انطلق بنجاح الصاروخ الذي يحمل هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، وساعات ساعات قليلة تفصلنا عن وصوله إليها في خطوة طموحة تصب في إطار استراتيجية الإمارات العربية المتحدة لعلوم الفضاء.
وأطلقت دولة الإمارات استراتيجيتها الوطنية لقطاع الفضاء 2030، وتشرف على تنفيذها وكالة الإمارات للفضاء لتنظيم القطاع وتنميته على المستويين الإقليمي والعالمي وتعزيز مساهمته في الاقتصاد المحلي.
وتهدف الاستراتيجية لتوجيه الأطراف المعنية والشركات العاملة والمشغلة لقطاع الفضاء ومختلف المشاريع المحلية، نحو سبل توطينه ودفع مسيرته؛ من خلال تنفيذ برامج ومهمات طموحة في الفضاء، وتعزيز جهود البحث والتطوير، وتوسيع نطاق استغلال الفضاء وفرص الاستفادة العلمية والتقنية من تطبيقات الفضاء، وخلق بيئة تنظيمية فعالة، وتطوير خبرات متخصصة وجذب أهم العقول وتحفيز الإبداع لدى الشباب، فضلًا عن بناء شراكات عملية بين المؤسسات الصناعية والتعليمية والبحثية، وتوطيد التعاون على المستوى الإقليمي والمحلي؛ وفقًا لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
وتتبنى الاستراتيجية ستة أهداف أساسية؛ هي توفير خدمات فضائية منافسة ورائدة عالميًا، وتعزيز القدرات المحلية المتقدمة في البحث والتطوير والتصنيع لتقنيات الفضاء، وإطلاق مهمات فضائية علمية واستكشافية ملهمة، وترسيخ ثقافة وخبرة وطنية عالية في مجال الفضاء، وتشكيل شراكات واستثمارات محلية وعالمية فاعلة في صناعة الفضاء، ووضع بنية تشريعية وتحتية داعمة تواكب مختلف التطورات المستقبلية للقطاع، من خلال تطبيق أكثر من 20 برنامجًا شاملًا ونحو 80 مبادرة.
ولتحقيق أهداف الاستراتيجية، ستتخذ وكالة الإمارات للفضاء خطوات عدة؛ منها تنظيم برامج تعليمية وتبنى الكفاءات المتخصصة وتطويرها، ونشر الوعي عن مجال وأنشطة الفضاء، والتعريف بالسياسات والتشريعات الناظمة، وتنمية برامج العلوم والتقنيات والابتكار، وتحقيق شراكات وتعاون الدولي، وتعزيز بيئة الاستثمار والتمويل، والتأسيس لمرافق وبنى تحتية مناسبة
وتتصدر الإمارات، الدول العربية في الاهتمام بعلوم الفضاء، ما تجلى في إنشاء الوكالة الإماراتية لعلوم الفضاء. وفي أول مشروع عربي لاستكشاف الكوكب الأحمر، تعتزم الإمارات إطلاق مسبار الأمل من الأرض في يوليو/تموز 2020، ليصل إلى المريخ مطلع العام 2021، تزامنًا مع ذكرى مرور 50 عامًا على تأسيس الدولة.
ويقدم المشروع إضافات جديدة للدراسات العلمية الدولية عن الكوكب الأحمر وتوقعات طموحة لفهم التغيرات المناخية على كوكب الأرض. ويتكون المسبار من مركبة مضغوطة سداسية الشكل؛ تصميمها يشبه خلايا النحل مصنوعة من الألمنيوم ذات بنية صلبة ووزن خفيف، محمية بغلاف مقوى من صفائح مركبة، حجمها ووزنها الكلي مماثل لسيارة صغيرة، إذ تزن نحو 1500 كيلوجرام متضمنًا وزن الوقود، وبعرض 2.37متر وطول 2.90متر.
وللإمارات تجارب سابقة في بحوث الفضاء، إذ أطلقت أواخر سبتمبر/أيلول 2017، مشروعًا لبناء مدينة المريخ العلمية؛ وهي أول مدينة علمية في العالم تحاكي بيئة المريخ وطبيعته المناخية، وأكبر مدينة فضائية تجريبية في العالم، تبلغ كلفة بنائها 137 مليون دولار، ويرغب القائمون عليها أن تكون نموذجًا عمليًا صالحًا للتطبيق على المريخ.
وتبرز تجارب يرعاها القطاع الحكومي أو القطاع الخاص لمحاكاة بيئات الفضاء وانعدام الجاذبية، ومنها التجارب أجراها مركز محمد بن راشد للفضاء حين أطلق مسابقة تتيح للطلاب المقيمين في الإمارات فرصة الفوز برحلة فريدة لاختبار انعدام الجاذبية في الولايات المتحدة، ليتمكن الطلاب من إجراء اختبارات علمية خاصة بهم على غرار رواد الفضاء العاملين في محطة الفضاء الدولية.
وتنظم شركات خاصة في الإمارات حاليًا رحلات افتراضية إلى المريخ؛ مسخرة تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي للوصول إلى رسم تصور مبدئي عنه؛ ويدخل في هذا الإطار رحلات شركة «ألف» الإماراتية للتعليم التكنولوجي الافتراضية (مقرها أبوظبي) الرامية إلى لتحفيز طلبة المدارس والشباب وإثارة اهتمامهم بعلوم الفضاء.
وتسعى وكالة الإمارات للفضاء للوصول بعدد الأقمار الصناعية الإماراتية إلى 12 قمرًا بحلول العام 2020؛ وسبق أن أكد مدير الوكالة، محمد ناصر الأحبابي، مطلع مايو/أيار 2018، على أن «دولة الإمارات تدخل مرحلة جديد فيما يتعلق باكتشاف الفضاء، وإن استثمار الإمارات في الأقمار الصناعية تجاوز 20 مليار درهم (حوالي 5.445 مليار دولار).»
وتحتضن المرافق العلمية في الإمارات، عمليات تصنيع وتطوير أقمار اصطناعية، وسط تنسيق مع خبرات إماراتية، وسبق أن شارك مهندسون وفنيون إماراتيون في تصنيع أقمار اصطناعية مختلفة الأنواع والأحجام والأغراض.
وأتم مهندسون إماراتيون مطلع العام الماضي، بناء القمر الاصطناعي خليفة سات؛ وهو أول قمر اصطناعي إماراتي يطوره فريق إماراتي 100%، ليسجل بذلك دخول الإمارات عصر التصنيع الفضائي الكامل.
.