بقلم: فريد شوقي
يتفق الجميع أن مفهوم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الممكن أن يلعب دورا مهما في مجال تنمية وتوطين صناعة البرمجيات ، إذ تتميز هذه الصناعة بمحدودية متطلباتها لرأس المال بقدر ما تعتمد على الاستثمار في العقول والكفاءات البشرية القادرة على تعظيم القيمة المضافة وابتكار وإنتاج برامج وحلول قادرة على تلبية احتياجات الأفراد ومؤسسات الأعمال المستخدمة للحاسب الآلي .
وفي إطار الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسط فإن غالبية شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المصرية ، وفقا لحجم أعمالها وعدد العاملين بها والتعريف في قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وما تتضمنه من 108 مواد تعرف وتنظم عمل الشركات المتوسطة، والصغيرة، ومتناهية الصغر، وحديثة المنشأ ، كذلك فإن أكثر من 99 % من أعضاء غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، والتي تناهز نحو 1300 شركة تقريباـ تعتبر منشآت صغيرة ومتوسطة .. سواء بالمفهوم المصري .. ناهيك عن الأوروبي أو الأمريكي ، ومن ثمة فإن دعم وتنمية شركات التكنولوجيا الصغيرة والمتوسطة يجب أن تكون القضية الرئيسية على أجندة كل الجهات المعنية بالتنمية التكنولوجية خاصة ونحن نتحدث أم ضرورة التحول الرقمي وميكنة نظم العمل في كل مؤسسات الأعمال الحكومية والخاصة كأداة أساسية لتطوير وتحسين الأداء والإنتاجية .
وبالتالي فمن الواضح أن الجميع يعرف ويؤمن بدور وأهمية تدعيم المشروعات الصغيرة والمتوسط إلا أننا لأسباب لا نعرفها لماذا لا يترجم هذا الإيمان القولى إلى أعمال فعليه ملموسة يشعر بها غالبية العاملين في مجال البرمجيات لتحصل الشركات الصغيرة والمتوسطة على حقها من تنفيد كل اعمال الميكنة والرقمنة للجهات الحكومية بصفة خاصة .
فهناك آلاف الشباب الذين تم تأهيلهم وتدريبهم ، من خلال برامج التدريب التكنولوجي التي قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، ولديهم الأفكار والطموح الذي يتحطم على صخرة نقص الإمكانيات المالية البسيطة والتي تتجاوز تقريبا خمسين ألف جنيه تمثل مطلبا أساسيا حتى يمكن لهؤلاء الشباب شق طريقهم فى سوق البرمجيات وليس ملايين الجنيهات كما يحصل عليها البعض !
نريد أن تأخذ المرحلة القادمة منحنى التنفيذ الفعلي لدعم المنشآت الصغيرة في مجال البرمجيات وألا يقتصر الأمر على مجرد تنظيم ندوة أو استيراد بعض الخبراء لإلقاء محاضرة وانتهى الموضوع ولم يستفد شركاتنا أو شبابنا أى شيء ولم يتحرك ساكن بل نريد أن يساهم كل من الصندوق الاجتماعي وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وصندوق التنمية التكنولوجية في إقامة عدد من الحضانات ولتكن حضانة واحدة على مستوى كل محافظة تضم 50 أو 100 مشروع للشباب ويكون هناك اتفاق " مسبق " مع بعض شركات التكنولوجيا العالمية أو الشركات الصناعية الوطنية ، في هذه المحافظة ، بحيث تعمل مشروعات الحضانات لصالح تطوير مشروعات إنتاجية معينة تستفيد منها هذه الشركات سواء على المستوى المحلى أو على المستوى العالمي .
إذ يمكن أن تستفيد الشركات الصناعية بطريقتين الأولى أنها يمكنها الحصول على احتياجاتها التكنولوجية من مشروعات الحضانات بأسعار منخفضة مقارنة بالأسعار العالمية بحيث تكون هذه الحضانات بمثابة مراكز تطوير لمنتجاتها دون أن تتحمل اي تكاليف أو أعباء وفي نفس الوقت يمكن أن تكون هذه المنشآت الصغيرة بمثابة المستشار التكنولوجي لضمان استفادة الشركات الصناعية من الحلول التكنولوجية الجديدة وبالتالي فالجميع سيكون مستفيدا .
فهل سنرى دعما حقيقيا وليس كلاما للصناعات الصغيرة في مجال التكنولوجيا ؟ وأن يحظى مفهوم التصدير للداخل " لتنمية الطلب التكنولوجي المحلي " بنفس الدعم والرعاية التي تحصل عليها شركات التكنولوجيا التي تقوم بالتصدير للخارج لاسيما أننا سنكون آنذاك ندعم المستهلك المحلي وليس الأجنبي .