عاصفة رسوم ترامب تحاصر أبل ومصير غامض لأسعار "آيفون"

  • بدأت شركات التكنولوجيا العالمية، وعلى رأسها "آبل"، تعاني من تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتضع مستقبل الصناعة تحت ضغط غير مسبوق.


    ووفقًا لتقديرات خبراء اقتصاديين ومحللين، فإن سعر جهاز هاتف "آيفون" الذي تبلغ قيمته 1000 دولار، قد يزداد حوالي 250 دولارًا أو أكثر، حال استمرار الرسوم الجديدة، دون حلول سهلة واضحة في الأفق، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.


    ويمثل الآيفون رمزًا لعصر سلاسل الإمداد العالمية، إذ يُصمم في كاليفورنيا على يد مهندسين ومصممين أمريكيين مرتفعي الأجر، لكن يتم تجميعه في الصين والهند باستخدام مكونات من موردين في دول متعددة، وهذا التعقيد سمح لشركة "آبل" بأن تصبح واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم.


    لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن ما وصفه بـ"ثورة اقتصادية" تهدف إلى إلغاء هذا النموذج القائم على التصنيع الخارجي، ودعا لإعادة سلاسل الإمداد إلى داخل الولايات المتحدة، لتوفير فرص عمل للأمريكيين، وعلى حد وصف وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك: "ملايين العمال الذين يقومون بتركيب براغي صغيرة في أجهزة الآيفون، سيعملون من الآن في أمريكا".


    وتبقى التساؤلات قائمة حول ما إذا كانت "آبل" ستمتص تكلفة الرسوم الجديدة، أم ستنقلها للمستهلكين، ويرى بعض المحللين أن زيادة الأسعار قد تبدأ خلال أسابيع قليلة، فور انتهاء المخزون المتوفر داخل الولايات المتحدة، باعتبار زيادة السعر "المخرج الوحيد" أمام عملاق التكنولوجيا الأمريكي.


    وخلال الولاية الأولى لترامب، تم إعفاء "آبل" من معظم الرسوم الجمركية التي فرضت آنذاك، لكنها أعلنت في فبراير الماضي التزامًا بضخ استثمارات بقيمة 500 مليار دولار داخل الولايات المتحدة على مدار 4 سنوات، وهو ما أشاد به ترامب عبر منصة "تروث سوشيال".


    وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، أن الرئيس يعتقد أن تصنيع الآيفون داخل الولايات المتحدة أمر ممكن، قائلة: "لو لم تكن آبل ترى ذلك ممكنا، لما خصصت هذا الاستثمار الضخم".


    ولسنوات، عملت آبل على تقليل الاعتماد على الصين، فبدأت تصنيع منتجات مثل السماعات اللاسلكية "إير بود"، والساعات الذكية "آبل واتش"، والحواسيب "ماك بوك" في فيتنام، كما انتقلت جزئيًا لتجميع بعض طرازات آيفون منخفضة السعر في الهند، بما في ذلك آيفون 16.


    ورغم هذا التنويع، لا تزال مكونات مثل المعالجات والشاشات والكاميرات والرقائق والاتصالات تأتي من موردين حول العالم، ووفقًا لبيانات شركة "كاونتر بوينت ريسيرش"، يبلغ إجمالي تكلفة مكونات جهاز "آيفون 16 برو" نحو 507 دولارات، أي ما يزيد قليلًا عن نصف سعره النهائي.


    لكن استراتيجية التنويع باتت مهددة هي الأخرى، بعد أن فرضت إدارة ترامب رسومًا شديدة القسوة على الواردات من الصين والهند وفيتنام، بلغت 104% على الصين، و46% على فيتنام، و26% على الهند.


    وأضاف المصدر أن الشركة تدرس زيادة إنتاجها من هواتف آيفون في الهند كحل مؤقت لتصدير الأجهزة إلى السوق الأمريكي، لكن ذلك لن يكون كافيًا لتلبية الطلب العالمي، ما يعني أن جزءًا كبيرًا سيظل يُجمع في الصين، وسيتم تطبيق أي زيادة في الأسعار بشكل موحد.

    أما بالنسبة لإمكانية نقل تصنيع هواتف آيفون إلى الولايات المتحدة، أكد المصدر أن "تصنيع الآيفون لن يعود إلى أمريكا .. التكلفة العمالية المرتفعة والاعتماد الكبير على مكونات من آسيا يعني ببساطة أن السعر سيصبح خياليًا".


    وأثار الإعلان عن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة موجة بيع عنيفة في الأسواق، وخسرت آبل وحدها نحو 640 مليار دولار من قيمتها السوقية حتى، الاثنين، وتراجعت أسهمها بنسبة 5% إضافية، أمس الثلاثاء.


    ويأتي ذلك في وقت حرج تمر فيه آبل بتراجع في الطلب على أجهزتها وتزايد المنافسة في الأسواق الآسيوية، كما فشلت الشركة في إحداث ضجة كبيرة حول نظارتها للواقع الافتراضي "فيجن برو"، وتعرضت لانتقادات بسبب ضعف أداء بعض ميزات "الذكاء الاصطناعي" الجديدة.
    ويرى المحللون أن أي زيادة محتملة في سعر الآيفون قد تدفع مزيدًا من المستهلكين للتمسك بأجهزتهم الحالية، خاصة مع توقعات بإطلاق 3 طرازات جديدة في سبتمبر المقبل.


    ورغم هوامش الربح المرتفعة، لا يُتوقع أن تتحمل آبل كامل تكلفة الرسوم الجمركية، واختلف المحللون الاقتصاديون حول هذه النقطة، حيث يرى البعض أن آبل تاريخيًا لم تتحمل أي أعباء إضافية خلال الأوقات الصعبة، فيما يرى آخرون أن آبل قادرة على امتصاص جزء من التكلفة بشكل أفضل من غيرها، وأن زيادة طفيفة في أسعار منتجاتها قد تكون مقبولة لدى المستخدمين، خاصة من يشترون أجهزتهم بنظام الأقساط.

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن