بقلم : إسلام محفوظ
المال من أعظم النعم التي خلقها الله ومن مقومات الحياة الأساسية لاستمرار الحياة على الأرض ومعظم نشاطنا في الحياة يكون من أجل الحصول على المال من أجل تلبية ما نحتاج إليه من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وتعليم وصحة وترفيه وغيرها من أمور الحياة ، ونبذل الجهد والعرق والوقت من أجل تحصيل عدة آلاف من الجنيهات شهريا ، ولكن معظمنا رغم ما يبذله من جهد من أجل الحصول على المال إلا أننا غالبا ما نتصرف مع المال بطريقة خاطئة ، ولا نتعامل معه بحكمة تقابل المجهود الذي بذلناه في تحصيله ، فبمجرد حصولنا على المال نفكر مباشرة في تلبية ما نحتاج إليه من أشياء بعضها ضروري ولا بد منها وبعضها لا يمثل أي شيء ضروري وإنما هو جريا ولهاثا وراء مظاهر تافهة وتباهي سفيه ، فتجد الكثير من الناس يتبع في تصرفه في أمواله تصرفا استهلاكيا شرسا وبشراهة وبدون حكمة وربما بدون وعي أحيانا ، فيتصرف في أمواله بطريقة إستهلاكية استجابة لإغراءات البائعين والمسوقين الذين لا هم لهم إلا ترويج وبيع بضاعتهم والحصول على كل ما معك من أموال لتمتلئ خزائنهم ويصبحوا أثرياء وتبقى أنت كما أنت فقيرا ، والبعض يسعى لامتلاك أفخم الأشياء رغم دخله المتواضع لا لشيء إلا لحب التفاخر والتباهي والظهور ولذلك ترى الكثيرين يقعون في مشكلات وأزمات مالية ربما لو أحسنوا إنفاق أموالهم لم يكن ليقعوا فيها ولتحسنت أحوالهم المالية وحياتهم ، فكثيرا ما نقابل شخصا دخله لا يتجاوز الثلاثة آلاف أو الأربعة آلاف جنيه ومع ذلك تراه ومعه هاتف محمول ثمنه عشرون ألف جنيه،لماذا؟ لماذا ترهق نفسك وتشتري شيئا فوق طاقتك ولست فى حاجة اليه ،ان 70 أو 80 % من امكانيات هذا الجهاز أنت لن تستخدمها وربما لا تعلم عنها شيئا ، تخيل معى لو انه اشترى هاتف محمول بربع هذا المبلغ أو حتى أقل من الربع لأصبح لديه جهاز تليفون محمول فيه كل الإمكانات التي يريدها وأكثر ، وبالتالي وفر ثلاثة أرباع المبلغ يعني سوف يكون لديه 15 ألف جنيه ـ مبلغ كبير ـ يستطيع عمل به الكثير من الأشياء ، يدخرها مثلا أو يشتري بها شهادات من احد البنوك لتدر عليه عائدا أو يستثمرها في مشروع صغير يزيد به دخله ، لذلك ترى معظم الفقراء هم فقراء لا لأن دخولهم محدودة بل هم فقراء لأنهم يستهلكون معظم دخولهم بالكاد في حاجتهم ،وأكثر من نصف هذا الاستهلاك يكون غير ضروري على الإطلاق لذلك دائما ليس لديهم مدخرات وبالتالى لن يكون لديهم استثمارات .
على الجانب الآخر تجد الكثير من الأثرياء الذين استطاعوا تحقيق الثروة رغم ظروفهم الصعبة وبداياتهم المتواضعة غالبا ودائما وأبدا ما يستخدمون المال بحكمة وفىي الضروريات فعلى سبيل المثال تجد دائما ملابسهم بسيطة انظر مثلا الى مارك زوكربيرج مؤسس الفيس بوك وبيل جيتس
مؤسس مايكروسوفت وهما من المليارديرات وانظر إلى ملابسهما وبساطتها رغم أنهم يستطيعون شراء أفخم وأغلى أنواع الثياب في العالم ولكنهم لا تستهويهم المظاهر الفارغة ويعلمون قيمة المال وأنه يجب أن ينفق في أشياء ذات قيمة تحقق منفعة وليست لمجرد التباهى والتفاخر .
ولقد لاحظت ان بعض رجال الاعمال كان يرفض استخدام الهاتف المحمول فى بداية ظهوره بحجة أنه ليس فى حاجة إليه وانه لا يفيده فى عمله وأن التليفون الارضى والفاكس يفى بالغرض ،وفى الوقت الذى كان فيه أصحاب الدخول المحدودة يتسارعون لشراء الهواتف المحمولة لا لشئ إلا للتفاخر والتباهي ، لم يسع إلى ذلك رافضا أن ينفق أمواله ف أشياء لن يستفيد منها كما أنه ليس بحاجة إلى المظاهر الفارغة ،إلا أنه بعد فترة عندما علم أن الهاتف المحمول يمكن استخدامه فى إنجاز عمله بشكل أفضل وبسرعة سوف تمكنه من تحقيق العديد من الصفقات عندها بدأ يستخدمه واشترى هاتف محمول بسيط جدا به الإمكانيات الأساسية والضرورية اللازمة لإنجاز عمله ، وفى الوقت الذى كان يتباهى الكثيرون أصحاب الدخول المحدودة ويتسارعون لشراء الهواتف ذات الكاميرات وذات كارت الميموري وبمبالغ كبيرة ، ظل يستخدم هاتفه البسيط الرخيص لأنه يحقق له ما يريد في نجاز أعماله ،فلماذا يضع أمواله فى هاتف له امكانيات اكبر ليس فى حاجة إليها ، وعندما ظهرت الهواتف الذكية ظل يستخدم هاتفه ذو الأزرار البسيط والرخيص ولكنه عندما أدرك ان الهاتف الذكى سوف يمكنه من اتمام أعماله وصفقاته بشكل أسرع وأفضل باستخدام الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى وتطبيقات المراسلة وسوف تحقق له مكاسب أكبر ، عندها قرر استخدام هذه الهواتف الذكية ولكن عندما قرر الشراء اشترى هاتف متوسط السعر ولم يسع لشراء أحدث وأغلى الهواتف مع قدرته على ذلك ولكن اشترى هاتفاا بسعر معقول به أهم الإمكانات والتطبيقات التي يحتاجها في عمله وفي إنجاز صفقاته ،فما دام الهاتف رخيص السعر سوف يؤدى له ما يريد فلماذا يضع أمواله في هاتف غالى الثمن لن يستخدم 70% من امكانياته ، وبالتالي فالفرق في السعر بين الهاتفين سف يبقى أموال معطلة من وجهة نظره بل يعتبرها اموال مفقودة لانه لا عائد يأتي من خلالها ،
لقد أدرك قيمة المال وتعلم كيف يستخدمه بالطريقة الصحيحة
وهذا سر من أسرار الأثرياء أنهم دائما يستخدمون أموالهم فيما يحقق لهم الفائدة والمنفعة والعائد ولا يستخدمونها في إنفاق استهلاكى غرضه الأساسى التباهي والتفاخر والمظاهر الفارغة .