شاركت منصة تيك توك كمًا كبيرًا من البيانات حول المستخدمين الإندونيسيين مع حكومة البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع، مُسلِّمةً كمياتٍ هائلة من المعلومات التي قد تكون حساسة لتجنب تعليق ترخيصها في أكبر أسواقها في جنوب شرق آسيا.
وقال مسؤولون حكوميون إن شركة التواصل الاجتماعي المملوكة للصين، والتي تضم أكثر من 100 مليون مستخدم في البلاد، كشفت عن كل شيء، بدءًا من أنماط حركة الزيارات على الإنترنت ووصولًا إلى أنشطة المقامرة الإلكترونية المشتبه بها.
وأوضحت السلطات المعنية بالاتصالات إنها جمعت بيانات مُجمَّعة لا يُمكن استخدامها لتتبع الأفراد، بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ، اطلعت عليه "العربية Business".
وعلَّق المسؤولون لفترة وجيزة ترخيص تشغيل تيك توك الأسبوع الماضي بعد أن امتنعت الشركة عن تقديم بيانات المستخدمين لفترة في أواخر أغسطس، عندما ساهم موت سائق توصيل في تأجيج الاحتجاجات المناهضة للحكومة في البلاد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 280 مليون نسمة.
وقالت الشرطة المحلية الشهر الماضي إن بعض مستخدمي تيك توك قاموا بالبث المباشر على التطبيق أثناء الاحتجاجات لإغراء المشاهدين بمنحهم أموالًا أو هدايا افتراضية ذات قيمة مالية.
وقال ألكسندر سابار، المدير العام بوزارة الاتصالات والشؤون الرقمية، في بيان أرسله عبر رسالة نصية: "البيانات الموجزة المُقدمة هي بيانات مجمعة، وليست خاصة بمستخدم معين، وبالتالي لا يمكن استخدامها لتتبع أو مراقبة الأفراد -بما في ذلك الحسابات التي تبث المظاهرات".
وأضاف: "التركيز يبقى منصبًا على السلوك غير القانوني، وخاصةً تحقيق الربح من الأنشطة غير القانونية مثل المقامرة عبر الإنترنت".
وعادةً ما تقاوم شركات الإنترنت طلبات الحكومة للبيانات، خوفًا من كشف معلومات الملكية، وتنفير قاعدة مستخدميها. وفي حالة تيك توك، المملوكة لشركة بايت دانس الصينية، تُعدّ هذه القضية حساسة.
وقد أعرب المشرعون الأميركيون علنًا عن مخاوفهم بشأن احتمال وصول البيانات الشخصية إلى بكين، نظرًا لأن الحكومة الصينية يحق لها قانونيًا طلب معلومات من شركات الإنترنت التابعة لها حفاظًا على الأمن القومي. وأكدت تيك توك أنها تحمي خصوصية المستخدمين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.
يوم الجمعة، أكدت تيك توك أنها تحترم القوانين واللوائح، وأنها ملتزمة "بضمان أن توفر منصتنا تجربة آمنة ومسؤولة للمجتمع في إندونيسيا".
وتحذّر الجماعات المعنية بالحقوق الرقمية من أن حكومة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو تُخاطر بتقييد حرية التعبير على الإنترنت وتشديد سيطرة الدولة على الفضاء الرقمي.
ومنذ توليه منصبه في أكتوبر 2024، كثّف القائد السابق في الجيش الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية، مُتذرّعًا بالأمن القومي وحماية المستهلك. وقد تضع إدارته حدودًا عمرية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لحماية الأطفال من المحتوى الضار على الإنترنت.
واندلعت الاضطرابات في جاكرتا في أغسطس بعد أن منح المشرّعون أنفسهم بدلات سكن تفوق الحد الأدنى للأجور بعشرة أضعاف، مما أثار غضب حشود من الطلاب المتعثرين وسائقي دراجات الأجرة وعمال غير نظاميين آخرين.
وتحولت الاحتجاجات، التي بدأت سلمية، إلى أعمال عنف بعد أن قتلت سيارة شرطة سائق دراجة نارية لتوصيل الطلبات، حيث قامت مجموعات متنقلة من الناس بإحراق مبانٍ ونهب منازل كبار صناع القرار.
وأعلنت الحكومة يوم السبت أنها ألغت تعليق ترخيص تيك توك بعد أن قدمت منصة التواصل الاجتماعي بيانات تتعلق بزيادة حركة مستخدمي "تيك توك لايف" ونشاط تحقيق الدخل خلال فترة الاحتجاجات من 25 إلى 30 أغسطس. وأوقفت تيك توك مؤقتًا وظيفة البث المباشر في 30 أغسطس مع تصاعد المظاهرات، قبل أن تستأنفها بعد عدة أيام عندما هدأت التوترات.
سلط التعليق الضوء على التحديات التنظيمية التي تواجه تيك توك في أحد أكبر أسواقها. كانت إندونيسيا محورية في استراتيجية تيك توك في جنوب شرق آسيا، سواء من حيث نمو المستخدمين أو توسعها في التسوق عبر الإنترنت.
وتُصنف البلاد من بين أكبر المساهمين في القيمة الإجمالية للسلع لذراع التجارة الإلكترونية "تيك توك شوب" عالميًا.
وليس من الواضح ما إذا كانت شركات التواصل الاجتماعي والخدمات عبر الإنترنت الأخرى قد تلقت طلبات مماثلة لتقديم بيانات إلى الحكومة.