كتب : وائل الحسينى
نجحت الشركات الصينية فى تحقيق نجاحاً لافتاً في تجاوز القيود الأميركية التي تحاول منعها من الوصول إلى الرقائق الأكثر تقدماً والمتاحة حالياً في السوق، وتمكنت من تعزيز مجالات البحث التي تجريها على هذا الصعيد، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز".
ذكرت الصحيفة أن شركات "علي بابا" و"تينسنت" و"بايدو"، خصصت منذ بداية العام الجاري حوالي 50 مليار يوان (نحو 6.5 مليار دولار) لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن هذا يعتبر أقل بكثير من المبالغ التي استثمرتها الشركات الأميركية العملاقة في هذا القطاع، من أمثال "ألفابيت" و"أمازون" و"ميتا" و"مايكروسوفت" (ما يقرب من 110 مليارات دولار في 6 أشهر)، فإنه يعادل ضعف المبلغ الذي استثمرته الشركات الصينية الثلاث في الفترة ذاتها من 2023.
لفت التقرير إلى أن الشركات الصينية تسرّع استثماراتها في شراء المعالجات وتمويل البنية التحتية الضرورية لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة (large language model) أو (LLM)، حيث زاد إنفاق "علي بابا" في هذا المجال بنسبة 123% خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، بينما زاد إنفاق "تينسنت" 176%.
كما أشار إلى أنه، وعلى الرغم من حظر الإدارة الأميركية لتصدير الرقائق من الجيل الأخير، مثل (H100) من ""، إلى الصين، فإن الشركات الصينية تستطيع شراء معالجات ذات أداء أضعف مثل (H20) التي صممتها "إنفيديا" خصيصاً لتبقى تحت السقف الذي حددته واشنطن من حيث القوة الحسابية. ويقدر المحللون أن شركة "إنفيديا" ستسلم في الأشهر المقبلة أكثر من مليون من هذه المعالجات لشركات التكنولوجيا الصينية، علماً أن تكلفة الوحدة الواحدة منها تتراوح بين 12 ألفاً و13 ألف دولار.
بدورها، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقاً يكشف عن وجود شبكة واسعة تهدف إلى إحباط الإستراتيجية المعتمدة من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسيطرة على تصدير الرقائق الأكثر تقدماً وإبطاء تطوير الذكاء الاصطناعي في الصين. وقالت إنه "نظراً لإمكانية تحقيق أرباح هائلة، وجدت الشركات في كل أنحاء العالم طرقاً لتجاوز هذه القيود".
تُصنع رقائق "إنفيديا" في تايوان، ثم تُرسل إلى شركات تصنيع أو موزعين آخرين في سنغافورة وفيتنام ودول أخرى لا تعتبر الصادرات منها إلى الصين "غير قانونية". وذكرت "نيويورك تايمز" أن مراسليها لاحظوا وجود رقائق (H100) من "إنفيديا"، وهي الأقوى حالياً، في سوق في مدينة شنزن جنوبي الصين. وكشف أحد المتحدثين لهم أنه تمكن من تصدير ألفين من هذه الرقائق إلى الصين من هونغ كونغ، بقيمة إجمالية تزيد على 100 مليون دولار. وتضيف الصحيفة أنه وبحسب خبراء، فإن الأسعار مرتفعة نسبياً "لكنها تقع ضمن حدود الأسعار الدولية": حوالي 380 ألف دولار للخادم المزود بثماني رقائق (H100).
تحقيق آخر نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أظهر أن المهندسين الصينيين وجدوا أيضاً طريقة لاستخدام الرقائق الأميركية الأكثر تقدماً، من دون الحاجة إلى استيرادها، وأشار إلى أنه "بفضل وسطاء" يمكن للصينيين الوصول إلى قوة الحوسبة اللازمة لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة في الخارج، "مع إخفاء هويتهم باستخدام تقنيات مستمدة من عالم العملات المشفرة".
قالت الصحيفة إن أحد رواد الأعمال، وهو ديريك أو المتخصص في تعدين بيتكوين، يعتبر أحد الأطراف التي تساعد الشركات الصينية على تجاوز العقوبات. وذكرت أنه قام في يونيو الماضي بتركيب أكثر من 300 خادم في مركز بيانات في بريسبان، أستراليا. وبعد ثلاثة أسابيع "بدأت الخوادم في معالجة خوارزميات الذكاء الاصطناعي لشركة مقرها في بكين".
تشير "وول ستريت جورنال" إلى أن تأجير قوة الحوسبة عن بُعد ليس أمراً جديداً، إذ تنقل شركات عديدة بياناتها حول العالم باستخدام خدمات منصات الحوسبة السحابية التي يجب عليها من حيث المبدأ التأكد من هوية عملائها. لكن على المنصات التي يستخدمها ديريك أو والوسطاء الآخرون "تم تصميم طرق الفوترة والدفع لإخفاء الهوية للمشاركين".
قالت الصحيفة إن المحامين يؤكدون أن الشركات الأميركية التي تبيع الحوسبة القوية، لا تنتهك أي قانون. وكانت واشنطن قد استهدفت صادرات الرقائق والمعدات والتكنولوجيا المتقدمة، لكن لا شيء يمنع الشركات الصينية أو فروعها الأجنبية من الوصول إلى خدمات الحوسبة السحابية الأميركية التي تستخدم رقائق "إنفيديا"، بحسب الصحيفة.