بقلم : فريد شوقى
يمثل طلابنا فى كافة مراحلة التعليم ، قبل الجامعى ، شريحة مهمة ومؤثرة في مستقبل أي أمة وهم في مرحلة عمرية صغيرة حيث تحتاج هذه الشريحة من المجتمع إلي تضافر كل الجهود الحكومية والأهلية لتأهيلها وإعدادها بالصورة الجيدة التى تسمح لها بزيادة قدراتها التنافسية فى عصر لا يؤمن إلا بمفهوم البقاء للأصلح ولعلنا نتفق جميعا أن تطوير وتحسين خدمات التعليم بكافة مراحله يعد بمثابة النواة الرئيسية لتحقيق أى مشروع قومى نهضوى يستهدف الانتقال من صفوف الدول النامية إلى صفوف الدول المتقدمة المساهمة بفاعلية فى مسيرة التنمية البشرية بصورة عامة .
وعلى مدار السنوات الخمسون الناضية كان تطوير التعليم محل اهتمام الكثير من الحكومات المتعاقبة ، ايمانا منهم باهمية دور التعليم فى بناء الانسان المصرى وتنمية قدراته الشخصية والتنافسية بما يتواكب مع المتغيرات المحلية والعالمية ، وظل الموضوع يخضه لاجاء تجارب واهواء شخصية لكل وزير للتربية والتعليم تارة من خلال تحديث المناهج او تعديلها وتارة من خلال الحديث عن مدارس تجريبية وتارة من خلال الغاء سنوات دراسية ، ثم اعادتها مرة اخرى مع تغير الوزير ، وتارة من خلال الحديث عن تاهيل المدارس وتزويدها بشبكة الانترنت " 2000 مدرسة كتجربة " وتارة من خلال الحديث عن توفير جهاز كمبيوتر " مبادرة حاسب لكل طالب " وبالتالى فان تحديث التعليم ظل ، وبجدارة ، خاضع للاهواء والاراء الشخصية لمن يتولى الوزارة ضاربين بعرض الحائط مصالح ابنائنا والضغوط والاعباء ، النفسية والمالية ، التى باتت تتحملها الاسرة المصرية بكافة مستوياتها المالية حتى بات التعليم هو اخحد اكبر الهموم التى يواجهها المواطن المصرى .
ومع قدوم الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم الحالى اكد الرجل انه يمتلك رؤية استراتيجية لكيفية اعادة بناء منظومة التربية والتعليم بصورة شاملة بحتلف محاورها " الطالب والمعلم والمدرسة والمناهج التعليمية " وانه تم مناقشة هذه الاستراتيجية من قبل الخبراء والمتخصصين فى مجال التعليم ومن خلال ارسال البعثات و الخبراء المصريين للتعرف على التجارب الدولية الناجحة فى مجال تطوير التعليم والعمل على تعظيم الاستفادة منها ووضع خطة عمل ، يمتد تنفيذها لنحو 14 عاما تقريبا ، نستطيع بعدها الحديث عن طالب المستقبل القادر عل تحقيق الطفرة المنشودة فى مخرجات عملية التعليم .
وبالفعل بدأت وزارة التربية والتعليم فى تنفيذ استراتيجيتها وما تتضمنته من محاولات تغير ، كان بعضها صادما للمجتمع ، ولكن بصورة كبيرة استطعنا تجاوزها املا من الجميع فى حدوث تغير ايجابى ملموس فى منظومة التعليم ، والتى وصلت الى اسوء حالاتها وبات التحاق الطلاب بالمدرسة لمجرد الحصول على شهادة باى طريقة وليس للتعلم وتنمية قدرات الطلاب .
وكان توزيع جهاز التابلت ، المزود بالانترنت ، على الطلاب احد الخطوات التى استبشرت ، شخصيا ، باهميتها فى ضرورة تنمية القدرات التكنولوجية لطلابنا وجعلهم مستخدمين محترفين للادوات التكنولوجية هذه بجانب الخطوات التى سبقت ذلك من وضع المناهج التعليمية بصورة الكترونية للطلاب ، وكذلك الاعتماد على هذا التابلت فى اجراء الامتحانات فى ثوبها الجديدة والتى لا تسمح بتدخل مدرس الفصل او المدرسة وانما يتم الامر كله بصورة الكترونية بين جهاز التابلت لكل طالب وبنك الاسئله الموجودة لدى الشبكة الالكترونية لوزارة التربية والتعليم وهو بالتاكيد نقله نوعية جديدة فى اليات التعلم لابنائنا .
ورغم ما حدث من سلبيات عند اجراء الامتحان الاول لطلابنا باستخدام اجهزة التابلت ، ودخول نحو 4 مليون طالب فى نفس الوقت ، وتعطل النظام ،وبصرف النظر عن اسباب حدوث ذلك سواء فنية او بشرية او تنظيمية ، فان الامر يستحق ان نعطى لانفسنا فرصة للمحاولة مرة اخرى فليس امامنا رفاهية الوقت لتجربة منظومة تطوير أخرى وهدم كل ما قمنا به على مدار العامين الماضين .
اعلم ان الصدمة كبيرة ، بقدر ما كانت الامال المعقودة كبيرة ايضا ، ولكن بالنظر الى التجاربة العالمية فى مجال تطوير التعليم فان الامر يستغرق عادة سنوات طويلة وهنا يحضرنى تجربة دولة ماليزيا ونجاحها خلال 20 عاما فى الانتقال من صفوف الدول الفقيرة والمطالبة بالمعونات إلى دولة مانحة للمعونات هو أمر يدعو إلى التأمل فى هذه التجربة والاستفادة والتى اعتمدت على تطوير التعليم والاهتمام بالبحث العلمى والتكنولوجيا حيث قامت بإعادة هيكلة العملية التعليمية برمتها بهدف ضمان مشاركة ايجابية وفعالة من جانب الطالب لتنمية مهارته الأساسية بعيدا عن أسلوب التلقين والحفظ والتى تؤدى فى النهاية إلى تخريج طلبه غير مبدعين .
فى النهاية وليس دفاعا عن أخطاء أحد او تبرير او تقليل مما حدث ، والتى من الضرورى اصلاحها ومعالجتها بصورة علمية وتقنية سليمة ووضع خط لادارة مخاطر المشروع والاستعانة بالكفاءات والخبرات المتخصصة والتدريب لكافة اطراف المنظومة ، ولكن علينا ان نعلم ان كل تجربة جديدة يمكن ان يكون لها تحديدات عند تنفيذ بعض الحلول ،خاص عندما تكون حلول جذرية وشاملة ، واتمنى ان نعلم ان تعزيز استخدام التكنولوجيا فى منظومة التعليم ليس مشروع الدكتور طارق شوقى وزير التعليم الحالى وانما هو مشروع قومى لمصر كلها وسنستفيذ منه جميعا وعلينا مساندته من اجل مستقبل افضل لاولادنا وجعلهم مؤهليين لما هو قادم ويكفى ان نعلم ان 90 % من الوظائف الحالية فى سوق العمل سوف تختفى ويظهر مكانها 80 تخصص وظيفى جديد قائم على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى وانترنت الاشياء والحوسبة السحابية وتحليل البيانات وتعلم الاله وتطبيقات المحمول والبيانات الضخمة وامن المعلومات والالعاب الالكترونية وكلها مرتبطه بصورة كبيرة بضرورة اجادة التعامل مع الادوات التكنولوجية الحديثة .