بقلم : رانيا جول
محلل أول لأسواق المال في XS.com
في أول يوم تداول كامل من شهر سبتمبر، شهدت أسواق الأسهم الأمريكية انهيارًا، وخاصة مؤشر ناسداك، الذي انخفض بمقدار 590 نقطة، أو بنسبة 3.3%، كما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 133 نقطة، أو 2.4% أمس ليبدأ تعاملات يوم الاربعاء الماضى عند 5502 دولار .أيضاً انخفض مؤشر داو جونز بمقدار 747 نقطة، أو 1.8%، وانخفض مؤشر راسل 2000 بنسبة 67%، أو 3%، أمس.
ومن وجهة نظري ربما كان الأمر مرتبطًا بتقرير ضعيف عن التصنيع في الولايات المتحدة، والذي أدى بالمناسبة إلى انخفاض الأسواق قبل شهر تقريبًا في الخامس من أغسطس. وربما كان الأمر مرتبطًا بشكل أكبر بتصحيح قطاع التكنولوجيا المبالغ في تقديره مؤخراً.والسؤال هنا، هل يؤدي انهيار أوائل سبتمبر إلى ارتفاع سوق الأسهم يوم الأربعاء الماضى، على غرار أغسطس؟
أعتقد أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 شهد في أغسطس 2024 تحركات غير تقليدية مقارنة بالسنوات السابقة، حيث حقق عائدًا بنسبة 2.3%، مخالفًا متوسط العائد التاريخي للشهر البالغ 0.6% منذ عام 1928. وهذه الزيادة اللافتة جاءت بعد فترة من التذبذب الحاد في السوق، حيث بدأ الشهر بأسوأ انهيار في العام، مما أثار مخاوف بشأن احتمالية ركود اقتصادي عميق.
لكن، كما رأينا، فإن الأسواق لا تتبع دائمًا النمط المتوقع. فبعد أسبوع من الهبوط الحاد الذي شهد فيه مؤشر داو جونز هبوطًا بمقدار 1034 نقطة ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 خسارة 160 نقطة، انتعشت الأسواق بشكل ملحوظ. وهذه الانتعاشات برأيي جاءت نتيجة لتقارير التضخم التي كانت أقل من المتوقع، وخطاب جيروم باول الذي أشار إلى إمكانية تخفيض أسعار الفائدة، مما دفع المستثمرين إلى العودة إلى السوق بشراء الأصول عند مستويات منخفضة.
وهذا الانتعاش أيضاً يعكس الثقة المستمرة في قدرة الاقتصاد الأمريكي على تجاوز الصعوبات. وبالفعل، أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الشهر عند 5648 نقطة، بزيادة ملحوظة منذ بداية العام بنسبة 18.4%. ومن وجهة نظري، هذا الأداء القوي يعكس التكيف السريع للسوق مع العوامل المتغيرة، حيث استفادت الشركات الكبيرة التي تشكل الحجم الأكبر في المؤشر من بيئة مالية داعمة ومستويات تضخم منخفضة.
لكن، ومع ذلك، لا يمكننا تجاهل التحديات التي تواجه الأسواق في المستقبل. فبيانات مؤشر مديري المشتريات التصنيعي(PMI) لشهر أغسطس كانت مخيبة للآمال، حيث جاءت أقل من التوقعات، مما أضاف إلى المخاوف المتزايدة من تباطؤ وركود اقتصادي. كما أن قطاع التكنولوجيا، الذي كان من بين المحركات الرئيسية للسوق خلال السنوات الأخيرة، بدأ يظهر علامات على التراجع. وهذه الاشارات قد تكون مؤشرًا على اقتراب مرحلة تصحيحية عميقة في السوق، خاصة مع استمرار الأسواق في تقييم المخاطر المحتملة من ضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية.
وبالتأكيد، أعتقد أن بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية المنتظرة يوم الجمعة ستكون ذات تأثير كبير على توجهات السوق خلال الفترة القادمة. إذ من المتوقع أن تعطي هذه البيانات صورة أوضح حول الحالة الاقتصادية العامة، وتحدد ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيتخذ خطوة جريئة نحو خفض أسعار الفائدة بوتيرة أكبر.
وفي الختام، يمكنني القول أن أغسطس 2024 يعتبر مثالًا حقيقياً على التقلبات التي يمكن أن تشهدها الأسواق المالية خاصة سوق الأسهم الأمريكية، وكيفية استجابة المستثمرين للأحداث الاقتصادية والسياسية المتغيرة. ومع أن المؤشر أنهى الشهر على ارتفاع، إلا أن المخاطر ما زالت قائمة، مما يجعل الفترة القادمة حاسمة في تحديد اتجاه الأسواق حتى نهاية العام. ومن رأيي سيكون من المهم متابعة التطورات الاقتصادية عن كثب والتكيف مع الظروف المتغيرة لضمان تحقيق العوائد المرجوة في ظل سوق يتسم بالتقلب والاضطراب.
التحليل الفني لـ أسعار ستاندرد آند بورز 500 (US500):
انخفضت أسعار مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى بضعة سنتات فقط فوق الحد العلوي لمنطقة الفجوة الرئيسية بين 5501 و5455. كما إن الإغلاق اليومي للفجوة وأقصد الإغلاق اليومي دون 5455 هو إشارة هبوطية من المرجح أن تصل بسعر المؤشر إلى مستويات قيعان بالقرب من 5400 دولار.
كما يشير التباعد على مؤشر القوة النسبية إلى انتهاء زخم الاتجاه، مما يدعم الانعكاس الهابط الحالي.وقد يؤدي الإغلاق اليومي دون 5455 إلى زيادة عمليات البيع المكثفة إلى 5400 و 5375، حيث سيقف المتوسط المتحرك اليومي لـ 100 يوم كدعم قوي.وفي حال اختراقه قد ينخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أكثر إلى الدعم عند حوالي 5314 وهي منطقة ارتداد وطلب شرائي قوية جداً قد ترسل الاسعار لاختبار او اختراق اعلى مستوياتها على الاطلاق في المدى المتوسط والبعيد. ولكي يستأنف المؤشر اتجاهه الصعودي قريباً ، يلزم للسعر إغلاق يومي فوق 5613 كمقاومة في المدى القريب.