نبضات "حوكمة البيانات" ..محرك للابتكار واسخلاص ثروة المعرفة

  •  

    بقلم : خالد حسن

    إن الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية للبيانات هائلة فهي تُمكّن من ابتكار منتجات وخدمات جديدة قائمة على تقنيات حديثة، وتزيد من كفاءة الإنتاج، وتوفر أدوات لمواجهة التحديات المجتمعية. ففي مجال الصحة، على سبيل المثال، تُسهم البيانات في توفير رعاية صحية أفضل، وتحسين العلاجات المُخصصة، والمساعدة في علاج الأمراض النادرة أو المزمنة. كما أنها تُمثل محركًا قويًا للابتكار وتوفير فرص عمل جديدة، وموردًا حيويًا للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة.

     

    ورغم تنبى الحكومة المصرية لمفهوم التحول الرقمي من اكثر من عقدين من الزمان الا انه لم نستطيع حتى الان تعظيم الاستفادة من عملية امكانيات التحول الرقمي فلا يزال تبادل البيانات بين المؤسسات الحكومة محدودًا بسبب عدد من العوائق (بما في ذلك ضعف الثقة في تبادل البيانات، والمشكلات المتعلقة بإعادة استخدام بيانات القطاع العام وجمعها للصالح العام، بالإضافة إلى العوائق التقنية).

     

    وفى هذا الاطار اعتمد المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى ، برئاسة الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سياسة البيانات المفتوحة لجمهورية مصر العربية، والتى تم إعدادها وصياغتها من قبل وزارة الاتصالات ، لتدخل بذلك حيز التنفيذ اعتبارًا من أغسطس 2025 كمرحلة انتقالية حتى صدور قانون حوكمة البيانات ولائحته التنفيذية وتُمثل هذه السياسة أول إطار وطنى شامل لإتاحة البيانات العامة غير الحساسة التى تحتفظ بها الجهات الحكومية، وذلك بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، ويُراعى السياق الوطنى واحتياجات التنمية المستدامة كما تُعد هذه السياسة خطوة تأسيسية تمهد الطريق نحو حوكمة مسؤولة للبيانات وتحقيق الاستخدام الأمثل لها فى دعم الابتكار، وتحفيز الاقتصاد الرقمى، وتعزيز الشفافية والمساءلة، ورفع جودة الخدمات الحكومية.

     

    فى البداية يجب ان نشير الى المقصود ب " حوكمة البيانات " ، كما يعرفها خبراء التكنولوجيا ، فهي نظام إدارة البيانات الذي يُركز على جودة بيانات المؤسسة وأمنها وتوافرها. تساعد حوكمة البيانات على ضمان سلامة البيانات وأمن البيانات من خلال تحديد وتنفيذ السياسات والمعايير والإجراءات الخاصة بجمع البيانات وملكيتها وتخزينها ومعالجتها واستخدامها.

    فالهدف من "حوكمة البيانات" هو الحفاظ على البيانات آمنة وفائقة الجودة ويسهل الوصول إليها من أجل اكتشاف البيانات ودعم مبادرات ذكاء الأعمال. وتساعد حوكمة البيانات، التي تعمل بمثابة مركز التحكم في حركة مرور البيانات، على ضمان تدفق البيانات الموثوقة عبر مسارات آمنة إلى أن تصل إلى نقاط نهاية موثوقة ومستخدمين موثوق بهم كما يُعد كل من الذكاء الاصطناعي (AI) و البيانات الكبيرة وجهود التحول الرقمي المحركات الأساسية لبرامج حوكمة البيانات. مع زيادة حجم البيانات من مصادر البيانات الجديدة ، مثل تقنيات إنترنت الأشياء (IoT)، تحتاج المؤسسات إلى إعادة النظر في ممارسات إدارة البيانات لتوسيع نطاق جهود ذكاء الأعمال (BI).

    يمكن أن تساعد برامج حوكمة البيانات المؤسسات على حماية كميات هائلة من البيانات وإدارتها عن طريق تحسين جودة البيانات، وتقليل صوامع البيانات، وفرض سياسات الامتثال والأمان، وتوزيع صلاحيات الوصول إلى البيانات بشكل مناسب.

    وبالطبع يوفر قانون "حوكمة البيانات " إطارًا لتعزيز الثقة في تبادل البيانات الطوعي لصالح الشركات والمواطنين ولكي نتمكن من الاستفادة بشكل حقيقي من هذه الإمكانات الهائلة،  ينبغي أن يكون من الأسهل مشاركة البيانات بطريقة موثوقة وآمنة .

    ويمكن أن يساعد تنفيذ إطار عمل فائق لحوكمة البيانات المؤسسات على تحقيق مجموعة واسعة من المزايا ولعل أهما تحقيق قيمة أكبر من بيانات المؤسسة ، تعزيز الابتكار والكفاءة ، توفير مصدر واحد للحقيقة (SSOT) ، المساعدة على ضمان خصوصية البيانات والأمان والامتثال ،استخدام البيانات بشكل آمن في مبادرات الذكاء الاصطناعي بالاضافة الى تعزيز دقة تحليلات البيانات  وتحقيق قيمة أكبر من بيانات المؤسسة .

    اذ لن تتمكن المؤسسات من اتخاذ قرارات عمل فعالة إذا كانت هذه القرارات قائمة على بيانات خاطئة. يمكن أن تساعد حوكمة البيانات على ضمان سلامة البيانات ودقتها واكتمالها واتساقها من خلال إنشاء إطار عمل يدعم الإشراف الفائق على البيانات ضمن عملية فائقة لإدارة البيانات من البداية إلى النهاية.

    تساعد البيانات الجديرة بالثقة المؤسسات على اكتشاف فرص جديدة وفهم العملاء وسير العمل بشكل أفضل وتحسين أداء الأعمال بشكل عام.

    وربما يتسبب غياب حوكمة البيانات في ظهور أخطاء في مقاييس الأداء، ومن ثَم توجيه المؤسسة في الاتجاه الخاطئ، بينما يمكن أن تساعد أدوات حوكمة البيانات على معالجة الأخطاء قبل أن تؤثر في إستراتيجية الأعمال على سبيل المثال، يمكن أن تساعد أدوات دورة حياة البيانات مالكي البيانات على تتبع البيانات طوال دورة حياتها، بما في ذلك أي عمليات تحويل تخضع لها البيانات في أثناء عملية الاستخراج والتحويل والتحميل (ETL) أو عملية الاستخراج والتحميل والتحويل (ELT). وهذا يمكّن المؤسسات من تحديد السبب الأساسي وراء أخطاء البيانات ومعالجته.

    وبالنسبة ل "تعزيز الابتكار والكفاءة " فانه عند تقييد الوصول إلى البيانات عبر المؤسسة، يمكن أن يحد ذلك من الابتكار ويتسبب في الاعتماد على الخبراء المتخصصين (SMEs) وإبطاء عمليات الأعمال حيث يتيح توزع برامج حوكمة البيانات صلاحيات الوصول إلى البيانات بشكل مناسب، ما يمنح كل قسم أو فرد إمكانية الوصول إلى البيانات التي يحتاجها فقط. وذلك يُمكّن الفرق متعددة الوظائف من العمل معًا بشكل وثيق وأكثر كفاءة مع الحفاظ على أمن البيانات.

    وفيما يتعلق ب " توفير مصدر واحد للحقيقة (SSOT) " فيمكن أن يوفر نظام التحكم في البيانات الجيد مصدرًا واحدًا للحقيقة عبر المؤسسة بأكملها. ويمكن تحسين عملية صناعة القرار عندما تعمل جميع الأطراف على مجموعات البيانات نفسها كما يمكن أن يساعد تجميع تعريفات البيانات والبيانات الوصفية في كتالوج بيانات موحد على تقليل الالتباس وانعدام الكفاءة. وبدوره، يصبح هذا الكتالوج أساسًا لحلول الخدمة الذاتية التي تتيح اتساق البيانات وإمكانية الوصول إليها عبر المؤسسة.

    وحول " المساعدة على ضمان خصوصية البيانات والأمان والامتثال " فأن غالبًا ما تتضمن سياسات حوكمة البيانات عمليات تُسهل الامتثال للوائح الحكومية المتعلقة بالبيانات الحساسة والخصوصية، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، وقانون إخضاع التأمين الصحي لقابلية النقل والمساءلة (HIPAA)  الأمريكي، ومتطلبات المجال مثل معايير أمن البيانات في مجال بطاقات الدفع (PCI DSS). وقد يتسبب عدم الامتثال لهذه المتطلبات التنظيمية في تكبد المؤسسات غرامات حكومية فادحة وسخط الجمهور كما تساعد أدوات حوكمة البيانات المؤسسات على وضع حواجز حماية يمكنها منع حوادث اختراق أمن البيانات وتسريبها وإساءة استخدامها. وتساعد أطر عمل الحوكمة على إنشاء أنظمة بيانات تتسم بالوضوح وقابلية التفسير والنزاهة والشمولية. وفي المقابل، تحمي أنظمة البيانات هذه الخصوصية والأمان وتحافظ على ولاء العملاء وثقتهم.

    وعن " استخدام البيانات بشكل آمن في مبادرات الذكاء الاصطناعي " ففي استطلاع أجرته شركة IDC، اتضح أن نسبة 45.3% فقط من المستجيبين لديهم "قواعد وسياسات وعمليات لتطبيق مبادئ الذكاء الاصطناعي المسؤول" بهدف منع حوادث الاختراق الأمني والكشف عن بيانات العملاء والتصدي لمخاوف المسؤولية والمخاطر التنظيمية.

    تتضمن حوكمة البيانات معرفة مصدر جميع البيانات التي تستخدمها المؤسسة ومدى حساسيتها ودورة حياتها. وهذا هو الأساس لأي إجراء من إجراءات حوكمة الذكاء الاصطناعي وهو أمر بالغ الأهمية في الحد من المخاطر المؤسسية المختلفة كما تساعد حوكمة البيانات المؤسسات على توفير بيانات فائقة الجودة لمبادرات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي مع حماية تلك البيانات والامتثال للقواعد واللوائح ذات الصلة. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد أدوات الحوكمة على ضمان عدم إدخال بيانات شخصية حساسة إلى نظام الذكاء الاصطناعي عندما يتعين ذلك.

    وبالنسبة " تعزيز دقة تحليلات البيانات " يُعد توفير البيانات الصحيحة هو الأساس لتحليلات البيانات المتقدمة ومبادرات علم البيانات. ويتيح التحكم في البيانات بعناية إمكانية تنفيذ مبادرات قيمة مثل إعداد تقارير ذكاء الأعمال أو مشاريع التعلم الآلي (ML) التنبئي الأكثر تعقيدًا فعلى سبيل المثال، يمكن أن يساعد استخلاص البيانات الصحيحة—أي مراجعة البيانات وتنظيمها بهدف زيادة المعرفة بكيفية تنظيمها—على تحسين فهم العلاقة بين مجموعات البيانات والمصادر المختلفة.

    وللحديث بقية ..... عن أهم تحديات " حكومة البيانات "

     

     

    إختارنا لك

    القاهرة تشهد الإطلاق الرسمي لمنصة 2MD Opinion ومشروعات Heal’n وNOTA لتعزيز التعاون الكندي المصري في الرعاية الصحية القاهرة: سبتمبر 2025 شهدت القاهرة إطلاقاً رسمياً لثلاثة مشروعات مبتكرة في مجال الرعاية الصحية وذلك خلال مؤتمر دولي استضافه فندق رويال ماكسيم بالاس كمبنسكي بحضور أكثر من 150 من قادة القطاع الصحي من مصر وكندا إلى جانب شخصيات بارزة في مقدمتهم السفير الكندي لدى مصر أولريك شانون. جاء الحدث ثمرة شراكة إستراتيجية بين شركتي NTG Clarity و TCE Group الكنديتين بهدف تعزيز التعاون بين مصر وكندا في مجال تكنولوجيا الرعاية الصحية وتيسير خدماتها عبر حلول مبتكرة وقد سلطت الفعالية الضوء على مشروعات رائدة في مقدمتها منصة 2MD Opinion التي توفر للمرضى استشارات طبية ثانية عبر الحدود بما يسهم في تقليل احتمالات التشخيص الخاطئ ويعزز ثقة المرضى في قراراتهم الصحية في اللحظات الحرجة. كما جرى استعراض مشروع Heal’n الذي يقدم نموذجاً شاملاً للسياحة العلاجية يحول رحلة العلاج إلى تجربة متكاملة تشمل الإستقبال بالمطار التنقلات الإقامة المرافقة الطبية البرامج السياحية والتغطية التأمينية بما يعزز مكانة مصر كوجهة إقليمية ودولية موثوقة للرعاية الصحية المتكاملة. أما أداة NOTA فقد طرحت كحلول ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتبسيط عمليات التوثيق الطبي وتخفيف الأعباء الإدارية عن الأطباء بما يمنحهم وقتاً أكبر للتركيز على المرضى ويقلل من فترات الإنتظار. وقد أكد المتحدثون أن المبادرة تأتي ثمرة خبرة طويلة للشركتين الكنديتين إذ تعمل NTG Clarity منذ أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً في تقديم الحلول التقنية والتحول الرقمي في مجالات متنوعة كالصحة والبنوك والإتصالات ويعمل ضمن فريقها نحو ألف وأربعمائة متخصص في إحدى عشرة دولة فيما تأسست TCE Group عام 1992 لتطوير حلول الرعاية الصحية والتطبيب عن بعد. وتميزت الفعالية بحضور شخصيات بارزة أدلت بتصريحاتها حيث قال السفير الكندي أولريك شانون الإبتكار الكندي والخبرة المصرية يفتحان معاً أبواباً جديدة للمرضى حيث تلتقي التكنولوجيا بالثقة ويستطيع كل مريض أينما كان الوصول إلى الرعاية التي يستحقها . وأكد المهندس جمال متولي نائب الرئيس التنفيذي لشركة NTG Clarity ما نطلقه اليوم ليس مجرد منصات بل هو وعد بأن تكون الرعاية الصحية أوضح وأكثر إنسانية وأن تتجاوز الحدود لتصل إلى كل مريض في أي مكان. وأشار الدكتور كريم بنيّس مؤسس منصة 2MD Opinion رؤيتنا هي توفير الوضوح في اللحظات التي يحتاج فيها المرضى إلى الثقة والاطمئنان 2MD Opinion تضمن وصول المريض إلى خبرات عالمية بلا قيود. كما قال الدكتور محمد عجاج رئيس شبكة مصر للسرطان بكندا إطلاق هذه المنصات يبرهن على أن التعاون الدولي قادر على سد الفجوات الحقيقية في الرعاية الصحية سواء من حيث الوصول إلى الخبرات أو تحسين تجربة المريض مصر تمتلك أطباء على مستوى عالمي وعبر هذه الشراكات يمكن إيصال خبرتهم إلى مرضى في أي مكان. وأضافت الدكتورة رانيا علواني عضو اللجنة الطبية باللجنة الأولمبية الدولية الرعاية الصحية الناجحة لا تقاس فقط بالتكنولوجيا بل بقدرتها على وضع المريض في قلب المنظومة ما شهدناه اليوم يؤكد أن الابتكار عندما يوجه بالتعاطف يمكن أن يغير حياة الناس ويمنحهم فرصاً جديدة للتعافي . وإختتم المؤتمر فعالياته بتأكيد دور كندا كدولة رائدة في الابتكار ومكانة مصر كمركز عالمي للرعاية الطبية المتقدمة مع فتح آفاق جديدة أمام التعاون الثنائي من أجل مستقبل أكثر استدامة للقطاع الصحي .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن