بقلم : فريد شوقي
بصرف النظر عن محاولات الكيان الصهيوني " إسرائيل " لإفساد فرحة المصريين والعرب بذكرى انتصارات حرب السادس من أكتوبر 1973 ، والتي مر عليها تقريبا نحو 46 عاما ، من خلال إنتاجها لفيلم " الملاك " وما تتضمنه من إدعاءات مشككة في وطنية بعض الرموز الوطنية المصرية أبرزهم الراحل أشرف مروان والذي نعتبره آخر شهداء حرب أكتوبر، وفقا للبيان الذى أصدرته مؤخرا هيئة الاستعلامات المصرية ، رافضة محاولة الموساد الإسرائيلي التشكيك في ولائه لوطنه، من خلال هذا الفيلم مؤكده أنها اعترافا ضمنيا بقوة ونجاح خطة الخداع الاستراتيجي بقيادة الشهيد أنور السادات .
ويؤكد الأنتصار التاريخي لقواتنا المسلحة المصرية في حرب أكتوبر 1973 ، بالتنسيق مع الجيش العربى السوري ، أن النصر لا يمكن أن يأتى من فراغ وإنما لابد من التنسيق و تكاتف الجهود وتعظيم الاستفادة من كل الإمكانيات سواء القوة البشرية أو التخطيط الاستراتيجى أو المعدات العسكرية أو الثروات الطبيعية وستظل تشكل هذه الحرب منعطفا متميزا ليس على المسار الجغرافي العربي فحسب وإنما على مسارات العمل الإقليمي والدولي اذ إنها كانت أكبر المشرعات العسكرية المعاصرة أمتلاكا للمفاجآت التي تعددت وتنوعت من آليات وأستثمار الزمان والمكان وأعظم تلك المفاجآت على الإطلاق كان الإنسان المصري العربي الذي كانت إنجازاته وممارساته مفاجئة للأصدقاء قبل الأعداء .
وفي كل عام يحتفل الشعب المصري بصفة خاصة والأمة العربية بصفة عامة بذكرى انتصارات أكتوبر 1973 .. هذه الانتصارات التي أعادت لمصر والأمة العربية عزتها وكرامتها .. هذه الانتصارات التي كانت بداية لعهد جديد عهد السلام ... عهد السلام ، القائم على العدل وعودة الحقوق لأصحابها ، الذى أنتهجه العالم أجمع وأصبح اليوم منهجا عالميا أقرته المحافل الدولية وتمارسه المجتمعات الدولية .
فأمتنا العربية يجمعها وطن واحد ودين واحد ولغة واحدة وتاريخ مشترك وظهرت الوحدة العربية بشكل كبير في عدة مواقف ، أبرزها تعاونهم الرائع في مساندة مصر أثناء الحرب حتى استطاعوا أن يهزموا العدو "الذي لا يقهر" !! فقد قامت الدول بمنع تصدير البترول إلى الولايات المتحدة الأمريكية - التي كانت الحليف الأساسي لإسرائيل- ؛ فقد كانوا يعرفون جيداً أن الأمة العربية بينها آلام وآمال ومصير مشترك و أدركوا أن دم الإنسان العربي أغلى من البترول.
فمن أقوال الشيخ زايد ـ رئيس دولة الإمارات " رحمه الله " ، في هذا المجال " إن دولتنا جزء من الأمة العربية يوجد بيننا الدين والتاريخ واللغة والآلام والآمال والمصير المشترك فالبترول العربي ليس أغلى من الدم العربى أما عن الملك فيصل ملك السعودية " رحمه الله " ، فقد قال إن ما نقدمه هو أقل القليل مما تقدمه مصر وسوريا من تقديم أرواح جنودها في معارك الأمة المصيرية وأننا تعودنا على عيش الخيام ونحن على استعداد الرجوع إليها مرة أخرى وحرق آبار البترول بأيدينا وألا تصل إلى أعدائنا.
أنا مصري فخور بمصريتي لكنى أفخر أكثر بعروبتى ولكل العرب أن تفخر أن من أبنائها الرئيس البطل الشهيد محمد أنور السادات فلا تغفلوا حقه كقائد لأعظم المعارك التي شهد التاريخ الحديث ،بين العرب بقيادة مصر وسوريا والعدوان الإسرائيلي ، فمصر لم تغفل دور العرب جميعا فى المعركة بدليل حرصها الدائم على التاكيد أن إحدى نتائجها، وربما مقدماتها، أنها أعطت دليلاً راسخاً على ضرورة تضافر جهود العرب لمواجهة ما يهدد العرب برمتهم.
ووفقا لاعترافات جولدا مائير ـ رئيسة الوزراء الإسرائيلية حينئذ أن النجاح العربي في الحرب بدأ مع إطلاق الرصاصة الأولى، "عندها فقدنا الردع لأنه طالما لم يجرؤ العرب على مهاجمتنا كان ذلك قوة لنا" ومن هنا ندرك أن حرب أكتوبر أبرزت أعظم المفاجآت العربية التى تجلت فى وحدتهم وتضامنهم مع مصر فمن هنا نعرف أن الوحدة العربية صنعت مجدا نعتز به على طول الزمان .
رحم الله السادات وشهداء مصر وسوريا ورؤساء الدول العربية الذين وقفوا بجوارنا بشرف وامانة وكل من استشهد وأعز الله كل من شارك في تلك الحرب المجيدة التي تعلمنا أنه لا سبيل لكرامتنا كعرب ما لم نتحد ونصبح على قلب رجل واحد ، وبغير ذلك فما نحن إلا شراذم لا يقيم لها أعداؤها وزنا.
وكل 6 أكتوبر.. وكل مصري وعربي بخير .
شكرا لكل من ضحى بحياته من أجل أن نحيا نحن بكرامة وعزة .