بقلم : د/ غادة عامر
استكمالا لموضوع تقنيات غسيل الادمغة الذي تكلمت عنه في للمقالين السابقين، سوف استعرض بعض باقي الاساليب التي تطبق لتعطيل التفكير و الابداع لتهيئة أدمغتنا لعملية الغسل، من الاساليب التي لابد و ان تكون مريت بها مره علي الاقل في حياتك (سواء انت طبقتها او طبقت عليك بعمد او بدون عمد)، اسلوب ان تجعل الطرف الاخر يشعر بالدونية و الخجل من وضع او شيئ معينه يخصة، و مع تكرار هذا اكثر من مره يصبح الضحيه اسير لمشاعر الدونية التي تفقده القدره علي التفكير النقدي او البناء.
فمثلا تذكر انك دخلت في نقاش حاد مع خصم معين ، و اثناء الكلام عايرك بامر ما ، مثل: غلط انت ارتكبته او عيب خلقي او ان احدا ما قال عنك انك سيئ، او انك من منطقه دون المستوي او من مدينة او وطن فيه المشكلة الفلانية، و غيرها من الامور التي ممكن ان تسبب الاحراج لبعض الاشخاص. سوف تجد انك بعد سماع هذا الكلام انشغل عقلك بالدفاع عن ما اثاره و تركت الموضوع الاساسي ، و مع الوقت سوف تتجنب الحديث معه في اي مشكله حتي لا تتعرض لمثل هذة المشاعر ، بل وممكن ان توافقه الراي بل و مع الوقت سوف يصبح الشعور بالدونية مسيطر عليك، الي درجة انك لن تجرا علي النقاش مع اي شخص يذكرك بهذا الشعور.
الاعلام و ايضا رجال السياسه لديهم اساليب اكثر تطورا في هذا الامر، لكن مبدأ الاسلوب واحد، فمثلا لو قامت قناه اعلامية بتبني ان أي فكره تنمية او مشروع اصلاحي في اي بلد هي كذبة و تأخذ الموضوع علي انه مصدر للسخرية ، او لو قام اي سياسي باعطاء صبغة السخرية لاي فكره من الطرف الاخر ، و للاسف لن يجهد المستمع نفسه للتحقق من صدق الفكره او انها فعلا مصدر للسخرية. سوف تكون النتيجه الحتمية ان المستمع لن يحاول التفكير او حتي قبول الفكره من الطرف الذي تم السخرية منه، بل و سوف يكون عقله اكثر تقبلا لتلك القناه او لذلك السياسي الساخر!َ
و لكن كيف يعمل هذا الاسلوب ( ان تعمل فصل قصري لاي دماغ عن طريق اثارة شعور الخجل داخلة)، ان ما يحدث انه في جزء من الدماغ أسمه اللوزة الدماغية تقع داخل الفص الصدغي من المخ تكون مسؤوله عن الإدراك وتقييم العواطف و المدارك الحسية والاستجابات السلوكية المرتبطة بالخوف والقلق و الخجل. و تحفيز هذا الجزء يمكن ان يغلق تماما الجزء التحليلي من الدماغ. أن هذا الاسلوب بدأ منذ التطور البشري، عندما بدأ الانسان في تشكيل المجموعات و القبائل و الاعراق، جاعلا الوضع الاجتماعي هو كل شيئ. و جعل المقارنات بين البشر بهذا المستوي المزعوم اما مدعاة للفخر او للخجل، و ذلك للسيطره علي الادمغة و عدم خروجها عن الخط. فجعل الوطن او الفرد او الفكره او السلوك هدفا للسخرية يعطية وضع اجتماعي متدني، و بالتالي اي شخص يرتبط به او يؤيده سوف يتشارك معه هذا الشعور الدوني و بالتالي سوف يحاول كل فرد الابتعاد او الاستنكار منه تلقائيا!!!
فمثلا تكرار السخرية من الامور الفلاحية او الاعمال اليدويه و المهنية سواء عن طريق الافلام السنمائية او النكت اوبتكرار كلمات الطبيقة من بعض فئات المجتمع ، جعل الكثير من ابناء الفلاحين او الحرفين يتركون حرف ابائهم بل و يستعرون منها في كثير من الاحيان،و بالتالي تم غسل ادمغت المجمتع لرفض تلك الحرف التي كانت سببا لقوة المجتمع و تقدمه !
لذلك لكي تقاوم مثل هذة العملية ، عليك ان لا تخجل الا من انك لم تتقي الله في عملك او وطنكم او فيما تقول ، اما الامور المادية و الطبيقة الزائفة الزائله فليس مدعاة للخجل ابدا، و تذكر كلما حاول اي شخص ان يعطل دماغك عن طريق زرع شعور الخجل داخلك قوله تعالي ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، عقلك اغلي ما تملك فلا تسمع لاي شخص بتعطيله او سلبه او تلويثه. و تذكر أن جرعة جيدة من الاستهزاء يمكن أن تغلق التفكير النقدي و الابداعي وتجعلنا نسقط الحق و نقوي الباطل، بكل استسلام.