"مرسيدس" و"فولكس واجن" تعارضان حظر أوروبا لمحركات الاحتراق الداخلي

  • كتب : وائل الجعفري

     

     

     

    يسير كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات السيارات الأوروبية على خيط رفيع خلال معرض ميونيخ للسيارات هذا الأسبوع، فيروّجون من جهة لروعة مركباتهم الكهربائية الجديدة، بينما يوجّهون من جهة أخرى تحذيرات إلى بروكسل مؤداها أنهم غير قادرين على الانتقال لبيع سيارات كهربائية حصراً في غضون السنوات العشر المقبلة.

     

    ورغم الرسالة المتناقضة، يبقى الهدف تكثيف الضغوط على الاتحاد الأوروبي للتراجع عن خطته الرامية إلى حظر بيع السيارات الجديدة العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2035.

     

    عبّر كبار التنفيذيين في شركات "فولكس واجن" و"مرسيدس-بنز" و"ستيلانتس" يوم الإثنين عن معارضتهم لهذا التوجه، في ظل ركود السوق الأوروبية وتفاوت الإقبال على السيارات الكهربائية وتصاعد المنافسة من قبل الشركات الصينية، وفي مقدمتها "BYD".

     

    قال أوليفر بلوم، الرئيس التنفيذي لشركة "فولكس واجن" للصحفيين خلال المعرض "من غير المنطقي توقع أن تكون جميع المركبات كهربائية بنسبة 100% بحلول عام 2035"، وذلك بعد استعراض الشركة عدداً من طرازاتها الكهربائية الجديدة أمام وسائل الإعلام. وأضاف "أدعو بشدة للعودة إلى الواقع".

     

    تنذر هذه الضغوط بمواجهة بين كبار مصنعي السيارات الأوروبيين وصناع القرار بشأن وتيرة إزالة الكربون ضمن التكتل، وذلك قبيل قمة مرتقبة يوم الجمعة تجمع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعدد من قادة القطاع.

     

    أيّد المستشار الألماني فريدريش ميرتس الذي سبق أن انتقد حزبه خطة الحظر، مطالب قطاع السيارات، داعياً يوم الثلاثاء بروكسل إلى الحفاظ على انفتاحها تجاه عدّة تقنيات في إطار جهود خفض انبعاثات قطاع النقل.

     

    وقال ميرتس في كلمة ألقاها خلال معرض ميونيخ "نحن ملتزمون، بطبيعة الحال، بالتحول نحو النقل الكهربائي، لكننا بحاجة إلى مزيد من المرونة في التشريعات".

     

    بالنسبة لشركات صناعة السيارات، فإن الحظر المرتقب يهدد بإحداث اضطرابات واسعة في سلاسل التوريد التي توظف ملايين الأشخاص وتشكل ركيزة أساسية لاقتصادات كبرى مثل ألمانيا  وفرنسا إيطاليا. أما بالنسبة للهيئات التنظيمية، فإن أي تراجع عن الخطة قد ينسف مصداقية الاتحاد الأوروبي في ملف المناخ، ويزيد من تأخّره عن الصين في سباق التحوّل نحو المركبات الكهربائية.

     

    وقال الرئيس التنفيذي لشركة "مرسيدس" أولا كالينيوس في تصريحات لبلومبرغ "حان الوقت لإجراء جرد شامل لما نجح في السياسات الحالية، وما يحتاج إلى تعديل. نحن مقتنعون تماماً بأن عدم القيام بأي شيء لم يعد خياراً مطروحاً".

     

    تضغط شركات صناعة السيارات على المفوضية الأوروبية للسماح بتمديد بيع المركبات التي تعتمد على تقنيات مثل "موسّعات المدى" —وهي محركات احتراق صغيرة تُستخدم لشحن بطارية السيارة— إلى جانب الحفاظ على الدعم المالي والمرونة التنظيمية للمركبات الهجينة.

     

    كما تطالب الشركات باستمرار الحوافز المالية لشراء السيارات الكهربائية، وتخفيف قواعد السلامة الصارمة المفروضة على الطرازات الصغيرة. ويقول التنفيذيون إن هذه التدابير ستمنح المستهلكين والمورّدين وقتاً أطول للتكيّف، وتساعد في الوقت نفسه الشركات الأوروبية على البقاء في دائرة المنافسة مع الشركات العالمية.

    أما رئيس "ستيلانتس" في أوروبا، جان فيليب إمباراتو، فصرّح من ميونيخ أن المهلة النهائية المحددة في العام 2035 "غير قابلة للتحقيق".

     

     

    في المقابل، يرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي والمدافعون عن البيئة أن التراجع عن هدف 2035 سيقوّض التزامات الكتلة في مواجهة تغيّر المناخ، ويرسل إشارات مربكة للمستثمرين. ويشددون على أن الحظر المزمع ضروري لتسريع الاستثمارات في التكنولوجيا النظيفة، وتقليل اعتماد أوروبا على الوقود الأحفوري المستورد.

     

    وتتجه الأنظار إلى اجتماع يوم الجمعة في بروكسل، حيث سيعرض مصنّعو السيارات وقطع الغيار أبرز مخاوفهم أمام فون دير لايين. وبينما يتمسّك مساعدوها بموعد 2035 كهدف ثابت، يلمّح بعض المسؤولين إلى إمكان تقديم تنازلات تتعلق بالتقنيات الانتقالية، ما يُمهّد لمواجهة محتدمة بين صنّاع القرار وقادة الصناعة.

     

    وكانت المفوضية قد شرعت بالفعل في مراجعة الأهداف البيئية لقطاع السيارات لعامي 2030 و2035، ومن المتوقع أن تطرح أي مقترحات لتعديل تلك الأهداف خلال العام المقبل.

     

    تزداد أهمية هذا الجدل في وقت يسعى الاتحاد الأوروبي لتحديد مدى إمكانية الدفع قدماً بطموحاته المناخية. ولا تزال الدول الأعضاء منقسمة بشأن اقتراح المفوضية بخفض الانبعاثات بنسبة 90% بحلول عام 2040، في حين تدفع فرنسا وعدد من الدول الأخرى نحو طرح الملف على طاولة قادة الاتحاد خلال القمة المرتقبة الشهر المقبل.

     

    ومن المتوقّع أن يشكّل قطاع السيارات محوراً رئيسياً في هذه النقاشات، مع مطالبة إيطاليا باستثناء خاص للوقود الحيوي كشرط لموافقتها على هدف 2040.

     

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن