بقلم : خالد حسن
مع التطور الكبير في هيكل سوق العمل العالمية والمحلية وظهور العشرات من التخصصات المهنية الجديدة التي تعتمد على مدى امتلاك الكوادر البشرية للمهارات الرقمية والتخصص التكنولوجي الدقيق فإن الأمر يحتاج من شبابنا لاسيما من خريج شهادة الثانوية العامة ، والذين يبحثون عمن يرشدهم إلى التخصص والكلية التي يمكن أن تؤمن لهم وظيفة بعد التخرج ، فإن دراسة التكنولوجيا هي أحد أهم القطاعات التي ستوفر الملايين من فرص العمل الجديدة لشبابنا .
ففي ظل التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم وتغلغل الروبوتات في المجالات الصناعية بل وفي حياة الإنسان العادي لم يعد مفهوم الوظيفة يعتمد على اختيار كل منا لمهنة ما في مقتبل حياته ويستمر فيها إلى خروجه على المعاش وإنما سيشهد المستقبل القريب اندثار الكثير من الوظائف الحالية المتعارف عليها وظهور طلب متزايد على تخصصات وظيفية جديدة لم تكن موجودة اساسا وهي مما يطلق عليه وظائف العالم الرقمي الجديد .
واصبح من المسلمات أن من أهم مقومات النهضة التكنولوجية لبلادنا هو الاهتمام بإعداد وتأهيل الكوادر البشرية المحلية بما يتناسب مع احتياجاتنا الحالية والمستقبلية لاسيما أن الاستثمار في العقول هو استثمار في القيمة المضافة أو هو استثمار المستقبل كما يطلقون علية فى الدول المتقدمة .
ومؤخرا وافق الرئيس عبد القتاح السيسى على إنشاء 8 جامعات تكنولوجية جديدة موزعة على مناطق الجمهورية، موجها بسرعة البدء فى إنشاء هذا الجامعات وبالفعل وافق مجلس الوزراء على قرار رئيس الجمهورية بإنشاء عدد من الكليات التكنولوجية، بعدة جامعات تكنولوجية على مستوى الجمهورية ، وهي برج العرب التكنولوجية، و6 أكتوبر التكنولوجية، وسمنود التكنولوجية، وأسيوط الجديدة التكنولوجية، وشرق بورسعيد التكنولوجية، وطيبة التكنولوجية، وذلك في إطار تطوير منظومة التعليم التكنولوجي لمواكبة حاجة سوق العمل وفقاً لتوجه الدولة .
وفى نفس الاطار أكد الدكتور خالد عبدالغفارـ وزير التعليم العالي والبحث العلميّ ، أنه سيتم استكمال المشروع خلال الفترة القادمة ،وفقا للخطة الزمنية الموضوعة ، للانتهاء من كل الإنشاءات والتجهيزات للمرحلة الثانية الخاصة بإنشاء 6 جامعات تكنولوجية جديدة، وتشمل الجامعة التكنولوجية ببهبيت الحجارة بطنطا، وجامعة 6 أكتوبر، وجامعة برج العرب، وجامعة السلام ببورسعيد، وجامعة أسيوط، وجامعة طيبة، موضحا أن الجامعات التكنولوجية الجديدة ستُقدم برامج دراسية تخدم الصناعة بكل منطقة جغرافية، ومنها: الصناعات المعدنية، والخشبية، والهندسية، والإلكترونية، والكهربية، وصناعات الغزل والنسيج، والصناعات الغذائية، والسياحة والنقل، مشيرًا إلى أن الهدف من إنشاء الجامعات التكنولوجية هو إمداد سوق العمل الداخلي والخارجي بالفنيين المُدربين والمؤهلين، ورفع مستوى خريجي التعليم الفني.
وسيكون خريج الجامعات التكنولوجية مسماه الوظيفى "تكنولوجى" على حسب تخصصه سواء تكنولوجى كهرباء أو ميكانيكا أو غيره من التخصصات، مؤكدا أهمية الاهتمام بالتعليم الفنى وما يُقدمه للدولة، خاصة فى التخصصات التى تحتاجها الدولة وستعمل هذه النوعية من الجامعات على تاهيل وتقدم الخريج الذى يحتاجه السوق بالفعل .
ورغم أن الحديث عن الجامعات التكنولوجية ليس بجديد وتم فتح هذا الملف منذ 20 عاما ، فى عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد ـ رئيس مجلس الوزراء وتم إنشاء لجنة تتولى دراسة إقامة أول جامعة للتكنولوجيا التطبيقية بمحافظة الإسكندرية بمشاركة القطاع الخاص ومساهمات رجال الأعمال ، إلا أنه للاسف ظل الموضوع حبيس الادارج حتى عام 2018 مع قناعة القيادة السياسية الحالية أنه لابد من التوسع في هذه الجامعات التكنولوجية بشكل أكبر من الجامعات التقليدية التي تخرج تخصصات لا يحتاجها السوق، إذ ان مثل هذه الجامعات الجديدة تحل أزمة أخرى فى بحث المصريين عن شهادة عليا "بكالوريوس" وهو ما افتقده طلاب المعاهد العليا والكليات التكنولوجية الحالية .
ونحن بدورنا نرى أن هذه الخطوة مهمة جدا نظرا لطبيعة المجالات التى ستعمل من خلالها الجامعة فكلنا نعمل مدى احتياج الأسواق المحلية للعنصر البشرية المدربة والمؤهلة فى مجالى التكنولوجيا والإدارة ولكن المهم ألا تتوسع الجامعة الجديدة فيما بعد " جريا وراء الربح " لادخار علوم جديدة نعانى من حالة تشبع منها فى السوق المحلى !
كذلك نتصور أن هناك بعض المعايير التى يجب التركيز عليها هذه الجامعات الجديدة للتكنولوجيا أولها هو ضرورة أن يكون لهذه الجامعة خط واضح فى نقل التكنولوجيا الحديثة والمتطورة ومساعدة طلابها على متابعة احدث التطورات فى هذا المجال وذلك من أما عن طريق الاعتماد على الإنترنت أو البعثات أو استقدام الخبراء مع فتح قنوات اتصال مع كل الشركات العالمية والمحلية العاملة فى مجال التكنولوجيا بشكل عام .
كما انه من الضرورى أن تضع هذه الجامعة فى اعتبارها احتياجات السوق المصرى من الموارد البشرية للسنوات القادمة والمستقبل المتوسط والبعيد بعيدا عن التركيز على الأنماط التقليدية فى التعليم أيضا من المهم ألا تركز تلك الجامعة على عنصر تحقيق الربح بشكل أساسى وبالتالى يهون عليها اى شئ وتكون بابا خلفيا لمن لدية الأموال فقط بل يجب أن تكون هناك معايير جادة للالتحاق بتلك الجامعة حتى يمكن لخريجها أن يكون لهم قيمة مضافة عالية فى الأسواق المحلية والعالمية .
اعتقد أيضا أنه مع إقامة مثل هذه الجامعات يمكنها أن تلعب دورا أساسيا لتلبية متطلبات منطقة الشرق الأوسط فى مجالى الإدارة والتكنولوجيا والعمالة الفنية والتقنية وسد حاجة المؤسسات الإقليمية من تلك النوعية من الكوادر بدلا من الاعتماد على الأسواق الخارجية وتحمل مبالغ مالية باهظة التكاليف نريد أيضا من الجامعة الجديدة أن تحاول الاستفادة من الجانب التطبيقى لطلابها إذ ليس المهم أن يحصل الطالب على أعلى التقديرات فى الاختبارات النظرية والورقية وإنما المهم أن يكون لديه الخبرة العملية من خلال الدورات التدريبية التى يحصل عليها أثناء فترة الدراسة فالجانب العملى سيكون له دوره فى ثقل خبرات طلاب الجامعة بشكل أسرع واسهل .
فى النهاية نأمل مع بدء الدراسة خلالى العام الدراسى 2022 / 2023 أن يحقق مشروع اقامة جامعات متخصصة للتكنولوجيا التطبيقية والإلكترونيات إضافة حقيقية للعديد من الكليات والمعاهد التعليمية الموجود حاليا والتى تركز على مجال إعداد الكوادر البشرية المحلية وإلا تكون مجرد جامعة جديدة لمنح درجة البكالوريس بل نواة لقفزة نوعية وكمية فى بناء قاعدة محلية كبيرة من الكوادر البشرية التكنولوجية المتخصصة فى أحدث المجالات التقنية .