بقلم : د/ هبه صالح
لم يكن لعناء رحلة عمل دامت (12) ساعة متواصلة فى أتوبيس سيوة - القاهرة، أن يذهب إلا بحمام دافئ وكوب لبن على أنغام كلمات تتغنى بها أم كلثوم.
ولكنه – وعلى غير المتوقع – ذهب كله، عقب حضورى ليلة شدت فيها كلية الهندسة، جامعة عين شمس بسيمفونية سمعتها بعنوان
"بسم الله، بالعلم والخير، هنا تحدث نهضة"
نهضة مختلفة، لمست أول مؤشرات جديتها مع الملف المرفق لدعوة الحضور، والذى وصلنى قبل سفرى مباشرة، متضمنا عرضا وافيا عن روؤية وحلم ومبادرة أتت تحت اسم "اندماج"، تهدف لاعداد كوادر هندسية شابة مبدعة من خريجى الكلية، بما يتواكب مع متطلبات ما نراه اليوم، وما نستقرأه للغد، وبما تستحقه مصر وشبابها، وليس بما تفرضه آلام وتحديات ومحددات واقع نمر به.
ملف غنى بتفاصيله وعلى درجة من الاحترافية فى الاعداد والاخراج، كان كافيا لاثارة فضولى فى معرفة المزيد والحرص على تلبية الدعوة، حتى ولو كانت عقب رحلة طويلة، ولتنتظر أم كلثوم قليلا، آملة فى ليلة يشدو فيها العلم، ويستمتع بها العقل.
ومع بداية كلمات د. أيمن عاشور قائد اوركسترا العمل وعميد الكلية، ازددت استمتاعا بحديثه عن حلم فريق عمل بدأ رحلته منذ ما يقرب من عام، سافرت فيها بالفعل وفود متعاقبة من فريق العمل بالكلية لوضع تصور متكامل لخطة تطوير الأقسام المختلفة من حيث المناهج والمهارات، والبنية التكنولوجية للبيئة التدريبية التطبيقية الداعمة للتخصصات المختلفة، ونماذج العمل مع الصناعة والأطر الحاكمة لها من حيث التشريعات والقوانين واللوائح ونماذج المشاركة الضامنه لتسلسل تطور أفكار الطلبة والخريجيين وأعمال الفرق البحثية، لنماذج أولية، تنتهى بمنتجات نهائية، قادرة على دعم المنتجات المحلية بابداعات مصرية.
واستعرض ما تم من تواصل مع روؤساء الغرف الصناعية وشركاء الصناعة، والذى شارك العديد منهم حضور فعاليات الاحتفال. واستعرض أيضا النص القانونى الصادر فى 21 أبريل من هذا العام والحاكم لاطار انشاء الشركات القائمة على الابتكار من داخل الجامعات. وانتقل الى فيلم تسجيلى تفصيلى مشوق عن دراسة تفصيلية لشكل الكلية بعد التطوير، وكذلك التصور الخاص بلبنة الابداع الهندسى والمزمع انشاؤها فى العاشر من رمضان على مساحة 30 فدان، لفت نظرى بها الأخذ فى الاعتبار بمبادئ التصميم المستدام والصديق للبيئة، وشمولية التصور للمبدعيين من الشباب والشركات الصغيرة ومن يرغب من شركاء الصناعة والانتاج.
لم ينتهى العرض الشيق بنهاية مفتوحة، وانما استرسل د. أيمن - الشغوف المتواضع - فى الاعلان عن مرحلة جديدة من خطة العمل، للتواصل والتعاون مع الوزارات المختلفة، شركاء الصناعة، ومنظمات المجتمع المدنى، من خلال أطر عمل وسيناريوهات شراكة تفصيلية من حيث النوع والتكلفة، تم إعدادها مسبقا وتوزيعها على الحضور، ليبدأها بتوقيع تعاون مع صندوق تحيا مصر، ويختتمها مسكا، فضيلة د. على جمعة معلنا عن مساهمة مصر الخير بخمسة ملايين جنيه مصرى، مذكرا الجميع: بأن فعل الخير هو الطريق للفلاح والنجاح، وأبدا لن يأتى الخير بقلة الحيلة وعشوائية التحرك، ولكن مفتاحه العقل والعلم.
بدأ العشاء، ليستمر على هامشه فعاليات لقاءات عمل ثنائية تدشن لمرحلة جديدة من خطة العمل، والتى أراها ركيزة جادة لنهضة علمية، واقتصادية ونموذج عمل جديد تتبناه المؤسسة الأكاديمية بمنهجية علمية وروح فريق عمل معتزا بتاريخه، وممتلكا لمفاتيح الحداثة والتطوير، مستهدفا حجز مكانه وفرصه فى مستقبل يعلو فيه صوت العقل والعلم.
وأنا فى طريقى للخروج، لمحت فى شرفات المنازل المطلة على الكلية، أمهات وشباب وأطفال، يتابعون فعاليات الحفل، والذى أظنهم اعتقدوه حفلا للاوسكار، لما سمعوه من موسيقى راقية، ولمن رأووهم على السجادة الحمراء من نماذج مجتمعية فى رحاب مبنى الكلية.
نعم كان أوسكارا مختلفا وفريدا على الشارع المصرى... أوسكارا علميا ملهما...
أدعو لفريقه بدوام نعمة الشغف وطول النفس وروح الفريق. وللحديث بقية.