نبضات
بقلم : خالد حسن
لعلنا يمكن أن نتفق على أنه من المشروع تفهم حالة الخوف من تقنيات الذكاء الاصطناعي " Artificial intelligence " ، والتى لم نضع لها حتى الآن قواعد محدودة واضحة لتطويرها ،..فهل ستقودنا التقنية إلى طريق الأمان وإصلاح ما أفسده الإنسان عبر العصور الماضية ؟ وهل سنتمكن من العودة إذا ما اكتشفنا أن الآثار الضارة كبيرة جدًا؟ ولهذا من المهم أن نفهم كيف يمكننا استخدام التقنية بشكل صحيح كأداة ووسيلة لتحسين نمط حياتنا ولمساعدة أطفالنا على التعلم والتطور في المستقبل. وحينها نستخدم التقنية لمساعدتنا على فهم أفضل التوجهات لخدمة متطلبات دعم الاقتصاد وتأهيل أطفالنا وتمكينهم من المهارات اللازمة التي يتطلبها ذلك.
وفي خطوة مهمة نحو تنظيم ورسم ملامح استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي " " أصبح الاتحاد الأوروبي أول قارة تضع قواعد واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي إذ لأول مرة في التاريخ، يتم الاتفاق على وضع قانون لتنظيم تعاملات واستخدامات الشركات والدول لطفرة الذكاء الاصطناعي، حيث اتفق، مؤخرا صناع القرار وواضعو السياسات في الاتحاد الأوروبي على تنظيم قانون شامل للذكاء الاصطناعي، وهو "قانون الذكاء الاصطناعي".
ومن شأن إقرار هذا القانون أن يجعل الاتحاد الأوروبي أول هيئة حاكمة في العالم تقوم بتمرير تشريع من هذا النوع بشأن الذكاء الاصطناعي وفي غضون ذلك، ركز صناع السياسات الأوروبيون على الاستخدامات الأكثر خطورة للذكاء الاصطناعي من قبل الشركات والحكومات.
وأكد تييري بريتون ـ المفوض الأوروبي أن القانون أكثر من مجرد كتاب قواعد .. إنه منصة انطلاق للشركات الناشئة والباحثين في الاتحاد الأوروبي لقيادة سباق الذكاء الاصطناعي العالمي موضحا أن الأفضل لم يأت بعد.
وأكد صناع السياسات في أوروبا على أن القانون يستوعب تلك الآليات المستخدمة في إنفاذ القانون وتشغيل الخدمات الحيوية مثل المياه والطاقة.
ومن المهم الإشارة إلى أن القانون الجديد أعطى صناع السياسات الأوروبيين الفرصة لفرض غرامات حاسمة لمنع التلاعب والتهرب من الإفصاح والشفافية من جانب الشركات.
ومن المتوقع أن يواجه صانعو أنظمة الذكاء الاصطناعي واللاعبون الكبار على غرار OpenAI وغيرها، متطلبات الشفافية والإفصاح وسيتم فرض قيود شديدة على تقنية التعرف على الوجه من قبل سلطات إنفاذ القانون، وقد تواجه الشركات التي تنتهك القواعد غرامات تصل إلى 7% من المبيعات العالمية.
رغم إقرار القانون إلا أنه لا يزال القانون الجديد بحاجة إلى موافقة البرلمان الأوروبي، على الرغم من أن ذلك سيكون إجراءً شكليًا اذ ليست الموافقة البرلمانية فقط هى من سيمنح القانون صبغة تنفيذية، حيث لا يزال المشرعون بحاجة إلى العمل على بعض تفاصيل القانون الجديد.
وفقا للمشرع الأوروبى فإن القواعد لن تدخل حيز التنفيذ حتى عام 2025 على أقرب تقدير، مما يترك مجالًا للكثير من التطور التكنولوجي حتى ذلك الحين.
كذلك رغم تمرير اتفاق مبدئي حول القواعد العامة كان لا يزال الاتفاق النهائي حول تنظيم قواعد الذكاء الإصطناعي في أوروبا محل جدال عميق وصاخب بين 27 دولة أوروبية.
وفي غضون ذلك، واجهت الجهود التي بذلتها أوروبا منذ سنوات لوضع حواجز حماية للذكاء الاصطناعي بسبب الظهور الأخير لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT من شركة OpenAI والتي أثارت المخاوف بشأن المخاطر التي يفرضها بعض التعثر.
وبالطبع دفعت هذه المخاوف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين والتحالفات العالمية مثل مجموعة السبعة إلى السباق لتنظيم التكنولوجيا سريعة التطور.
من هنا تأتى أهمة ما توصلت إليه دول الاتحاد الأوروبي والمشرعون إلى اتفاق مبدئي بشأن القواعد الناظمة لأنظمة وبرامج الذكاء الاصطناعي حيث جاء ذلك بعد مناقشات استمرت 20 ساعة، تمهيدًا لإقرار القانون الأول من نوعه في ظل تصاعد المخاوف من انتشار التطبيقات التي تعتمد على التكنولوجيا الوليدة.
وتم التوصل لاتفاق أولي حول كيفية التعامل مع عنصر واحد ـ قواعد النماذج التأسيسية / الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة (GPAIs) - وتم الاتفاق عليه، وفقًا لاقتراح تم تسريبه وتضمن الاتفاق المبدئي استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة البيومترية أو المصادقة البيومترية لأغراض الأمن القومي والدفاع والأغراض العسكرية وتعد المصادقة البيومترية عملية أمنية تعتمد على السمات البيولوجية مثل بصمات الأصابع وقزحية العين والأصوات وميزات الوجه بالإضافة الى شكل الأذن للتحقق من هوية الأشخاص.
وأراد المشرعون في الاتحاد الأوروبي حظر استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة البيومترية، في حين تريد الحكومات استثناءً لأغراض الأمن القومي والدفاع والأغراض العسكرية.
وقدمت حكومات الاتحاد الأوروبي تنازلات على أمل الحصول على دعم نهائي من المشرعين لتتمكن من استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة البيومترية وبعدما تم الاتفاق بشكل نهائي على هذه النقطة، فإن قانون الذكاء الاصطناعي الأول من نوعه في الاتحاد الأوروبي، والذي اقترحته المفوضية الأوروبية قبل عامين، سيكون بمثابة معيار للدول التي تسعى إلى بديل للنهج الخفيف الذي تتبناه الولايات المتحدة والقواعد المؤقتة التي أقرتها الصين.
فى النهاية نؤكد أن ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي من الصعب جدا تحديد ملامح او توقع الى ماذا سيقود البشرية وسيظل السؤال هل ستثق الالات المزودة بتقيات الذكاء الاصطناعي تثق فى قدرة الإنسان على اتخاذ القرارات السليمة أم انها ستطور نفسها لاتخاذ قرارات تراها هى الأكثر ابتكارا واكثر مواءمة لما لديها من بيانات ومعلومات مخزنة فى ذاكراتها ؟
وسيظل التحدي الرئيسي هل سينجح الإنسان في تغذية هذه الآلات بمعلومات وسلوكيات تجعلها عنصرا مساعدا، وليس بديلا عن الإنسان ، لتحسين حياتنا جميعا والتحكم بها حتى لا تخرج عن السيطرة ؟
&