بقلم : غافين ماغواير
كاتب متخصص بأسواق السلع، وانتقال الطاقة العالمية (رويترز)
بلغ توليد الكهرباء من الفحم في جميع أنحاء العالم مستويات قياسية في عام 2023، عند 8295 تيراوات/ساعة حتى أكتوبر/تشرين الأول، بزيادة 1% عن نفس الفترة من عام 2022، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، وتجاوزت صادرات الفحم الحراري مليار طن متري لأول مرة، مع استمرار نمو استخدامه في أنظمة الطاقة، على الرغم من الجهود واسعة النطاق لخفض الوقود الأحفوري، وفقاً لمركز الأبحاث البيئي «إمبر».
في المقابل، أظهرت بيانات تتبع السفن من «كبلر»، أن إجمالي صادرات الفحم الحراري، تجاوز مليار طن متري، للعام بأكمله، بزيادة قدرها 62.5 مليون طن، أو 6.6%، عن عام 2022، كما وصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والغازات المكافئة الناتجة عن توليد الكهرباء باستخدام الفحم إلى مستويات عالية جديدة حتى أكتوبر 2023، حوالي 7.85 مليار طن، أي بنمو قرابة ال 66.7 مليون طن، عما كانت عليه خلال الفترة نفسها من العام الذي قبله.
يمثل التوسع المستمر في استخدام الفحم والانبعاثات تذكيراً صارخاً لمتتبعي المناخ، بأن وقود الطاقة عالي التلوث لا يزال جزءاً لا يتجزأ من أنظمة الطاقة الرئيسية، حتى مع انتشار مصادر الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وغيرها من بواعث الطاقة النظيفة بمعدلات مرتفعة خلال السنوات الماضية.
إلى ذلك، تتركز بصمة تعدين الفحم وصادراته واستخدامه في توليد الطاقة بشكل كبير في قارة آسيا، في حين اتخذت أجزاء أخرى كثيرة من العالم، بما في ذلك أوروبا وأمريكا الشمالية، تدابير وقائية للحد التدريجي من استخدام الفحم في عمليات توليد الطاقة. ولكن حتى مع تقلص النطاق الجغرافي لاستخدام الفحم وتجارته، لا تزال الأحجام الكاملة للاستخراج والصادرات والاستهلاك، في محطات الطاقة تمضي في مسار تصاعدي وبوتيرة مرتفعة.
وفي هذا السياق، كانت إندونيسيا أكبر مصدر للفحم الحراري العام الماضي، مع شحنها رقماً قياسياً بلغ 505.4 مليون طن، بزيادة 54 مليون طن، أو ما يعادل 12% عن مستويات 2022، وللمرة الأولى، استحوذت إندونيسيا على أكثر من نصف إجمالي شحنات الفحم الحراري العالمية خلال سنة تقويمية واحدة، حسبما تظهر بيانات «كبلر».
وجاءت إستراليا في المرتبة الثانية في قائمة أكبر مصدري الفحم الحراري عالمياً، حيث صدرت 198 مليون طن من السلعة الحيوية، بزيادة 12.5 مليون طن، أو ما يعادل 7% عن العام السابق. وكان لروسيا، وجنوب إفريقيا، وكولومبيا أيضاً، نصيب وافر من أحجام التصدير البارزة عالمياً، مع شحن 103 ملايين طن، و60 مليون طن، و51 مليون طن، على التوالي خلال الاثني عشر شهراً الماضية.
أما من ناحية الاستيراد، تعتبر الصين أكبر مشتر للفحم الحراري في العالم، إذ استقبلت البلاد كمية قياسية جديدة وصلت حد 325 مليون طن في 2023، وهو ما يزيد بمقدار 109 ملايين طن، عن إجمالي عام 2022، فيما كانت الهند ثاني أكبر مستورد للفحم (172 مليون طن)، تليها اليابان (109 ملايين طن)، فكوريا الجنوبية (80 مليون طن)، وتايوان (51 مليون طن).
ومن بين الأسماء الأخرى، انضمت الفلبين وفيتنام إلى قائمة كبار المستوردين البارزين للفحم الحراري، مع تحقيق كليهما زيادات قوية بنسبة مئوية من خانتين على أساس سنوي، وبلغ نصيب الأولى 37 مليون طن، من الواردات، فيما سجلت الثانية 31 مليون طن.
وفي الدول الرئيسية المستوردة، زاد توليد الكهرباء باستخدام الفحم الحراري على أساس سنوي في الصين والهند والفلبين وتركيا وفيتنام، وعلى الصعيد العالمي، حدث حوالي 82%، من إجمالي توليد الكهرباء باستخدام الفحم داخل آسيا في عام 2023، ارتفاعاً من متوسط بلغ حوالي 75%، في عام 2019، وفقاً لبيانات «إمبر».
وبينما تستعد مناطق أخرى في العالم لخفض استهلاكها من الفحم الحراري، من المتوقع أن تستمر حصة آسيا من الواردات والاستهلاك لتوليد الطاقة في الارتفاع، وخاصة في الاقتصادات الكبرى وسريعة النمو مثل: الصين والهند وفيتنام والفلبين وإندونيسيا، حيث تظل مصادر الطاقة الرخيصة حاسمة أمام القدرة التنافسية الصناعية الكبيرة.
لكن لتحقيق الأهداف المناخية العالمية، لا بد أن تلتزم هذه البلدان نفسها، بنشر مصادر الطاقة المتجددة على أراضيها بمعدلات مرتفعة، بدلاً من الاستمرار في توجيه إجمالي استخدام الفحم والانبعاثات نحو مستويات أعلى، وهو الأمر الذي يبدو ظاهراً حتى الآن وعلى المدى القريب.