نبضات
بقلم : خالد حسن
رغم مرور الزمان والأيام والسنوات الا ان دائما ما يكون لذكريات " البدايات " مكانة مميزة فى حياتنا وداخل قلوبنا وعقولنا وربما تكون هى مصدر الالهام لنا للاستمرار فى العطاء وبذل المجهود لتحقيق الاهداف بل والتطلع الى طموحات جديدة حتى فى ظل تفاقم الاعباء والتحديات ولكن بالتاكيد لن تكون فى نفس مستوى صعوبات وازمات البدايات .
وفى مثل هذه الأيام منذ 20 عاما وأثناء رحلة عمل الى وادى السيلكون "سيليكون فالي " فى الولايات المتحدة الامريكية ، وخلال رحلة الطائرة والتى استغرقت اكثر من 13 ساعة عبر المحيط الاطلسى مرورا بجميع اراضى الولايات المتحدة للوصول الى ولاية كاليفورنيا بالغرب الامريكى ، راودتنا فكرة إصدار أول جريدة اسبوعية مصرية وعربية متخصصة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، تصدر باللغة العربية والانجليزية ، ورغم أن الفكرة استغرقت نحو عامين بعدها من التفكير والدراسة والعرض على كثير من المساهمين واخذ استشارة الخبراء والمتخصصبن فى مجال تكنولوجيا المعلومات والصحافة الا اننا نجحنا ، كفريق عمل ، فى إطلاق الفكرة للنور فى عام 2007 بعد محاولات ومحاولات تجريبية للوقوف على الشكل النهائى للجريدة وأسلوب كتابة المحتوى ناهيك عن طريقة معالجة القضايا .
وفى الحقيقية لا أدعي أننا نتجمل اذا قولت أننا مارسنا فى إطلاق جريدة " عالم رقمى " نفس الخطوات العملية التى تقوم بها شركات التكنولوجيا الناشئه فى الوقت الحالى لعرض أفكارها للحصول على تمويل من صناديق رأسمال المخاطر او الجهات التمويلية المحلية والعالمية وذلك من خلال اعداد داسة جدوى اقتصادية شاملة وتشكيل فريق عمل متكامل من الكوادر البشرية ، على كافة المستويات ، وتقديم عروض للمساهمين المتوقعين والمهتمين ودعوتهم للمساهمة فى تمويل الجريدة .
كذلك بداية من أسم الجريدة " عالم قمي " والذى لم يجد استحسان لدى غالبية خبراء التكنولوجيا الذين تحدثنا معهم بداعي ان الاسم غير مفهوم للعامة ومن الصعب نطقه ولكن كان رؤيتنا ان الاسم يجب ان يعبر عن محتوى الجريدة بمنتهي القوي وانها مهتمة بدور التكنولوجيا والاتصالات فى تطوير كافة القطاعات وطالما ان الكمبيوتر لا يتعامل الا مع " الصفر والواحد " وهى بالطبع أرقام ومن ثمة " عالم رقمي " هو التعبير الموضوعي و الأصدق عما تستهدفها الجريدة لتشكل قيمة مضافة حقيقة فى بلاط صاحبة الجلالة.
وكان حلمنا يعتمد على 4 محاور أساسية أولها إصدار جريدة متخصصصة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لا لتغطية انشطة وفاعليات القطاع فقط وانما لتكون صانعة للاحداث وتقديم تغطية صحقفية مميزة وشاملة لدور الحلول التكنولوجية فى تطوير القدرات التنافسية لمؤسسات الاعمال فى جميع القطاعات الاقتصادية سواء الخدمية والانتاجية .
وركز المحور الثاني على تأهيل كتيبة من الموارد والكوادر البشرية حيث تم الاعتماد على تدريب نحو 45 شاب من حديثي التخرج ، من كلية الاعلام بالتنسيق مع جامعة القاهرة ، وتم إعداد برنامج لتأهيلهم كصحفيين متخصصين فى مجال تكنولوجيا مع التركيز على تاريخ صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات محليا وعالمية وأهم الموضوعات والتحديات الحالية والمستقبلية التى توجه هذه الصناعة محليا وما هى مقوماتها وامكانياتها ولا يمكننا أن ننكر الدور الايجابي دور بعض القامات الصحفية من الزملاء الافاضل ، من أصحاب الخبرة فى هذا المجال ، والذين كانوا بمثابة المدربيين الامناء لزملائهم من الشباب .
أما المحور الثالث فتمثل على الا تكتفى بإصدار مجرد جريدة ورقية أسبوعية بل أثناء الأعداد التجريبية للجريدة كنا أطلقنا الموقع االالكترونى للجريدة " www.alamrakamy.com" وتزامن معه مجموعة من الخدمات نستطيع ان ندعي اننا كنا سباقين فيها لتطور السوق حيث اطلقنا اول قناة تليفزيونية على الانترنت شملت نحو 4 برامج قدمها الزملاء الصحفين العاملين بالجريدة وكذلك اذاعة متخصصة بقطاع التكنولوجيا والاتصالات حيث كنا نستهدف القراء من أصحاب الاعاقة البصرية بما يتيح لهم الاستماع الى كافة الاخبار الموجودة على الموقع .
أما المحور الرابع فتمثل فى ان يتزامن دورنا الاعلامي مع تعزيز مسؤوليتنا المجتمعية حيث اطلقنا مبادرة " الابداع...طريقك للنجاح " والتى استهدفت مد جسور التعاون بين الجامعات من ناحية ، خاصة كليات الهندسة والحاسبات والمعلومات والعلوم بالجامعات ، ومن ناحية أخري شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والجهات المعنية بالتنمية التكنولوجية بصورة عامة وذلك لمساعدة الطلاب على تنمية مهاراتهم الرقمية وفقا لمتطليات سوق العمل " المحلي والعالمي ، وكذلك التعرف على المبادرات والبرامج التدريبية التى تقدمها الجهات الحكومية والحاصة فى هذا المجال .
وبقدر ما كان حلمنا كبير بقدر ما كانت التحديات التى واجهنها كبيرة جدا ولكن كان طموحنا وشغفنا بلا حدود وسعينا فى حدود امكانياتنا المالية توظيفها بالصور المثلي من خلال تعظيم خبراتنا الفنية والتقنية فى مجال الصحافة وتكنولوجيا المعلومات حتى استطعنا الوصول الى بر الامان بهذه التجربة الوليدة والتى مازلت شخصيا اعتقد انها ستشهد تطورا كبيرا خلال الفترة القادمة لاسيما ما انضمام جيل جديد من الشباب جيل ال " Z " والذى تعد التكنولوجيا بمثابة نمط حياتهم اليومية ومن ثمة سيكونوا قادرين اكثر منها على تلبية قارىء المستقبل .
فى اعتقادى ونحن نحتفل بالشمعة الثامنة عشر لإصدار جريدة " عالم رقمي " فأننا لا يمكننا أن ننكر فضل الكثير ممتن ساعدوا هذه التجربية لترى النور فى أوقات اقل ما يمكن وصفه فيها انها كانت صعبة ، وعلي رأسهم المرحوم الدكتور طارق كامل، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاسبق ، أحد اكبر المقتعين والمناصرين بقوة لدور الصحافة المتخصصة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبناء مجتمع المعلومات وقتها ، والدكتور أحمد درويش وزير التمية الادارية الاسبق والذى كان داعما استراتيجيا معنويا للجريدة وحضر بنفسه حفل إطلاق الجريدة ، وكذلك الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق والذي كان مؤيدا بشدة لفكرة الجريدة هذا بالاضافة الى مجمعوة متنوعة من الجيل الاول" المؤسس " لخبراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذين لم يبخلوا عليا بآراهم وتزويدنا مقترحاتهم والسماح لنا بفتج باب المناقشة الحرة لكافة القضايا التي تواجه صناعة تكنولوحيا المعلومات والاتصالات بهدف تنمية وتطوير هذه الصناعة وزيادة قدراتها التنافسية .
ومن قبيل الشىء بالشىء يذكر فان اطلاق الاصدار الاول للجريدة كان مخطط لها ان يتم مع اطلاق فاعليات معرض جيتكس دبي وبالتالى فان كل دوة جديدة من معرض " جيتكس " ، والذى ستقم حاليا الدوة ال 46 له ، تحمل لنا ذكرى جميلة لكل اعضاء فريق الجيل المؤسس جريدة " عالم رقمي " وتثير بداخلنا حالة من الشغف والتفاؤل والإرادة والتصميم على الاستمرار انها ذكرى اطلاق جريدتنا الغراء وويمر شريط الذكريات ، لنحو 18 عام ، للامام للتوقف عند ايام كنا نقضيها متواصلة فى الجريدة مستيقظين ، بدون العودة لمنازلنا ، لاصدار الاعداد التجربيبة .. وايام نتابع فيها أعمال التجهيز لمعدات ومستلزمات الجريدة ..وساعات لاجتماعات مجلس التحرير مع الزملاء لتخديد الموضعات الخاصة بالعدد الجديد .
رؤيتنا ..لدور الصحافة المتخصصة .. كانت وستظل أننا شركاء للتنمية وعنصر فعال فى عملية اتخاذ القرار من خلال نقلها نبض واحتياجات المواطن بالاضافة لدورها فى تسليط الضوء على الخدمات المتنوعة والمتطورة التى يقدمها القطاع لتحقيق مفهوم التنمية الشاملة لذا لم ولن تبخل " عالم رقمى " فى تقديم دعمها لتوفير الادوات التكنولوجية اللازمة لتحسين اداء الصحافة المتخصصة وكذلك الدورات التدريبية لمواكبة التقنيات المتسارعة فى هذا المجال لتكون الصحافة المصرية المتخصصة على قدم المساواة مع نظيرتها العالمية .
فى تصوري نؤكد أنه رغم الجدل الذى يثار - بين الحين والحين - حول مستقبل الصحافة المتخصصة ، والتى خرجت للنور فى نهاية الثمانيات من القرن الماضى ، الا ان الصحافة المتخصصة سيظل لها رونقها وبريقها لدى القارىء الذى يبحث عن المحتوى الجيد والعمق والتحليل فى المعلومات التى يتم نشرها ، وليس مجرد سرعة معرفتها ، ويتطلع لمعرفة كافة الأراء حول قضية محددة .
فى النهاية ..لا يسعنى إلا أن أكرر ، كل عام ، شكرى العميق لجميع من ساهم فى خروج واستمرار هذا الجريدة من كتيبة الصحفيين والعاملين بالجريدة و أصداقاء مخلصيين من خبراء ومديرى شركات الاتصالات و التكنولوجيا وجهات وطنية ومسؤوليين حكوميين ، ورؤوساء زراء ووزراء ومستشاري الاعلام كانت لقناعتهم الشخصية باهمية الشراكة الاعلامية، دور جوهرى تطوير وتنمية الصحافة المتحصصة فى مجال التكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإنجاح واستمرار جريدة " عالم رقمى " كأحد منابر الاعلام المتخصص فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ليس فى مصر فقط ولكن فى منطقة الشرق الاوسط .