بقلم : د . ياسر بهاء
تحدثنا في المقالين السابقين عن أهمية العادات وتأثيرها على تحقيق الأهداف والإنجازات وأشرنا إلى مكونات العادات من محفز وسلوك ومنفعة والتأكيد على أن أقصر الطرق لتحقيق إنجازات غير مسبوقة هو العمل الدؤوب على اكتساب عادات جيدة والتخلص من العادات السيئة. وأيضاً تناولنا بعض النصائح التي تساعد بشكل مبسط على اكتساب العادات الجيدة الاحتفاظ بها أيضاً.
في هذا المقال سنتحدث عن العادات السيئة وكيفية التخلص منها بطريقة إيجابية وفعالة مع الأخذ في الاعتبار أن التخلص من العادات السيئة في بعض الأحيان أولى من اكتساب عادات جيدة حيث إن التخلص من عادة سلبية ذات تأثير إيجابي وبالتالي نجد أن معظم ما تم ذكره في المقال السابق عن اكتساب العادات الجيدة ينطبق بشكل كبير مع التخلص من العادات السيئة.
فعلى سبيل المثال يُنصح بعدم التخلص من أكثر من عادة سيئة في نفس الوقت حتى نتجنب استهلاك الطاقة والإرادة والوصول إلى الاستسلام والتراجع أحياناً ولكن قد نستثني من هذه القاعدة بأن يكون التخلص من عادة سيئة يُسهم في التخلص من عادة أخرى وهنا يمكن العمل على التخلص منهما في نفس الوقت.
ولكن بالإضافة إلى النصائح السابقة، توجد نقطتان يجب أخذهما بعين الاعتبار في حالة الرغبة في التخلص من بعض العادات السيئة وهما:
أولاً: التغيير في البيئة المحيطة
ويشمل تعريف البيئة هنا ما تتعرض له منذ استيقاظك صباحاً وحتى الخلود إلى النوم مساءً مثل ما تحتويه غرفتك ومكتبك وأماكن الترفيه التي تتردد عليها والأشخاص الذين تتعامل معهم والمواقع الإلكترونية التي تضعها في أولوية قراءاتك والقنوات التي تتابعها على اليوتيوب وغيرها مما يؤثر على الاختيارات والقرارات اليومية.
وبالتالي عند التخلص من أي عادة سلبية لابد من تهيئة البيئة المحيطة عن طريق التخلص من أي محفزات تساعد على الاستمرار في تبني تلك العادة فمثلاً في حالة الرغبة في التخلص من عادة الأكل غير الصحي فمن الطبيعي أن أتخلص من كل الطعام غير الصحي في المنزل وإلغاء الاشتراك في صفحات الإعلانات الخاصة بتلك الأطعمة في مواقع التواصل الاجتماعي وأيضاً حذف التطبيقات التي ترسل إعلانات وإشعارات بشكل مستمر عن تلك المأكولات وغيرها من الممارسات التي تساعد في التخلص من كل المحفزات الخارجية وتشتيت انتباهي عنها حتى يكون التخلص من تلك العادة أكثر سهولة وواقعية.
ومما لا شك فيه أن من يحيطون بنا لهم تأثير كبير في التخلص من أي عادة وبالتالي علينا معرفة من لديهم الرغبة في مساعدتنا للتخلص من تلك العادة والتمسك بهم ومن ليس لديهم أي اهتمام بذلك بل قد يكونوا عائقاً لنا في الالتزام ببعض الخطط للتخلص من عادة ما وقد يصل الحال ببعضهم إلى الاستهزاء مما نفعل بسبب عدم قدرتهم أحياناً على الإقدام على ما بدأناه وأحياناً أخرى رغبة منهم في عدم تميزنا عنهم والمضي في الطريق الصحيح.
وأخيراً فإن معظم ما تتعرض له إن لم يكن لك عليه تحكم في منعه أو التخلص منه فأنت تتحكم بنسبة 100% في ردة فعلك تجاه تلك المُحفزات وهنا يظهر المعدن الحقيقي الذي يقوى يوماً بعد يوم بازدياد الثقة الذاتية في القدرة على عدم الانتباه لتلك المحفزات السلبية وكلما تخلصت منها كلما كان التخلص من العادة السلبية أسرع وأسهل.
ثانياً: استبدال عادة سيئة بعادة جيدة
وتعتبر هذه النقطة مهمة جداً حيث إننا "نضرب عصفورين بحجر واحد" حيث إننا نختصر الوقت اللازم لكل فعل إذا ما تم على حدة في وقت واحد يتم فيه اكتساب عادة جيدة والتخلص من عادة سيئة فعلى سبيل المثال قد نحاول التخلص من عادة تصفح الموبايل قبل النوم ولكن التفكير في ذلك دون وجود بديل يكون من الصعب الالتزام به حيث إن مكونات العادة الثلاث (المحفز، السلوك، المنفعة) لم تحدث بشكل سليم فإن لم يتم استبدال تصفح الموبايل بفعل آخر فسيكون من الصعب الالتزام به وحسْب وذلك نتيجة وجود المحفز (وهو الذهاب إلى النوم) وأيضاً المكافأة المنتظرة (الإشباع من معرفة بعض الأخبار والمعلومات) وبالتالي يمكن بناء عادة القراءة قبل النوم عن طريق وضع كتاب بجانب السرير لموضوع شيق لا يحتاج إلى مجهود ذهني حتى لا أشعر بالإرهاق أثناء النوم وهنا نكون قد تخلصنا من عادة تصفح الموبايل التي تؤثر بشكل سلبي على عمليات المخ أثناء النوم وتسبب التشوش والإرهاق بعكس ما يحتاجه الدماغ من صفاء الذهن والراحة قبل الخلود إلى النوم.
يمكن أيضاً استبدال الأكل غيرالصحي بالخضروات والفواكه واستبدال مواقع التواصل غير الهادفة بصفحات ومواقع تضيف قيمة حقيقية واستبدال الجلوس والراحة و"الأنتخة" ببعض الممارسات البسيطة مثل المشي والجري واستبدال المشروبات غير الصحية بالماء والأهم استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية تساعد على تحقيق كل ما سبق.
وأخيراً كما تشير العديد من النصائح الفعالة بأن بناء العادات الجيدة والتخلص من العادات السيئة هو فعلاً السبيل الأكثر فعالية في الوصول إلى ما لم يتم تحقيقه من قبل فما أنت عليه الآن هو محصلة ما كنت تفعله بالماضي وما ستكون عليه في المستقبل هو محصلة ما ستبدأ ممارسته من اليوم ولا تتوقع نتائج مختلفة إذا ما استمريت في نفس ما تقوم به من قبل ولتتأكد أن عاداتك أصل نجاحاتك.
دُمتم في رعاية الله وأمنه.