ثقافة التمويل وريادة الأعمال والابتكار

  • بقلم : خالد حسن

     

    تعتبر ريادة الاعمال وتطوير حلول مبتكرة للتحديات المجتمعية، بما ينسجم مع التوجّه العالمي ، احد اهم محاور بناء اقتصادات قائمة على المعرفة، واستثمار التكنولوجيا المتقدمة لتحقيق التنمية وبناء مستقبل أكثر ازدهاراً ونماءً للشعوب. وهذا ما يفسر اطلاق غالبية دول العالم لمبادرات ومشاريع وبرامج تسعى إلى دعم المبتكرين والمطوّرين في شتى المجالات، وتنمية قطاع الأعمال وفقا لمنظور مستقبلي يأخذ في الاعتبار احتياجات المجتمع ، وتطوير حلول استشرافية استباقية لمشكلات عصرية، مع توفير حاضنات لمشاريع الشباب ، مع التركيز على أهمية تحقيق نمو اقتصادي مستدام على نحو يعزز الاستقرار المجتمعي .

     

    وفى اطار الاهتمام الكبير التى تعطيه الدولة لنشر ثقافة ريادة الاعمال شهد الاسبوع الماضى انطلاق النسخة الثانية من قمة الشمول المالي والرقمي للشباب، تحت شعار “جيل 2030″، اذ أكد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، على حرص الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على تمكين الشباب وتوجيههم نحو مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا وإزدهارًا، حيث تأتي النسخة الثانية من القمة الشمول المالي والرقمي للشباب، ذات أهمية كبرى، موضحا أن الدولة تضع في صدارة أولوياتها تمكين الشباب وإشراكهم في مسارات التنمية الشاملة التي تخدم رؤية مصر 2030.

     

    كما أكد نؤمن بأن تعزيز الثقافة المالية لدى الشباب هو حجر الزاوية في تحقيق التنمية الاقتصادية، ولذلك، نسعى إلى تزويدهم بالمعرفة والأدوات التي تُمكّنهم من الولوج إلى أسواق المال بثقة ومسؤولية مشيرا أن الاقتصاد الرقمي يمثل المستقبل، وأن استخدام التكنولوجيا الرقمية في قطاع المال والاستثمار سيعزز من قدرة الشباب على تحقيق النجاح في هذا المجال واصبح ضرورة وليست رفاهية، خاصة مع التطور الكبير في التكنولوجيا المالية، حيث أصبح من الممكن الآن للشباب فتح حسابات استثمارية والتداول في البورصة باستخدام التطبيقات الرقمية، مما يتيح لهم الدخول إلى السوق بشكل أسرع وأكثر أمانًا. ومع ذلك، فإن هناك أهمية كبري نسعي دائما لتكون عند الشباب، وهي تأمين البيانات والمعلومات الشخصية، وهو أحد الجوانب التي نحرص على تعزيزها لضمان حماية استثماراتهم.

     

    وبالطبع فان مجال ريادة الأعمال يتطور باستمرار، وتتغير أيضاً طرائق دعم عملها لذا فإن وزارة الشباب تتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة الاقتصادية، وعلى رأسها هيئة الرقابة المالية وايضا البورصة المصرية، لتوفير برامج تدريبية متنوعة تستهدف توعية الشباب بأهمية الادخار التراكمي طويل الأجل، وتكوين محافظ استثمارية متنوعة تساهم في تقليل المخاطر المالية التي ربما يتعرضون لها”.

     

    ومن المنتظر ان يشهد الاسبوع المقبل انطلاق النسخة العاشرة من قمة تكني الإسكندرية برعاية اعلامية ل" جريدة عالم رقمي " اذ تعقد القمة تحت شعار"عشر سنوات من تلاقي العقول المبدعة" لتحتفل بعقدٍ كامل من الابتكار وريادة الأعمال تحت رعاية وزارة الاتصالات ، وهيئة "ايتيدا"  حيث من المتوقع أن تشهد القمة حضوراً ضخماً يتجاوز  40 ألف مشارك من الخبراء ورواد الأعمال والشباب من مختلف أنحاء العالم، من بينهم أكثر من 200 مستثمر جاهز لدعم المشاريع الواعدة، وما يتخطي 1,000 شركة ناشئة لعرض ابتكاراتها حيث تهدف لربط رواد الأعمال والشركات الناشئة بالمستثمرين والشركات الكبرى، وتوفير منصة مثالية لتبادل الأفكار والمعرفة، وبناء الشراكات كما ستضم القمة أكثر من 80 جلسة نقاشية، بالإضافة إلى 100 ورشة عمل تفاعلية تتناول أحدث الابتكارات في مجال التكنولوجيا، وفرص الاستثمار في الشركات الناشئة، والتحديات التي تواجه مشهد الاستثمار وريادة الأعمال في المنطقة .

     

    ويمكن ان نتفق على ان ريادة الاعمال تعد من أحدث الأدوات الإدارية الجديدة التي تساعد في تطوير وتنفيذ وتخطيط وتحسن اداء المشروع أو المنشأة، ويأتي هذا من خلال حل المشكلات الإقتصادية الموجودة وتقديم حلول أو قرارات إستراتيجية تفيد المشروع أو المنشأة، على أن يتم كل هذا بدون تعرض المشروع لأى نوع من الخسائر أو التأثير السلبى عليه وعلى كفاءته، وتساعد ريادة الاعمال بخلق روح متطورة وتنافسية تفيد الشروع وتحسين ترتيبه بين جميع المشاريع المماثلة والموجودة بالسوق.

     

    وبالطبع يتوقف قيمة التمويل الذى يمكن ان تحصل عليه الشركات الناشئه على عدة عناصر لعل اهمها امتلاكها لمنتج او خدمة ابتكارية قادرة على جذب المستخدمين بصورة دائمة وقابلة للنمو وكذلك امتلاك هذه الشركات لفريق عمل من الكفاءات البشرية والذى يمتلك شغف الابتكار والخبرة فى مجال تخصصها وتوطيف التكنولوجيا فى افضل فى صورة ممكنة وقدرة هذه الشركات على الابداع المستمر للمنافسة المحلية والعالمية ناهيك عن ضرورة امتلاك هذه الشركات لاستراتيجية مستقبلية بماذا ستفعل بالتمويل الذى تسعي لجذبه وان يكون لديها رؤية واضحة ومحددة زمنيا كيف سيتم استثمار هذا التمويل لمضاعفة حجم أعمالها وعملائها وبالتالى ارتفاع قيمتها السوقية بما يحقق اهداف المستثمرين ، سواء صناديق رأسمال مخاطر او مستثمرين أفراد ، كذلك من المهم ان تدرك هذه الشركات ان الممارسات الغير قانونية والغير تجارية لتحقيق نتائج أعمال وهمية لايمكن ان يكون هو الوسيلة الانسب لجذب المزيد من الاستثمارات .

    ووفقا للدراسات المتخصصة فى مجال ريادة الاعمال فان أهم التحديات التى يمكن أن تواحه الشركات الناشئه تتمثل فى اولا" إدارة الماليات" حيث يواجه بعضها صعوبة في إدارة ماليات مشروعاتهم وتخصيص الميزانية للمهام المختلفة بشكل صحيح  فمثلا فأن التكنولوجيا المالية ساهمت في تبسيط وتيسير الكثير من الإجراءات المتعلقة بفتح الحسابات وبالتداول في سوق الاوراق المالية فقد مكنت المستثمر من فتح حساب له دون الحاجة إلى الذهاب الفعلي إلى مقر الشركة وفقا للقواعد المنظمة للهوية الرقمية، كما أتاحت له التداول باستخدام التطبيق الرقمي على هاتفه المحمول أو باستخدام الموقع الإلكتروني للشركة وأيضا دون الحاجة إلى الذهاب إلى مقر الشركة.

     

    على ان التحدي الثاني" المبيعات والتسويق " اذ يرى نسبة كبيرة من رواد الأعمال في العالم إن تحدي المبيعات والتسويق هو أصعب تحدي يواجهونه لذا يجب علي رائد الأعمال الذي ليس لديه خلفية عن المبيعات والتسويق أن يلجأ لتعيين شخص محترف يساعده في وضع وتنفيذ استراتيجيات التسويق المناسبة لنشاطه.

    اما التحدي الثالث فهو " المنافسة غير العادلة " حيث تواجه المشروعات الجديدة صعوبات كبيرة عندما ينافس خدمة أو منتج يقدمه غيره من المؤسسات الكبيرة لكنها في نفس الوقت بتتميز عنهم في قلة التكاليف الإدارية والمرونة على حين ان التحدي الرابع فهو " قصور الرؤية والتخطيط " اذ يسقط الكثير من رواد أعمال  في خطأ الحصول على تمويل يكفي تأسيس وإنشاء المشروع من غير التخطيط للمستقبلكن الصح إنه يتم الحصول على تمويل يكفي المشروع لمدة من 18 وحتى 24 شهر، وهي الفترة التي يحتاجها المشروع لبدء جني الأرباح.

    وفى وجهة نظرى ان التحدى الاكبر هو " اتخاذ القرارات الصحيحة "اذ يطالب رائد الأعمال باتخاذ عشرات القرارات بشكل يومي، منها  يتوقف عليه مستقبل الشركةومنها قرارات أخرى بسيطة لتسيير الشغل، لذا من المهم جدًا أن يكون  لديه القدرة على اتخاذ القرارات بسرعة وبحكمة

    فى اعتقادى أنه من الخطأ أن ننظر للإبداع بوصفه موهوبة شخصية فقط يولد بها الانسان وهذا فى الحقيقة ضد كل نعرفه من قصص المبدعين فليس المبدع هو من يستطيع تخزين اكبر كم من المعلومات فى ذهنه وإنما من يستطيع الربط بين الأشياء وترتيب طريقة التفكير ولديه الرغبة والإرادة والتصميم على التغير ومن ثمة فانه كما يتم تعليم الأطفال والشباب ممارسة كرة القدم او أى رياضة او اعمال فنية يجب أن يتم التعامل مع مواردنا البشرية ، سواء أفراد أو مؤسسات ، من خلال تعليمهم وتدريبهم على التفكير بصورة دائمة بطريق ابتكارية ، وليس حادثا عارضا ، وتقبل أفكارهم الجديدة والتفاعل معها .

    وبالطبع نتفق جميعا على ضرورة التركيز على توطين ثقافة الابتكار والإبداع لدى الشباب بما يسمح بإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل الحالية كونهم يمثلون وقود أى أمة تبحث عن التقدم والتطور والمصدر الرئيسى للافكار المبتكرة ، خارج الصندوق ، لطرح حلول جديدة للتحديات التى تواجه عملية التنمية علاوة على كونهم الأقدر على الحركة  والمرونة وفقا للمشاكل التى نبحث لها عن حلول .

    فى النهاية فأن الحديث عن " ريادة الاعمال وتنمية الإبداع " يجب أن يكون للشباب ، كأفراد أو مؤسسات صغيرة ، دور كبير فى تفعيل هذه المبادرة من خلال وضع آليات محددة وخطوط واضحة لمخاطبتهم والتحاور معهم بصورة مباشرة والاستفادة من قدرات الشباب وتوجيهم نحو الابداع والذى باتت نمط من التفكير يمكن لأي شخص أن يتعلمه ويتدرب عليه، فالمبتكر هو الذي يطور شيئًا لم يكن موجودًا من قبل وهذا الشيء لا بد من أن يكون له قيمة فممارسة الابتكار تعتبر حافزًا قويًا لأنها تجعل الأفراد أكثر اهتمامًا بما يقومون به، وتعطي الأمل في الوصول إلى أفكار قيمة كما أنها تجعل الحياة أكثر متعة وإثارة للاهتمام خاصة إذا كان الابتكار مرتبط بوجود عائد مادى .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن