بقلم : خالد حسن
فى ظل التوجه نحو عصر المعلومات الذى تشهد أغلب اقتصاديات بدول العالم يثور عادة سؤال هام كيف يمكن للتكنولوجيا ثورة الاتصالات والانترنت اعادة تدريب وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية لاسيما مع تزامن تفاقم ظاهرة البطالة والتى باتت تشغل أولويات الحكومات لتوفير فرص عمل جديدة .
وبالطبع يشكل تزايد الفجوة المعرفية تحذيرا قويا بحاجاتنا إلى أن ننمي لدي شبابنا ضرورة تأهيل أنفسهم وتنمية مهاراتهم الرقمية بما يتواكب مع متطلبات سوق العمل .
ويعد تأهيل و إعداد طلبة المدارس "فى مراحل التعليم قبل الجامعى " لاستخدام تكنولوجيا المعلومات بمثابة لبنة أساسية لبناء مجتمع المعلومات بوصف هؤلاء الطلبة سيمثلون الايدى العاملة التى ستخرج بعد سنوات إلى سوق العمل الحقيقى خاصة واننا نتحدث عن وظائف المستقبل والتى ستعتمد بصوة اساسية على مدى امتلاك شبابنا للمهارات الرقمية المطلوية ومنها علوم البرمجة وتقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوت وعلوم البيانات وأمن المعلومات وعلوم الفنون الرقمية .
ولعل ما تقوم به وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من جهود لتدريب وتأهيل الكوادر البشرية فى احدث التخصصات بمجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وما أسفرت عنه من تدريب نحو 400 الف شاب ، باستثمارات تجاوزت نحو 1.6 مليار جنيه ، شكل لبنة قوية لزيادة قاعدة الكوادر البشرية المحلية المؤهلة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والتى تمثل عنصر حافز قوى لتنمية هذه الصناعة وتثبيت أقدمها على أرض الواقع وفتح قنوات وروافد جديدة لدعمها ولعل أهمهما جذب استثمارات مالية " محلية وأجنبية " حيث نجحت الوزارة ، فى تنفيد عدد من المبادرات أجيال مصر الرقمية ، عبر توقيع 10 مذكرات تفاهم مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة فى مجال تكنولوجيا ضمت كل من: "مؤسسة فودافون مصر"، و"أمازون ويب سرفيسيز"، و"هواوى"، و"مايكروسوفت"، و"فى إم وير"، و"ديل تكنولوجيز"، و"جوجل"، و" IBM"، و"فاليو"، و"سيسكو" وتهدف مذكرات التفاهم لإعداد مسارات تدريبية وإتاحة منصات ومعامل افتراضية فى التخصصات التكنولوجية ذات الصلة، والتوعية التكنولوجية وتنظيم ندوات عبر الإنترنت ، لمبادرات براعم مصر و أشبال مصر ورواد مصر الرقمية، ومنحهم شهادة مدرب فى التخصصات ذات الصلة .
وخلال الأسبوع الماضى كان لى لقاء مع الاعلامي الكبير جمال عنايت ببرنامجه " بكرة وبعده مع " علي راديو مصر 88.7 وذلك للتعليق على موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسى ، رئيس الجمهورية ، على اطلاق مبادرة جديدة تحت مسمى " الروّاد الرقميين"، حيث وجّه فخامة رئيس الجمهورية بالتركيز الفترة القادمة على تأهيل المزيد من الشباب في هذا القطاع المهم جداً من خلال هذه المبادرة وزيادة عددهم، والذى سيصل الى 12 ألف شاب مصري سنوياً ، والتوسع في التدريب وبناء القدرات الرقمية من خلال مدارس التكنولوجيا التطبيقية ومراكز إبداع مصر الرقمية، والاستثمار في الكوادر البشرية، خاصة من الشباب، وتوفير المنح وبرامج التدريب والتأهيل وبناء القدرات، بما يتناسب مع المتطلبات الحديثة لسوق العمل والإقتصاد القائم على المعرفة .
وتشكل المبادرة الجديدة فرصة متميزة لتدريب وإعداد جيل جديد من طلاب المدارس والجامعات والخريجين فى أحدث مجالات تكنولوجيا المعلومات و يكونوا قادرا على استشراف المستقبل واستخدام التقنيات الحديثة فى مجالات وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات المختلفة ليصبحوا شباب ومواطنين فاعلين فى بناء مجتمع رقمى يتواكب مع مستحدثات العصر ومتطلبات المستقبل محليًا وعالميًا.
وتهدف المبادرة الجديدة إلى تأهيل مجموعة ضخمة من الشباب " مجاناً " عن طريق منح دراسية في مختلف مجالات الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك لمساعدتهم في دخول سوق العمل في هذا القطاع الواعد عبر حزمة من البرامج التدريبية المكثفة التي ستجتذب الفئات التي تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 32 سنة، لاسيما مع تنوع هذه البرامج ما بين دبلوم مكثف "متخصص" تكون مدته من 4 إلى 9 شهور، وماجستير مهني أو ماجستير علمي تصل مدته إلى سنتين، وبالتالي وجود حزمة متنوعة من البرامج أقل مدة بها 4 شهور "دبلوم مكثف"، وأقصاها سنتان "الماجستير العلمي" حيث سيتم تقديم التدريب الفني والتدريب العملي في كبرى الشركات، بالإضافة إلى بناء المهارات الشخصية، بما في ذلك اللغات كما ستشمل التخصصات التكنولوجية للمبادرة، مجالات الذكاء الاصطناعيّ، علوم البيانات، الأمن السيبراني، تطوير البرمجيات، الشبكات والبنية التحتية الرقمية، الفنون الرقمية، تصميم الدوائر الإلكترونية وبناء النظم المدمجة.
ووفقا لما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء ، أن الهدف من المبادرة تأهيل الشباب لهذه النوعية من الدورات المتنوعة المتخصصة في المجالات الجديدة الخاصة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وجميع هذه البرامج منح كاملة للشباب المصري، منوهاً إلى انه تم العرض على سيادة الرئيس أن تكلفة هذه المبادرة ستتراوح بين 2.5 إلى 3 مليارات جنيه سنوياً، حيث وجّه فخامة الرئيس أن يتحمل تكلفة هذه المبادرة بالكامل صندوق " تحيا مصر" مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مضيفاً أن الشباب الملتحق بهذه المبادرة سيستفيدون بمنح كاملة تتضمن الإقامة الكاملة في المقر التي ستنعقد به هذه البرامج المكثفة.
موضحا انه تقديراتنا أنه من خلال زيادة تكثيف تأهيل الشباب المصري في هذا الملف سيصبح هذا القطاع أحد القطاعات الرائدة في التصدير، مؤكداً أنه من خلال هؤلاء الشباب وأثناء عملهم حتى في مصر والتعامل "أون لاين" مع شركات عالمية بالخارج يتقاضى راتبه بالعملة الصعبة وهذا يعني دخلًا إضافيًا للدولة المصرية، مؤكداً أن التقديرات لهذا القطاع كبيرة جداً خلال الفترة القادمة
وسيكون برنامج التدريبى هو مزيج بين الدراسة النظرية والأكاديمية مع التطبيق العملي بالتنسيق مع الشركات العاملة في السوق المصرية، حتي تكون فرصة للالتحاق بنهاية هذه الدورات والبرامج للعمل بهذه الشركات، حيث أن هذه البرامج وخاصة الماجستير "المهني / العلمي" ستكون بالشراكة مع عدد من الجامعات العالمية، وهو ما سيشكل نقلة كبيرة جداً فى مستوى كفاءة وجودة البرنامج التدريبى وبما يتواكب مع احدث المناهج التعلمية فى هذه الجامعات
وفيما يتعلق بكيفية تقدم الشباب لاستفادة من البرامج التدريبية لهذه المبادرة فانه من المتوقع ان يتم ببدء البرنامج في نهاية الربع الثاني من العام الحالي لتأهيل الشباب المصري لهذه السوق الواعدة جداً ليكون لديهم الفرصة في نهاية البرنامج الالتحاق بفرص عمل بقطاع هو المستقبل الحقيقي لمصر و من المنتظر ان تُعلن تفاصيل هذه المبادرة من خلال وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وسيقوم صندوق " تحيا مصر " بتمويل البرنامج بالكامل بالتنسيق مع وزارة الاتصالات على أن يستوفى الطلبة الراغبون فى الالتحاق بالمبادرة شروط التقديم ومعايير القبول الخاصة بكل عام دراسى والتى يمكن ان تتمثل فى أن يكون الطالب مقيدًا في إحدى المدارس او الجامعات داخل مصر ، أن يمتلك الطالب القدرة على التعامل مع أجهزة الحاسب الآلي ، أن تكون لدى الطالب القدرة على التعامل مع الانترنت بالاضافة اى لابد أن يحصل الطالب على موافقة ولي الأمر على التحاقه والالتزام بشروط المبادرة والاهم أنه ليس هناك أى وساطة لاختبار المتدربين الا التفوق العلمي وقدرته على الالتزام بالبرنامج التدريبي .
وتسعي مبادرة " الروّاد الرقميين " لتحقيق هدف استراتيجى للدولة وهو "الاستثمار فى البشر"؛ من خلال تخصيص استثمارات مالية لتدريب 12 الف طالب كل عام ؛ حيث سيتم انتقاء نخبة من طلبة المدارس والجامعات، وإعدادهم ليصنعوا نقلة نوعية فى صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر، واستشراف آفاق جديدة فى هذا المجال بما يتواكب مع متطلبات المستقبل وليصبح مؤهلاً لقيادة المسيرة التكنولوجية ومشروعات مصر الرقمية.
وتوفر المبادرة فرصًا للنشء لتنمية مهاراتهم التكنولوجية واكتشاف قدراتهم الإبداعية فى سن مبكرة؛ حيث أن منهجية تنفيذ استراتيجية بناء القدرات التى تنفذها الوزارة الاتصالات ترتكز على عدة مرتكزات منها الشمول لتغطية كافة شرائح المجتمع فى مختلف المراحل العمرية، وتنوع التخصصات ومواكبتها لسوق العمل، واستخدام آليات التعليم الهجين من خلال الدمج بين نموذج التعليم التقليدى والتعليم الرقمى عن بُعد لإتاحة التدريب فى كافة أنحاء الجمهورية.
وتنتهج المبادرة منهاج تنمية مهارات طلبة المدارس وفقا لأحدث التطورات العالمية فى مختلف المجالات التكنولوجية مثل: تطوير البرمجيات والفنون الرقمية، والشبكات وأمن المعلومات، وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعى، والروبوتات والأنظمة المدمجة، بالإضافة لبناء المهارات الشخصية والحياتية والقيادية، كذلك تنفيذ أنشطة علمية وثقافية واجتماعية لبناء الشخصية المصرية القيادية القادرة على التفاعل مع علوم المستقبل.
فى النهاية نؤكد أن توافر قاعدة اكبر من الخريجين المؤهلين على احدث التخصصات التكنولوجية سيكون له تأثيره الإيجابى على زيادة المزايا التنافسية لصناعة البرمجيات المحلية من خلال اتاحة عدد كبير من الكوادر البشرية المتخصصة سواء للعمل بالشركات المحلية او العالمية للتكنولوجيا او من خلال مفهوم العمل الحر "Lancr Free " أو حتى لتصدير هذه الكوادر للخارج وبناء براند نيم قوى لصناعة البرمجيات المصرية ، على غرار مع حدث مع المبرمجين الهنود ، والذين نجهوا فى التواجد بقوة فى الاسواق العالمية للتكنولوجيا كما نتطلع ان تكون هذه المبادرة هى نواة صلبه لبناء جيل جديد من الكوادر التكنولوحية المصرية المتمزة بما يساهم بوضع مصر على الخريطة العالمية للدولة المنتجة للتكنولوجيا ونشر ثقافة الابتكار وريادة الاعمال والتوسع فى إنشاء الشركات التكنولوجيا الناشئه القائمة على الافكار والحلول الإبداعية .