بقلم : سامر حسن
محلل أسواق أول في XS.com
تراجعت أسعار الذهب بأكثر من 1% اليوم لتتداول بالقرب من مستوى 4,060 دولاراً للأونصة في الأسواق الفورية، بينما لا تزال تتحرك ضمن نطاق ضيق من التماسك.
يأتي استمرار الضغط على أسعار الذهب بشكل أساسي نتيجة تحسن شهية المخاطرة العالمية وتراجع الإقبال على الملاذات الآمنة التقليدية، الأمر الذي دفع موجة التصحيح إلى الاستمرار.
وبينما يتفاعل المستثمرون مع تجدد التفاؤل المحيط بمحادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، ومع مؤشرات الصمود في النشاط الصناعي الآسيوي، فقدت جاذبية الذهب الدفاعية شيئاً من قوتها. وفي الوقت ذاته، عززت بيانات التضخم الضعيفة يوم الجمعة الماضية التوقعات بإمكانية خفض قريب لأسعار الفائدة، بما يتماشى مع توقعات الأسواق المنعكسة بالفعل أسعار العقود الآجلة.
من المتوقع على نطاق واسع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع بخفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس. وسيركز المتداولون اهتمامهم بشكل خاص على لهجة البنك المركزي، إذ إن أي إشارة إلى توجه أكثر ميلاً للتيسير قد تدعم أسعار الذهب من خلال الضغط على العوائد الحقيقية والدولار الأمريكي. ويبدو أن الفيدرالي يولي اهتماماً أكبر للحفاظ على استقرار الاقتصاد وسوق العمل أكثر من تركيزه على التضخم، حتى وإن كان التضخم في مسار صعودي.
في المقابل، فإن ضعف التضخم مقارنة بالتوقعات، إلى جانب مؤشرات الوهن في الاقتصاد وسوق العمل، يعزز الآمال في إمكانية تنفيذ مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة خلال ما تبقى من العام الحالي، وهو ما يبقي السرد الداعم لارتفاع الذهب قائماً بقوة.
غير أن المتعاملين المتفائلين على عقود الذهب الآجلة في بورصة شيكاغو يبدو أنهم قد استنفدوا زخمهم بعد موجة الصعود الطويلة، ما أتاح للدببة فرصة للضغط مجدداً. ويُظهر مؤشر الحجم التراكمي (OBV) استقراراً تدريجياً مع تحرك الأسعار ضمن نطاق ضيق بعد الارتفاع القوي الذي بدأ في سبتمبر. حيث يعكس هذا التسطح في المؤشر حالة توازن بين قوى الشراء والبيع دون أن يتمكن أي طرف من فرض هيمنته الواضحة. وإذا ما بدأ المؤشر في الارتفاع مجدداً مع بقاء الأسعار مستقرة، فقد يشير ذلك إلى عملية إعادة تجميع هادئة تجري في الخلفية، وهو ما يمكن اعتباره دلالة على أن المؤسسات الكبرى ربما تستعد لجولة صعودية جديدة بمجرد حدوث اختراق سعري واضح.
من المرجح أن يعتمد استمرار التصحيح الحالي في الاتجاه الصاعد على مدى تقدم المباحثات التجارية واستمرار السياسات النقدية الداعمة من قبل البنوك المركزية.
أما على صعيد التجارة، أنهى المفاوضون الأمريكيون والصينيون محادثاتهم الأخيرة بنبرة إيجابية، معربين عن ثقتهم في التوصل إلى إطار مبدئي تمهيداً لقمة مرتقبة بين الرئيسين ترامب وشي. وذكرت التقارير أن النقاشات شملت طيفاً واسعاً من القضايا الحساسة مثل تعليق الرسوم الجمركية، والقيود على الصادرات، واستيراد المنتجات الزراعية، وتنظيم صادرات المعادن النادرة وتطبيق تيك توك.
رغم تزايد التفاؤل بإمكانية تأجيل فرض الرسوم الجمركية الأمريكية البالغة 100% على السلع الصينية، فإن الجانبين يعترفان بأن هناك العديد من القضايا الهيكلية التي ما تزال عالقة. وقد ساهمت لهجة المحادثات الإيجابية في تخفيف بعض التوترات الفورية في الأسواق، إلا أن المستثمرين ما زالوا يتعاملون بحذر، في انتظار التوصل إلى اتفاقات رسمية قبل إعادة تقييم تعرضهم للمخاطر.
في الوقت نفسه، وكما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، فقد تبنّت الصين نهجاً دبلوماسياً أكثر حزماً تجاه واشنطن، يجمع بين الردود الصارمة والتنازلات الانتقائية. إذ تهدف إستراتيجية الرئيس شي جين بينغ، التي تعتمد على استخدام ضوابط تصدير المعادن النادرة كأداة ضغط مقابل إبداء مرونة محدودة مثل إحراز تقدم في مفاوضات تيك توك، إلى إظهار كل من الصلابة والمرونة في آن واحد. وتسعى بكين من خلال ذلك إلى انتزاع تنازلات ملموسة من الولايات المتحدة قبل القمة المرتقبة، غير أن هذا النهج قد يثير استياء الحلفاء الغربيين المتوجسين من أساليب الصين التفاوضية.
أما داخل الإدارة الأمريكية، فيبدو أن مصالح قطاع الأعمال قد اكتسبت نفوذاً متزايداً، مما خفف من حدة بعض المواقف المتشددة بشأن صادرات التكنولوجيا، في إشارة إلى أن الأهداف السياسية القصيرة الأجل قد باتت تتقدم على اعتبارات المنافسة الإستراتيجية بعيدة المدى.
ودعماً لتحسن المعنويات في السوق، أظهرت البيانات الرسمية أن القطاع الصناعي الصيني حافظ على متانته الملحوظة، إذ قفزت الأرباح الصناعية بنسبة 21.6% في سبتمبر بعد ارتفاعها 20.4% في أغسطس، مسجلة بذلك ثاني شهر متتالٍ من النمو المزدوج الرقم. وقد جاءت هذه المكاسب مدفوعة بإجراءات حكومية تستهدف الحد من فائض الطاقة الإنتاجية وتشجيع الابتكار في قطاعات التصنيع الحيوية.








