بقلم : لوري ماكفيتي
المهندسة بشركة " F5 "
يتفاقم دور الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية التحول الرقمي، لاسيما وأننا نشهد في الوقت الحالي تسارع عملية التحول الرقمي للمؤسسات في جميع المجالات بدءاً من تطبيقات توصيل الطعام، مروراً بانتشار البث الرقمي الترفيهي، ووصولاً إلى تأسيس فرق العمل الهجينة، وهو الأمر الذي لم يكن لأحد أن يتخيله قبل عام 2020.
ولا تكمن المشكلة في أن الذكاء الاصطناعي هو أمر سيء، بل هو جيد في واقع الأمر، ولا في أن الذكاء الاصطناعي لن يقوم بتغيير الكثير من الأمور بدءاً من طريقة عملنا مروراً بطريقة تعلمنا وصولاً إلى طريقة حياتنا لأنه سيقوم بذلك بالتأكيد، بل إن الأمر هو أن الذكاء الاصطناعي في حد ذاته ليس أكثر فائدة من التحليلات، وإننا نستطيع ملاحظة أثره الحقيقي فقط عند تقاطعه مع التقنيات الأخرى الجديدة. كما أن الطبيعة التحفيزية للذكاء الاصطناعي التوليدي تؤدي إلى إحداث أثر ملموس فقط عندما تسهم في تسريع توجهات موجودة حالياً.
وفيما يلي مجموعة من الطرق التي يمن أن يساهم الذكاء الاصطناعي عبرها في تسريع التحول الرقمي:
لقد أصبحت التطبيقات الحديثة جاهزة للتفوق على التطبيقات التقليدية خلال الأعوام القليلة المقبلة. لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي قام بصب الزيت على النار حيث أصبحت التطبيقات الحديثة في الوقت الحالي قادرة على اختراق حالة الهيمنة في محفظة المؤسسات، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي هو تطبيق حديث، وكذلك هو الحال مع التطبيقات الأخرى التي يتم تصميمها للاستفادة منه.
تواصل واجهات برمجة التطبيقات مضيها نحو قمة مجموعة الأولويات المتعلقة بالتنفيذ والأمن الإلكتروني. وفي هذا الإطار، فقد أسهم الذكاء الاصطناعي في جعل كل الأمور المتعلقة بواجهات برمجة التطبيقات (APIs) أولوية حاسمة في حد ذاتها من المرجح أن تنجح بإقصاء الأمن الإلكتروني العام عن قمة الأولويات. وإن السبب في ذلك هو أن الجميع يعملون حالياً على تصميم تطبيقات حديثة تعتمد على واجهات برمجة التطبيقات، كما يقومون بدمج خدمات الذكاء الاصطناعي فيها عبر توظيف واجهة برمجة التطبيقات نفسها.
يعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على مصادر حوسبة وتخزين وشبكات كبيرة، والتي تعتبر جميعها من المصادر التي سوف تضخّم نموذج تكنولوجيا المعلومات التشغيلي الهجين الحالي، الأمر الذي سيفاقم من التحديات المرتبطة بالسحابة المتعددة. وستتواجد العقول التي تغذي الذكاء الاصطناعي التوليدي (وهي نماذج اللغات الكبيرة) في السحابة العامة، ولكن بعضها سيبقى في المواقع الميدانية. أما بخصوص التطبيقات التي يتم تصميمها لاستخدام نماذج اللغات الكبيرة، فإنها ستعتمد على السحابة المتعددة كذلك. وفي حال لم تكونوا متأكدين من استمرار نماذج تكنولوجيا المعلومات الهجينة لفترة طويلة، فإن الحقيقة المرتبطة بالمصادر المطلوبة للتدريب والاستدلال، إلى جانب متطلبات المحافظة على خصوصية البيانات الخاصة، ستؤدي إلى ترسيخ الاعتياد على نماذج تكنولوجيا المعلومات التشغيلية الهجينة.
يسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تسريع الانتقال إلى نموذج الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك وفرة كبيرة في الحلول التي تواصل إيجاد طرق يمكنها من خلال الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج المحتوى والبرمجة والاستعلامات. وفي حقيقة الأمر، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيمضي بنا إلى ما هو أبعد من الطرق الأكثر نضجاً في الوقت الحالي -النصوص المؤتمتة- وذلك إلى حالة يصبح فيها النظام قادراً ليس فقط على تطبيق النصوص، ولكن توليدها ووضع السياسات الصحيحة اللازمة لتشغيلها. كما يسهم الذكاء الاصطناعي في تحريك بوصلة الأتمتة من "آلي" إلى "ذاتي"، الأمر الذي سيؤثر بصورة ملموسة على العمليات. وعلى الرغم من أنه لن يتم لمس هذا التأثير قبل مرور عدة أعوام، إلا أنه قادم بالتأكيد.
وستساعد كل هذه العوامل في دفع عجلة التغيرات المتسارعة من أجل تلبية احتياجات التطبيقات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، والمؤسسات التي تقوم ببناء وتشغيل التطبيقات. كما ستؤدي عوامل الخصوصية والأمن والمسؤولية في تسريع الابتكار في جميع مجالات عمل المؤسسات، وخاصة في مجال البيانات وتنفيذ التطبيقات والأمن الإلكتروني.
والحقيقة أن جميع هذه الأدوات مثل التطبيقات الحديثة وواجهة برمجة التطبيقات ونموذج تكنولوجيا المعلومات الهجين ونموذج (AIOps)، كانت تتجه في مسار تصاعدي قبل إطلاق شركة OpenAI لأداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها ChatGPT. وكل ما قام به الذكاء الاصطناعي التوليدي ببساطة كان تسريع وتيرة تقدم هذه الأدوات.
ولذلك، فإن الأثر الأكبر للذكاء الاصطناعي لن ينتج عن وجوده بحد ذاته، ولكن عن كيفية تأثيره على الأفراد والإجراءات والمنتجات.