بقلم : فريد شوقى
مع التسليم باننا فى ظروف اقتصادية صعبه وأن على الجميع المساهمة فى تحمل العبء ، وفقا لقدراته ، حتى يمكننا اعاد بناء الوطن بالصورة التى تجعلنا فى مصاف الدول المتقدمة فى كافة المجالات اعتمادا على ادارة الموارد الكثيرة التى حبى بها الله وطننا مصر الا هذا فى نفس الوقت لا يعنى ان يتكاسل المسؤول الحكومى عن القيام بدوره الرقابى طالما ان المواطنيين لا يتكلمون انطلاقا من حرصهم على دفع وطنهم للامام .
وفى ظل حديثا عن حقوق المستهلك وكيفية ضبط الاسواق ومكافحة ظاهرة غلاء الاسعار بصورة مستفزة ، لاسيما مع الزيادة فى الرواتب المتوقعة فى يوليو المقبل ، فان الاسبوع الماضى شهد اطلاق اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 والذى نتوقع ان يشارك علامة فارقه فى توفير التشريعات القانونية لتنظيم العلاقة بين المستهلك ومقدم الخدمة او موفرى السلع المختلفة كذلك كشفت وزارة التجارة والتموين ، بالتعاون مع جهاز حماية المستهلك ، عن اطلاق مباردة سيارات الضبطية القضائيه وهى عبارة عن سيارات موجودة فى الاسواق الرئيسية للتفاعل مباشرة مع التحديات او المصاعب التى يمكن ان يتعرض لها المستهلك مع بعض التجار والعمل على سرعة انهاء اى مشاكل .
وفى الحقيقة فان ارتفاع الاسعار فى السوق المحلى بصورة مبالغ فيها فى السنوات الاخيرة اصبح يثير الكثير من التساؤلات حولها ولماذا تسج الدولة لحفنة قليل من التجار بجنى عشرات المليارات من الجنيهات على حساب معاناة الملايين من المستهلكين والذيت يقفون بلا حيلة !! مؤخرا كان لى زيارة عمل لبلدين أوروبين هما " اسبانيا وايطاليا " وبالطبع فاننا لن نتحدث عن مستوى الخدمات التى تقدم للمستهلك هناك والحقوق التى يتمتع بها لمحاسبة المسؤول ولكن سأقتصر حديثى ، هنا ، على حقوق المستهلك وخاصة اسعار السلع .
وخلال سفرى لمختلف دول العالم فانك يمكن ان تلاحط ان جميع السلع الغذائيه بداية من الاسماك بانواعها مرورا بالمواد الغذائيه والالبان المحفوظة وحتى معجون الاسنان وحتى مزيل العرق والشامبو فجميع الاسعار تقل عن السوق المحلى بما يتراوح بين الثلث الى النصف تقريبا ، بدون اى عروض تجارية سواء حقيقة او وهمية ، فكيف يحدث هذا ؟! وطبعا حدث ولا حرج عن الطعم والمذاق المختلف تماما عما نتناوله فى مصر مما يشعرك انك تاكل زبالة ، نتيجة تقليل المصنع المحلى من المادة الفعالة لاى مادة ، فمن المسؤول عن هذا الاستعلال المباشر وانتهاك حقوق المستهلك سواء فى الحصول على جودة عالمية وفرض اسعار مبالغ فيها اعلى من السوق الاوروبى .
فهل يعلم الصديق العزيز الدكتور على المصيلحى وزير التموين و التجارة الداخلية ان الاسعار التى يتم تداولها فى السوبر ماركت بالدول الاوربية ومقارنة اسعارها بالسلع التى يتم طرحها فى السوق المصرى ، بما فى ذلك المجمعات الاستهلاكية التابعه لوزارة التجارة ، واذا كنا نلتمس العذر لوزير التموين لانشغاله بحل الكثير من المشاكل بطاقة التموين وتوفير السلع الاساسية طيب هل جميع المستشارين و العاملين فى الوزارة لم يسبق لهم زيارة اى سوق اوروبى ، فمنذ تحرير سعر الصرف للجنيه ، ويمكن ادراك مدى الظلم الواقع على المستهلك المحلى سواء بالاسعار المبالغ فيها او مذاق وطعم ومستوى جودة المنتجات والاغذية التى يتناوله المستهلك المصرى مقارنة بنظيره المستهلك الاوروبى ؟
وخرجت من "السوبر ماركت " وانا فى منتهى الحزن علينا كمستهلكين من الظلم الذى يقع علينا بدون ان يكون لدينا اى سند او دعم من الحكومة والتى ترفض التدخل فى مراقبة اسعار الاسواق وتحديد هامش ربح لكل سلعة ولكن تحدثنا دائما عن الاسعار العالمية للمواد البترولية وضرورة رفع السعر !! وماذا عن الاسعار العالمية للمواد الغذائيه اليس من حقنا ان نطبق مبدا الاسعار العالمية على كافة السلع ؟
الاكثر استغرابا اننا دخلنا بعض محلات الملابس والاحذية والتى تقوم ببيع العلامات التجاربة العالمية المعروفه ، والتى لها فروع فى مصر ، فهل تتخيل ان الماركة التجارية نفس الجاكيت الذى يباع فى مصر بنحو 1900 جنيه يباع فى نفس فى فرع الشركة بالمنطقة السياحية فى مدريد بسعر 600 جنيه اى بنحو 30 % من سعره فى مصر وقس على ذلك جميع أنواع الملابس او الاحذية ..لماذا ؟ وكنت اظن ان هذا لن يحدث الا فى السوق الامريكى من خلال ما يعرف بمراكز التسوق " الاوت ليت " والتى تقدم عروض مغرية جدا لكافة منتجات البراند النيم حيث يمكن ان يصل سعر المنتج الى 25 % فقط من قيمة بيعه فى مصر مع الاخذ فى الاعتبار ان الموضة هناك موضة العام وليس ما يعرض لدينا من موضة العام السابق وربما قبل السابق .
من المهم ان نشير ان ارتفاع الاسعار فى السوق المحلى مقارنة بالاسواق العالمية امر ليس بجديد وانما يحدث قبل احداث 25 يناير ، خاصة ممن يهوى ويتابع منتجات البراند نيم ، وكل من يسافر للخارج يعلم ذلك لدرجة ان البعض يشترى الملابس الداخلية ارخص من الخارج ، ولكن ألم يحن الوقت لتغير هذا الوضع الغير منطقى ، كما حدث فى تعديل اسعار الطاقة ، فهل من المقبول مع تضاعف سعر اليورو بنحو 3 مرات خلال العام الماضى وان تظل مستويات الاسعار فى اوروبا ارخص من السوق المصرى ؟ وان يكون مستوى جودة المنتجات " فرز اول " هناك اعلى بكثير من نظيرتها فى السوق المصرى " فرز ثانى او ربما ثالث " ..
نريد فعلا من يحنو على المستهلك المصرى والذى يتلقى يوميا ضربات ارتفاع الاسعار السلع والخدمات وارتفاع الاعباء عليه فى صمود تحت شعار " مساندة بناء الوطن " ولكن هل الوطن هو الذى يستفيد من جنى الارباح الرهيبه من استغلال صمود المستهلك ؟ أشك كثير ان الوطن هو المستفيد بل المحتكرين والحرامية والنصابيين المستمرين فى خداع المستهلك تحت صمت مريب من الجهات الحكومية والرقابية على الاسواق .