بقلم : رانيا جول
محلل أول لأسواق المال في XS.com
توقف النفط عن سلسلة مكاسبه الأخيرة وهبط ليبدأ تعاملات اليوم الأربعاء عند 77.39 دولار، بعد أن أظهرت أرقام مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة ضعفًا في الطلب المستقبلي. كما حذرت وكالة الطاقة الدولية من خطر فائض كبير في العرض، خاصة مع استعداد أوبك لتخفيف تخفيضات الإنتاج. لكن تستمر التوترات الجيوسياسية، خصوصًا بشأن هجوم محتمل من إيران على إسرائيل، في دعم الأسعار. ويبدو لي أن الأسواق تتأمل أن تستمر أوبك في تخفيضات الإنتاج لدعم الأسعار، لمواجهة المخاوف من فائض العرض.
وأظهر التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية ارتفاع إنتاج أوبك بمقدار 250 ألف برميل يوميًا مقارنة بالشهر السابق، مع كون المملكة العربية السعودية والعراق المحركين الرئيسيين لهذا الإنتاج الإضافي. ومن وجهة نظري إذا ألغت أوبك خططها لزيادة الإنتاج، فإن المخزونات قد تتراكم بمقدار 920 ألف برميل يوميًا العام المقبل بسبب الإمدادات الوفيرة من الولايات المتحدة. في ظل التوقعات بانخفاض الاحتياطيات الأمريكية من النفط الخام مع وصول الطلب إلى ذروته في الصيف، كما تترقب الأسواق بيانات المخزونات الأسبوعية اليوم، وقد تؤدي أرقام مؤشر أسعار المنتجين الضعيفة إلى تراجع أوبك عن بعض قراراتها بخفض الانتاج، مما يساهم في الضغط على الأسعار مع وجود خطر الانقسام داخل اوبك.
كما أعتقد أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن خطط لنشر غواصة صاروخية في المنطقة، مما يشير إلى استعداد متزايد للعمل العسكري المحتمل. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب مخاوف إسرائيل بشأن هجوم محتمل من قبل إيران ردًا على اغتيال زعيم حماس، مما أدى إلى زيادة المخاوف من صراع إقليمي أوسع نطاقًا. كما بدأت روسيا عمليات إجلاء واسعة النطاق في منطقتي كورسك وبيلغورود مع تقدم القوات الأوكرانية، مما أضاف إلى مخاوف الأسواق بشأن عدم الاستقرار العالمي.
لكن حتى مع ارتفاع حدة التوترات والمخاطر شهدت أسعار النفط الخام تراجعًا طفيفًا خلال بداية اليوم الأربعاء ، وأعتقد أن سبب هذا هو تراجع النفور من المخاطرة وانتعاش أسواق الأسهم، وخاصة في اليابان. ومن رأيي ستبقى العوامل الأساسية التي تحرك الأسعار هي التوترات الجيوسياسية ومخاوف العرض، ومن المرجح أن تدعم الاتجاه الصعودي لسعر النفط الخام في المدى القريب.
وستكون بيانات المخزون القادمة من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية حاسمة في تحديد اتجاهات الأسعار في المستقبل. فمع انخفاض مخزونات الولايات المتحدة لمدة ستة أسابيع متتالية، وستراقب السوق برأيي المزيد من اشارات تأكيد الانخفاضات التي قد تشكل مناطق طلب قوية وتدفع الأسعار إلى الارتفاع.
ومن الجدير القول بأن تخفيضات إنتاج أوبك+ تعتبر عاملاً رئيسيًا آخر يؤثر على أسعار النفط الخام وخام برنت. فقد مددت المنظمة، التي تمثل أكثر من 37% من إمدادات النفط العالمية، تخفيضات الإنتاج بمقدار 3.66 مليون برميل يوميًا حتى نهاية عام 2025، مع استمرار التخفيضات الطوعية الإضافية حتى سبتمبر من هذا العام. وقد أدت هذه القرارات بالفعل إلى انخفاضات مخزونات النفط العالمية، وفي حين شهدت أسعار النفط انخفاضًا قصيرًا بعد ارتفاع دام خمسة أيام، مدفوعة بمخاوف من فائض إذا أضافت أوبك+ براميل كما هو مخطط لها، فإن معنويات السوق تبقى إيجابية من وجهة نظري. وقد دعم التقرير الأخير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية والذي حذر من احتمال انخفاض المخزونات في الربع الأخير من العام حالة عدم اليقين، مما يشير إلى أن ضغوط العرض قد تستمر في المدى القريب والمتوسط.
فنياً من الجانب الإيجابي، هناك متوسطان متحركان رئيسيان آخران قريبان جدًا من السعر حيث يقع المتوسط المتحرك البسيط لـ 55 يوم عند 78.56 دولار والمتوسط المتحرك البسيط لـ 100 يوم عند 79.83 دولار. وإذا تم تجاوز المتوسط المتحرك البسيط لـ 100 يوم، فإن اختراق منطقة 80 دولار سيدعم الارتفاع نحو مستوى هدف صاعد نهائي عند حوالي 87.12 دولار.
أما على الجانب السلبي، يقدم المتوسط المتحرك البسيط لـ 200 يوم بعض الدعم بسبب عمليات جني الأرباح الحالية. وقد يكون الهدف التالي عند75.27 دولار. وبعد ذلك يمكن للسعر اعادة اختبار الدعم بالقرب من 72.00 دولار في حالة ظهور بعض المحفزات الهبوطية الأساسية.