نبضات
بقلم : خالد حسن
لعل من أهم مزايا قطاع التكنولوجيا أنه يمثل النواة الرئيسية لإحداث التغيرات في كل المجالات من خلال تطوير مجموعة من الأدوات والحلول والتقنيات الابتكارية التي تستهدف تحسين نمط الانتاجية والحياة للجنس البشري بما أدى الى تغير كلى فى الكثير من صور العمل والنقل والصحة والتعلم والصناعة وحتى الترفيه والتسلية عبر ما يعرف ببرمجيات الذكاء الاصطناعى " أرتيفيشال إنتليجانس " والتي سيكون لها تأثير كبير على كل التقنيات التى نتفاعل معها حاليا وتطبيقات التكنولوجيا والأجهزة الالكترونية .
ويتوقع خبراء التكنولوجيا أن العقد الحالى سيشهد تغييرات مرعبة إذ إن الكثير من الدول والشركات ، التى ستقف ساكنة ولا تحاول مواكبة التطور التكنولوجي وعمليات التحول الرقمي ، فسيكون مصيرها مجهولا بل ويمكن أن تخرج من دائرة الضوء وعدم قدراتها اللحاق بالقطار السريع نحو اقتصاد المعرفة وهو ما يتطلب منا العمل المكثف لاستعاب حجم التغيرات التي تلاحقنا في مجال الذكاء الاصطناعي والذى سينتج لنا أجهزة ومعدات والات الكترونية اكثر قدرة على استيعاب ملايين المعلومات في دقائق معدودة و التفكير المنظم وابتكار أفكار جديدة وحلول لم تخطر على عقول البشر مطلقا ..وهذا غيض من فيض إنه الجيل الرابع من الثورة الصناعية !
هذا ما يسبب حالة الخوف من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ، والتى لم نضع لها حتى الان قواعد محددة واضحة لتطويرها ،.. فهل ستقودنا التقنية إلى طريق الأمان وإصلاح ما أفسده الانسان عبر العصور الماضية ؟ وهل سنتمكن من العودة إذا ما اكتشفنا أن الآثار الضارة كبيرة جدًا؟ ولهذا من المهم أن نفهم كيف يمكننا استخدام التقنية بشكل صحيح كأداة ووسيلة لمساعدة أطفالنا على التعلم والتطور في المستقبل. وحينها نستخدم التقنية لمساعدتنا على فهم أفضل التوجهات لخدمة متطلبات دعم الاقتصاد وتأهيل أطفالنا وتمكينهم من المهارات اللازمة التي يتطلبها ذلك. وسيتحسن الترابط بين قطاعي التوظيف والتعليم من خلال تحليلات البيانات في الصفوف، ليتمكن كل طفل من أن يصل إلى المستوى ذاته لكن بطريق مختلف عن رفاقه، إذ سيسلك سبيلاً مصمما خصيصًا له.
ومؤخرا كشفت صحيفة " ذا تايمز " أن مسئول تنفيذي في جوجل رفض ذكر اسمه ، أشار لحصول استنفار من أعلى المستويات لدى جوجل وإعلانها عن حالة خطر كبيرة من برامج الدردشة الآلية مثل ChatGPT التي يمكن أن تدمر صميم أنشطة محرك البحث جوجل الذي يعتمد بشكل كبير على الإعلانات والتجارية الإلكترونية الموجودة في محرك بحث " Google" .
أشار التقرير أن الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي كان في اجتماعات “لتحديد استراتيجية جوجل للذكاء الاصطناعي” و “قلب عمل العديد من المجموعات داخل الشركة للرد على التهديد الذي تشكله أداة تي شات جي بي تي ChatGPT” " والذى طورته شركة أوبن أي إي " OpenAI "
حيث تعد أداة " ChatGPT " في إصدارها الثالث وسيلة مذهلة للحصول على إجابات عديدة حول قضايا معقدة ويكفي أن تطرح سؤالا في هذه الأداة لتلقى شرحا وإجابة دقيقة بمستوى عال من الجودة وهو ما دفع عملاق التكنولوجيا الامريكى شركة " مايكروسوفت " الى التأكيد انها خلال الاشهر المقبلة ستضيف اداة " شات جي بي تى "الى محرك بحثها بنج " Bing" لاستعادة عرشها من لتصفح الانترنت من شركة " جوجل " .
وبالفعل أصبحت " تشات جي بي تي" أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي، أبرز بارقة أمل في قطاع التكنولوجيا الذي شهد عام 2022 والذى يوصف بانه كان عاما مؤلما وكئيبا للقطاع ، فيما بين عمليات التسريح والاستغناء عن العمالة وخسائر شركات التكنولوجيا العالمية في أسواق الأسهم وفضائح الاحتيالات في شركات عملات مشفرة ، الا ان نهاية العام حملت لنا مفاجئه سارة أرجعتنا الى عصر الابتكارات والابداعات المتميزة والأجواء الملهمة بفضل البراعة المذهلة التي تقدمها أداة الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" التي يمكنها صياغة مقالات بل يمكنها أيضا تولي عمليات كتابة الكود وتوفير ساعات طويلة أمام المبرمجين لبناء تطبيقات متقدمة خلال أيام قليلا بدلا من أسابيع عديدة، تختزل الأداة تشات جي بي تي الوقت في إنجاز مهام عديدة، بل هناك مئات المهام التي يمكن إنجازها بدقائق أو ساعات بهذه الأداة مقابل أيام وأسابيع أو حتى اشهر عديدة.
ورغم أن أداة " تشات جي بي تي 3 " ، تتوافق مع اللغة الإنجليزية فقط الا انه يمكن توفرها باللغة االعربية عبر الترجمة إلى جانب لغات أخرى في الوقت الراهن، وتتطلب عمل حساب للتسجيل بها (https://chat.openai.com/chat).
ولعل من هم مزايا هذه الأداة الجديدة قدرتها علي تأليف الكتب وكتابة الواجبات ورسائل التخرج ورسائل الدكتوراه (تعمل بالإنجليزية وتتيح العربية من خلال الترجمة التي تعتمد ترجمة جوجل فيها- وبكتابة سؤال عن أي شيء تبدأ بالإجابة بالتفاصيل التي تستمدها من الإنترنت ومصادر مخزنة لديها في قواعد بيانات هائلة الضخامة وما تقوم به هو الإجابة على الأسئلة بناءً على المتوفرة من آلاف المصادر الموجودة لديه ضمن قواعد بيانات هائلة لتغذية معطيات أدوات الذكاء الاصطناعي. ويمكنها مثلا إجراء التصحيح النحوي باللغة الإنجليزية وتقدم أيضا تلخيص النصوص وتبسيط الفقرات المعقدة العصية على الفهم لتحولها إلى مفاهيم أبسط.
وتشبر شركة " أوبن أي إي " أن الأداة الجديدة تتيح عشرات من المهام ومنها ترجمة النص إلى أوامر برمجية ، تحليل البيانات الخام وتحويلها إلى معطيات مستخلصة ذات معنى وقابلة للقراءة والفهم ، إنشاء جداول من نص طويل وتصنيفه إلى بنود في قوائم عند الحاجة ، الترجمة من لغة برمجة إلى أخرى، بل شرح أجزاء معقدة من التعليمات البرمجية ، تحليل النص للكشف عن المشاعر في أجزاء منه ، ويمكنها استخراج الكلمات الرئيسية من كتلة نصية ، بناء تطبيقات من خلال تجميع مكونات جديدة أو من المصادر المفتوحة مثل جت هاب GitHub ، تحويل مداولات الاجتماع إلى ملخص ، يولد تمارين لياقة بدنية من اقتراح خاص بتمارين لجزء من الجسم ليحولها بالواقع الافتراضي إلى تدريب كما تقدم ضمن ابتكار أفكار اللياقة البدنية وألعاب الواقع الافتراضي.
كذلك عن توجيه أسئلة عميقة مثل، ما معنى الحياة؟ أو ما سر المدير المهووس بالتفاصيل، ستقدم إجابات واقعية بمستوى عال من الدقة. وإن عجزت عن تقديم إجابات دقيقة فهي تقر بذلك وتقدم توضيحا لكيفية الرد على الأسئلة لأنها تقع خارج قاعدتها المعرفية بدلا من تقديم الردود المجردة التي سبق أن شاعت مع أدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى "مثل الروبوت صوفيا وصحبها " فمثلا تخيل أن تقدم وصفا لأحد منتجاتك، ويبرع بعدها البرنامج بتحويل وصف المنتج ذاك إلى نص إعلاني جذاب!
فى النهاية نؤكد أن ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي من الصعب جدا تحديد ملامح او توقع الى ماذا سيقود البشرية وسيظل السؤال هل ستثق الالات المزودة بتقيات الذكاء الاصطناعي تثق فى قدرة الانسان على اتخاذ القرارات السليمة أم انها ستطور نفسها لاتخاذ قرارات تراها هى الأكثر ابتكارا واكثر موائمة لما لديها من بيانات ومعلومات مخزنة فى ذاكراتها ؟
وسيظل التحدى الرئيس هل سينجح الانسان فى تغذية هذه الالات بمعلومات وسلوكيات تجعلها عنصر مساعد ، وليس بديل عن الانسان ، لتحسين حياتنا جميعا والتحكم بها حتى لا تخرج عن السيطرة ؟
&
