيع اصحاب افكار الابتكارية لاقتحام مجال رواد الاعمال ونتطلع الى التوسع فى اقامة الحضانات التكنولوجية فى كل محافظة .
فى النهاية نؤكد أن الشركات الناشئة يمكن أن تمثل لنا نهرا جديد لقنوات حذب الاستثمارات الاجنبية بمليارات الدولارات سنويا من حانب المستثمرين العرب والاجانب وصناديق الاستثمار الجرىء " VC " سنويا خاص واننا نمتلك الشباب والشركات من اصحاب الافكار الابتكارية القابلة للنمو المستقبلى.