بقلم : د . ياسر بهاء الدين
تحدث توني روبنز في كتابه "أيقظ قواك الخفية" أو “Awaken the Giant Within” عن ثلاثة معتقدات لابد أن يتحلى بها أي شخص يسعى للتغيير المستدام مهما كان ذلك التغيير مهماً وأساسياً أم بسيطاً وثانوياً وهي:
الاعتقاد الأكيد أن هناك شيئا لابد أن يتغير: حيث يوجد من يتحدث دائماً عن تغيير وضع ما بإضافة كلمة "من المفروض" أو "أتمنى" مثل أتمنى أن أحصل على مرتب أعلى أو من المفروض أن يكون وزني كذا وكذا وفي بعض الأحيان يكون التغيير مشروط مثل "بمجرد أن أجد الوقت الكافي سأقوم بقراءة كتاب عن التطوير الذاتي" أو "عند توافر المال لن أتردد في بدء عمل خاص بي." التحدي هنا أن التغيير لم يصل إلى درجة الاحتياج الشديد ولكنه مجرد أمنية ورغبة وبالتالي فعندما يتم إضافة الكلمات السابقة لما نسعى لتغييره غالباً ما تتبعه أفكار وأفعال تفتقر للجدية والالتزام ولكن إذا ما كان التغيير واجب فيجب استخدام كلمات الإلزام مثل "لابد" "من الضروري" "يتحتم علي" حتى تتولد الأفكار وتؤيدها الأفعال التي تبني مسار التغيير على أساس قوي فهناك فرق كبير بين "أتمنى أن أتعلم اللغة الإنجليزية" و "لابد أن أتعلم اللغة الإنجليزية" فالأولى لن يتبعها تفكير في التخطيط للتعلم ولكن الجملة الثانية تبعث على خلق شعور بأنه يجب أن تتبعها بعض الأفكار ومن ثم الأفعال التي تؤيدها حيث أننا كبشر نتحرك غالباً عند الشعور بضرورة الفعل وليس النصيحة للفعل فتزداد احتمالية أخذ خطوات عملية لإحداث التغيير المرغوب.
الإيمان بأنني أنا فقط مصدر التغيير الذي لابد أن يحدث وليس شخصاً آخر وإلا سأستمر دائماً في البحث عن غيري ليحدث التغيير في حياتي وبالتالي سأستمر فيما أنا فيه وسألقي باللوم على أي من كان كسبب لكل ما أنا عليه. وقد اتفق توني روبنز مع قول الله تعالى "إن الله لا يُغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم". بالرغم من ذلك يجد الكثير صعوبة في تحمل تلك المسئولية حيث من الأسهل أن أكون أنا ضحية الظروف والمجتمع والناس على أن أتحمل أنا مسئولية التغيير وبالتالي أكون أنا الوحيد المُحاسَب إن حدث أي تقصير أو فشل وبالتالي الشعور بعدم القدرة على إحداث ذلك التغيير وذلك يقودنا للنقطة التالية.
الإيمان الذاتي بالقدرة الشخصية على التغيير فقد يعتقد أحدهم بأن مسئولية التغيير تقع على عاتقه ولكن ليس لديه القدرة على إحداث ذلك التغيير وهنا فلا طائل من الاعتقادات السابقة إذا ما كان الشخص غير مؤمن بقدرته على التغيير بسبب ضعفه أو قلة معلوماته أو مهاراته أو حتى هشاشة إصراره وكل تلك الأسباب ما هي إلى معطيات واهية حتى نبتعد عن تحمل مسئولية التغيير ولكن ما إن يؤمن الفرد بقدرته على التغيير فسيجد الأساليب والطرق التي تساعده على تنمية مهاراته وقدراته ومعلوماته وبالتالي تغذية فكرة أهمية التغيير ومن ثم ازدياد الإصرار على إحداثه وهنا يحدث الفارق.
بدون هذه الاعتقادات الثلاثة فإن أي تغيير – من وجهة نظر توني – لن يستمر طويلاً حتى وإن بدأ قوياً ولكن مع أول عقبة أو إخفاق ستظهر الأعذار والتي لا يقهرها إلا الإيمان بتلك المعتقدات الثلاثة.
وأخيراً فإنه لا يوجد من لا يسعى إلى التغيير مهما كان مستوى نجاحه فإن الجميع يسعى للتطوير بغض النظر عما تم إحرازه من إنجازات ونجاحات ولكن الأدعى أن يعي هؤلاء الذين ما زالوا في بداية الطريق أو من هم ضلوا الطريق أو من توقف بهم قطار الحياة في أحد محطاته وينتظرون فقط ما هو سهل ويتماشى ما أهوائهم ولا يؤمنوا بأن "من طلب العلا، سهر الليالي".