بقلم : خالد حسن
تفخر دائما جريدة "عالم رقمي " بأنها أول جريدة امتلكت رؤية ضرورية التواجد في الجامعات المصرية لتوطين مفهوم الابتكار والإبداع لدى شبابنا بالجمعات ولاسيما في الكليات المتخصصة ـ حاسبات ومعلومات وهندسة وعلوم ـ حيث ازدادت قناعتنا من خلال الاحتكاك المباشر مع طلاب الجامعات على مدار 17 عاما أن غرس روح الشغف والتصميم على النجاح وريادة الأعمال إذ لابد أن تبدأ من مرحلة التعليم الجامعي على الأقل ، إن لم تكن في المرحلة الاعدادية أو الثانوية قبل التعليم الجامعيي ، نظرا لاحتياجاتها إلى عملية إعداد وإعادة تأهيل لتنظيم طريقة تفكير طلابنا وتوجيههم إلى التفكيربطريقة إبداعية لإيجاد حلول جديدة ابتكارية للعديد من المشاكل المجتمعية أو حتى نطوير الحلول حاليا وإعادة تقديمها بما يتناسب مع عالم التحول الرقمي الذي نعيشه حاليا .
وبالطبع فإن كل إنسان لديه قدرات إبداعية ولكن القليل من الأشخاص هم الذين يسعون لتوظيف هذه القدرات ويسعون لتطوير أنفسهم ونشر إبداعهم ، فالإبداع لا يقتصر على أشخاص دون غيرهم فهذه نظرة خاطئة للأمور إلا أنه في نفس الوقت فإن التفكير الإبداعي لا يأتي من فراغ وإنما يأتى نتيجة الإدراك الجيد للمشكلة والرغبة في حلها لذا فإن غالبية الأفكار البناءة والمبتكرة تأتي من العلماء المحترفين، العاملين في مؤسسات بحثية متخصصة ، إلا أن طبيعة قطاع تكنولوجيا المعلومات تعطي لحماس الشباب وأفكارهم المبتكرة فرصة كبيرة للنجاح ،وذلك رغم الظروف الصعبة والأجواء غير المواتية ، ولكن لا يجب أن نغفل عن حاجة هؤلاء الشباب للاحتكاك بالتجارب الدولية وإعطائهم الفرصة لمواصلة نشاظهم وحماسهم وأن ندفع بالأفكار الجديدة ونترك جانباً ما يجذبنا للخلف.
وبالطبع لا أخفى سعادتي بنجاح فريق "عالم رقمي " بإطلاق الدورة الثامنة عشرة لمبادرة الإبداع ..طريقك للنجاح 2023 " CWS 2021 " حيث ستكون المحطة الأولى في جامعة بنى سويف التكنولوجية بالتعاون مع عدد من شركائنا من الشركات والهيئات المعنية بتوطين ثقافة الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال ولهم مني جميعا كل الشكر والتقدير على مشاركتنا نفس القناعات والحلم بصورة جديدة لشبابنا من طلاب الجامعات القادر على التطوير وإنتاج خدمات تكنولوجية تساهم في تنفيذ رؤية الدولة مصر 2030 وأن ندخل إلى صفوف الدول المنتجة بل والمصدرة للتكنولوجيا .
وفي الحقيقة يمكن أن نؤكد أنه على مدار السنوات الـ 17 الماضية شهدنا ولمسنا تغيرات إيجابية كثيرة ومتنوعة ، من حيث الكم والكيف ، في توطين ثقافة الابتكار لدى شباب الجامعات بداية من تكثيف أوجه التعاون والتنسيق بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم العالي والبحث العلمي لتوفير البنية التحتية التكنولوجية لما بات يعرف الآن بالجيل الرابع من الجامعات الذكية ، وإن كان الواقع يؤكد أننا في حاجة لمضاعفة هذه البنية التحتية في الجامعات لمواجهة الطلب المتزايد علي عمليات الرقمنة لكل آليات العمل الإداري والتعليمي بالجامعات وهنا تأتي أهمية ما وحه به الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا ، خلال اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء والدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، بما يتيح لطلاب الجامعات درجة أعلى من الاستفادة بأدوات التكنولوجيا والانترنت لتنمية مهاراتهم الرقمية اللازمة لتطوير حلول ابتكارية جديدة .
وفيما يمكن وصفه بالطفرة النوعية التي شهدتها السنوات الأخيرة في مجال توطين الإبداع بالجامعات فإنه يجب أن نتوقف عند منظومة برامج التدريب التكنولوجي وبرامج تحفيز الإبداع وتنمية مفهوم ريادة الأعمال بين الشباب عبر ما يعرف بمراكز " مصر للإبداع الرقمي " والتي تتضمن ـ وفقا لمخططات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، لإقامة نحو 25 مركزا داخل الجامعات المصرية موزعة على كل المحافظات باستثمارات تتجاوز 1.5 مليار جنيه حيث تم الانتهاء من تأسيس 7 مراكز في المرحلة الأولى كما تضمنت المرحلة الثانية إقامة 9 مراكز للإبداع الرقمي حيث تعد هذه المراكز بمثابة النواة الاستراتيجية لاكتشاف وتأهيل وتدريب الطلاب المبتكرين وبناء قاعدة استراتيجية من الطاقات البشرية والكفاءات المتميزة للعمل والإبداع في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بجميع المحافظات .
وتعد هذه المراكز بمثابة استنساخ لدور مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال " TIEC " ، التابع لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ، والذي نجح في أن يساهم في تأسيس نحو 300 شركة ناشئة في مجال تكنولوجيا المعلوات ، وتكوين شبكات مجتمعية متخصصة مع التركير على تنمية الابتكار وتوطين الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال كصناعة للمستقبل كما يتولى تنفيذ برامج تدريبية داخل كل الجامعات الحكومية والخاصة وهناك أعداد كبيرة من المدربين قاموا وسيقومون بتدريب طلاب الجامعات على مستوى كليات الهندسة والحاسبات والمعلومات لتدريب احترافي في مجال التكنولوجيا لنحو 100 ألف متدرب " من بينهم رائد أعمال، متخصص في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتدريب الآلاف من الخريجين " بجانب التوعية والتدريب بالإضافة إلى توفير 7500 فرصة عمل .
وبالطبع نتفق جميعا على ضرورة التركيز على توطين ثقافة الابتكار والإبداع لدى الشباب بالجامعات بما يسمح بإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل الحالية لاسيما في المحافظات كونهم يمثلون وقود أي أمة تبحث عن التقدم والتطور والمصدر الرئيسي للأفكار المبتكرة، خارج الصندوق، وطرح حلول إبداعية للتحديات التي تواجه عملية التنمية علاوة على كونهم الأقدر على الحركة والمرونة وفقا للمشاكل التي نبحث لها عن حلول .
وفي تصوري أن الحديث عن مبادرة " ريادة الأعمال وتنمية الإبداع " التي تتبناها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، منذ سنوات، بجب أن يكون للشباب ، كأفراد أو مؤسسات صغيرة دور كبير في تفعيل هذه المبادرة من خلال وضع آليات محددة وخطوط واضحة لمخاطبتهم والتحاور معهم بصورة مباشرة والاستفادة من قدرات الشباب وتوجيههم نحو الإبداع والذي بات نمطا من التفكير يمكن لأي شخص أن يتعلمه ويتدرب عليه، وهذا ما نجحت في القيام به مبادرة جريدة عالم رقمي " الإبداع .. طريقك للنجاح " على مدار 17 عاما لتكون همزة الوصل بين ثالوث عملية التنمية التكنولوجية " الجامعات – شركات التكنولوجيا – وزارة الاتصالات والجهات التابعة بها ".
في اعتقادي أنه من الخطأ أن ننظر للإبداع بوصفه موهبة شخصية فقط يولد بها الانسان وهذا فى الحقيقة ضد كل ما نعرفه من قصص المبدعين فليس المبدع هو من يستطيع تخزين أكبر كم من المعلومات في ذهنه وإنما من يستطيع الربط بين الأشياء وترتيب طريقة التفكير ولديه الرغبة والإرادة والتصميم على التغيير ومن ثمة فإنه كما يتم تعليم الأطفال والشباب ممارسة كرة القدم أو أى رياضة أو أي أعمال فنية يجب أن يتم التعامل مع مواردنا البشرية، سواء أفرادا أو مؤسسات ، من خلال تعليمهم وتدريبهم على التفكير بصورة دائمة بطريق ابتكارية ، وليس حادثا عارضا ، وتقبل أفكارهم الجديدة والتفاعل معها .
نعلم مدى اهتمام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودعمها للتفوق وكل من يتميز في مجالات الإبداع والابتكار لوضع الشباب المصرى على طريق طويل للتنافسية ودعم الابتكار والإبداع إلا إننا نؤكد أن أمامنا فرصة ذهبية خلال الخمس إلى العشر سنوات القادمة فى مجال المنافسة بقوة فيما أصبح يعرف باقتصاد المعرفة ولاغتنام هذه الفرصة هناك حاجة إلى جهد مختلف ومتكامل وعمل دؤوب لتأهيل الشباب وصقل مهاراته في مجال الإبداع التكنولوجي فالتنافسية تقوم في الفترة القادمة على البحث والتطوير والإبداع وكل ما هو خلاق بالنسبة للشباب لكي تحصل بلادنا على مكانتها اللائقة في هذا المجال ووضع بصمة تكنولوجية حقيقية على طريق الإبداع العالمي للمعلومات .
وفى الحقيقة كانت جريدة " عالم رقمي " مدركة تماما أهمية نشر وتوطين ثقافة الإبداع لذا تبنت منذ مبادرة " الإبداع .. طريقك للنجاح " في الجامعات المصرية والتي تعتمد على مفهوم الاحتكاك المباشر بين ممثلي شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية والمحلية وشباب كليات الهندسة وعلوم الحاسبات على مستوى كل المحافظات ،وباتت لدينا مصداقية كبيرة لدى الطلاب وينتظرون المبادرة سنويا وروابط وثيقة قائمة على الاحترام المتبادل مع أعضاء هيئة التدريس ، إذ تؤكد التجربة الواقعية أن لدينا بالفعل شباب مبدع في مجال التكنولوجيا إلا أن غياب المعلومات لديهم ونقص الإمكانيات يشكل حجر العثرة لهؤلاء الشباب ونأمل أن تكون مبادراتنا "CWS " هى طوق النجاة لهؤلاء الشباب وبناء قاعدة كبيرة لشباب المبدعين المصريين في مجال تكنولوجيا المعلومات .
&