بقلم : فريد شوقي
منذ مطلع العقد الثامن من القرن الماضى شهدنا بزوغ ما يعرف بالتجارة الالكترونية من خلال تجارب محدودة فى بريطانيا للبيع عبر الانترنت ولكن فى عام 1985 ودخول شركة " أمازون " فى مجال تجارة الكتب عبر الانترنت بدأ العالم يشهد قفزة نوعية جديدة فيما بات يعرف حاليا بالاقتصاد الرقمي ، والذى يعنى كل المعاملات التجارية
والمالية ، حيث تقدر بعض الدراسات قيمته حاليا بنجو 6 تريليونات دولار والبعض الآخر بـ 25 تريليون دولار وذلك وفقا لمنظور وتحديد ما هو المقصود بالتجارة الالكترونية .
وعلى مدار العقود الثلاث الماضية كانت شركة " أمازن " هى الشركة القائدة على مستوى العالم ، بلا منازع ، والتي أخذت على عاتقها تطوير مفهوم التجارة الالكترونية وتسهيل عملية التسوق عبر الانترنت ، وتقديم الاليات والتقنيات وحلول الدفع الابتكارية ، وجنت الشركة بالفعل ثمار رؤيتها واستثماراتها فى هذا المجال ونجحت فى ان تصل قيمتها لاكثر من تريليون دولار لتكون ثانى شركة على مستوى العالم تتخطي قيمتها تريليون دولار ، بعد شركة أبل " وسعت " أمازن " من خلال امكانياتها الى الوصول الى مختلف بقاع المعمورة لتوصيل المنتجات والسلع لجميع مستخدمى الانترنت خاصة مع انتشار الهواتف الذكية ، والتي شكلت دفعة قوية جدا للتسوق الالكتروني ، حتى اصبحت التجارة الالكترونية نمط حياة الكثير من مؤسسات الأعمال فيما بينها " B2B " أو فيما بين مؤسسات الأعمال والأفراد " B2C " .
واعتقد البعص أن صورة المتاجر والمراكز التجارية التقليدية سوف تختفي وانها مسألة وقت لا أكثر فى المستقبل القريب لن يضطر المتسوقون الى الذهاب الى الاسواق او المحلات التجارية ، خاصة في ظل الاجراءات الاحترازية وحظر التجوال التى اتخذتها جميع دول العالم لمواجهة جائحة فيروس كورونا ، ولكن يبدو ان التجربة خلال السنوات الماضية تؤكد خطأ هذا الاعتقاد .
ففي خضم القفزات النوعية لحجم التجارة الالكترونية العالمية والحديث عن تبني جميع المؤسسات ، الحكومية والخاصة ، لحلول التحول الرقمي تقوم " أمازون " باتخاذ مجموعة من الخطوات المتتالية التى تتضمن قيامها بافتتاج عدد من المراكز التجارية التقليدية ، خاصة فى مجال تجارة التجزئه للمواد الغذائية ، سواء فى الولايات المتحدة الامريكية او بريطانيا ، وذلك تحديد بعد استحواذها على شبكة متاجر " وول فودز " ، في صفقة تجاوزت قيمتها 13.7 مليار دولار، فى عام 2019 والمتخصصة فى تقديم الغذاء الطبيعي والعضوي حيث تجعل من التغذية الصحية أمرا مسليا ومقبولا لدى المستخدمين ، فلماذا أتخدت " أمازون " هذه الخطوات ؟ وهل هذا يعني التراجع عن استخدام الحلول التكنولوجية فى تطوير اليات التجارة ؟ ام ان أمازون تستعد لتحد جديد فى مجال تطوير نمط تجارة التجزئه لدفع كفاءة اداء المؤسسات التجارية وكذلك تقليل التكلفة ؟
فى البداية يجب ان نشير إلى ان " امازون " نجحت فى مضاعفة قيمة سوق المتاجر التقليدية وول فودز الأمريكية وصلت إلى 840 مليار دولار سنويا منذ استحواذها عليها وزاد عدد الفروع الى 400 فرع فى 60 مدينة امريكية وقامت بتطبيق خدمة " برايم ناو " لتوصيل الطلبات خلال ساعة واحدة للمتسوقين من سلسلة " وول فودز " وبدأت الشركة فى تطبيق حلول تكنولوجية ابتكارية تعتمد على دخول المستهلك للمتجر والتسوق والدفع بدون ان يكون مضطرا للتعامل مع اى موظف .
ورغم ان هذه التجربة من " امازن" سبقتها بعض سلاسل تجارة التجزئة ، والتى تجمع بين الاسلوب التقليدى فى التجارة والدفع وبين الاساليب الحديث مثل الدفع الالكتروني عن تقنيات التعرف على الوجه او تقنيات " NFC " فى الهواتف الذكية الا أن تبني " أمازون " لفتح فروع تقليدية هو الامر الملفت للنظر فهي من تقود ثورة انتقال تجارة التجزئه الى الانترنت ولكن السبب الحقيقى يكمن فى تراجع حصة " امازون " فى سوق تجارة المواد الغذائية حيث تسعي امازون لاعادة تشكيل القطاع الذي تملك " وول مارت" 14.5 % من حصص السوق فيه و"كروجر" 7.2 % وبدأت تلك السلاسل في خوض سوق البيع عبر الإنترنت لسد ثغرة الفارق الهائل مع أمازون وبات عليها بالتالي الدفاع عن مواقعها في حين تواجه تراجعا كبيرا في المبيعات .
وفي مرحلة جديدة في المنافسة المحتدمة مع المتاجر التقليدية، أطلقت أمازون العالمية ، المتخصصة في مجال التجارة الإلكترونية ، للمرة الأولى خارج الولايات المتحدة، متجر سوبرماركت يتيح التسوق دون المرور عند ماكينة الدفع وكشفت الشركة أن متجر "أمازون فريش"، في مركز "إيلينغ برودواي" التجاري ، «هو أول متجر في بريطانيا يتيح التسوق ثم الخروج مباشرة" من دون الانتظار عند ماكينة للدفع كما أن المتجر هو الأول غير الافتراضي للشبكة العملاقة خارج امريكا.
ويكتفي المتسوقون بمسح رمز شريطي على هواتفهم الذكية عند الدخول ثم التسوق واختيار مشترياتهم ثم الخروج مباشرة. دون الحاجة للمرور على الصندوق، تخصم قيمة كل سلعة يسحبها المتسوقين من الرف تلقائيا من حسابه بواسطة التطبيق المحمل على هاتفه.
ويعمل المتجر من خلال أجهزة استشعار وكاميرات وخوارزميات تعمل بتكنولوجيا "التعلم المتعمق" التي تتيح للآلة التعلم تلقائيا، بحسب فيديو ترويجي نشرته "أمازون" ويتيح المتجر «تشكيلة واسعة من المنتجات التي تحمل علامة (مصنوع من أمازون) بينها اللحوم والأسماك والخضار والمخبوزات والأطعمة الجاهزة والحاجات الأساسية والمتجر «مشابها لعشرين متجر "أمازون جو" في الولايات المتحدة لكنه سيحمل علامة (فريش) التجارية المستخدمة أصلا في بريطانيا للبقالة الإلكترونية»، مع سلسلة مواقع أخرى من المقرر افتتاحها في لندن.
لا نبالغ اذا قلنا ان الدفع عبر المحمول بات يشكل امن وسيلة للدفع الالكنرونى اذ من خلال تقنية " NFC " ، والتى تزود بها الهواتف الذكية ، يمكن للمستهلك دفع قيمة مشترياته باستخدام تليفونه المحمول ، دون ان يضطر الى حمل اموال نقديه كاش او حتى بطاقة ائتمان ، الامر الذى يعنى قيمة مضافة حقيقية للتليفون المحمول ناهيك عن توفير عنصر السرعة فى عملية الدفع وتجنب الكثير من المخاطر الامنية للاحتفاظ بالاموال السائله حيث يلعب المحمول دور المحفظة الالكترونية للمستخدم
وبالتاكيد تحتاج نشر خدمات الدفع عبر التليفون المحمول الى بنية تكنولوجية لدى نقاط البيع وتجار التجزئه وكذلك المواقع الالكترونية المتخصصة فى مجال التجارية الالكترونية ناهيك عن ضرورة توافر تطبيقات عبر المحمول الامر الذى يفتح الباب التعاون والشراكة امام شركات التكنولوجيا والمؤسسات المصرفيه والمالية ومشغلى شبكات التليفون المحمول لتعظيم الاستفادة من ثورة الاتصالات لتطوير الخدمات البنكية ووسائط الدفع الالكترونى والتى يعد بدايتها اطلاق خدمات تحويل الاموال عبر المحمول فى السوق المصرية ونتطلع الى مزيد من الخدمات فى المستقبل القريب .