§ بقلم : فريد شوقي
نتفق جميعا على أن العلم والتكنولوجيا يحتلان في عصرنا الحالي مكانا مرموقا في حياة مختلف الشعوب ويؤثران بصورة مباشرة في التنمية الشاملة لكل المجتمعات وأنه في الوقت الذي يصعب فيه التفريق بين أنشطة العلم وأنشطة التكنولوجيا فإن العلم والتكنولوجيا يرتبطان ارتباطا وثيقا بعمليات التنمية الاقتصادية لاسيما أن الدراسات السياسية والاستراتيجية تؤكد أن التقدم الاقتصادي هو المكون الأساسي لقوة الدولة في العقود القادمة .
ومؤخرا أصدر الدكتور مصطفى مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء، قراراً باللائحة التنفيذية لقانون إنشاء هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 2019 ونص قرار رئيس الوزراء علي أن الهيئة تهدف إلى دعم البحث العلمي والتكنولوجيا والإبتكار وتمويله وتحفيزه والربط بين البحث العلمي وتنمية المجتمع، وذلك من خلال الأولويات التي تحددها الدولة للبحث العلمي، وللهيئة أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن تحقيق أهدافها وذلك بالتعاون مع الجهات المحلية والدولية بما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن القومي.
وتضمن القرار الإشارة إلى أن أموال الهيئة أموال عامة، ولها في سبيل إقتضاء حقوقها، اتخاذ الإجراءات المقررة في القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري، وللهيئة أن تجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله، ولها في سبيل ذلك أن تتعاقد مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المحليين أو الأجانب لتدبير الاحتياجات الضرورية لمشروعاتها البحثية، وذلك بعد موافقة مجلس الإدارة، دون التقيد بالقواعد واللوائح الحكومية المطبقة في هذا الشأن.
ونص القرار علي أن تشكل لجنة بقرار من مجلس الإدارة بناء على عرض الرئيس التنفيذي تتولي مباشرة إجراءات التعاقد ومخاطبة الجهات ذات الشأن بموضوع التعاقد ودعوتها لتقديم عروضها الفنية والمالية والتحقق من مطابقة محل التعاقد من النواحي الفنية المطلوبة ومناسبة الأسعار مقارنة بأسعار السوق السائدة وقت التعاقد أو لتحديد أقل العروض سعراً وذلك من واقع العرض المقدم أو ما يتم الحصول عليه من عروض أسعار بحسب الأحوال وكذا أسس اختيار المتعاقد معه على أن تضم تلك اللجنة عناصر فنية ومالية وقانونية وذوي الخبرة في موضوع التعاقد وعضو من الإدارة المختصة بالتعاقدات بالهيئة ولها أن تستعين برأي من تراه من أهل الخبرة على أن تُعتمد أعمالها من الرئيس التنفيذي.
ويكون للهيئة في حالة عدم توافر المنتج المحلي المناسب وفي حدود موازنتها أن تستورد بذاتها أو عن طريق الغير ما تحتاج إليه من المواد والمعدات وقطع الغيار والأجهزة الفنية ووسائل النقل وغيرها، مما يلزم لمباشرة نشاطها، وذلك طبقاً للقواعد والشروط التي تحددها لائحة المشتريات الخاصة بالهيئة.
ونص قرار رئيس الوزراء علي أنه يجوز للهيئة أن تتعاقد لتسويق أو استغلال أو التصرف في أي من المخرجات البحثية الناتجة عن أحد المشروعات البحثية التي اشتركت في تمويلها وذلك مع الجهات العامة أو الخاصة التي اشتركت مع الهيئة في التمويل أو مع إحدى الجهات ذات الشأن في هذا الأمر، بعد موافقة مجلس الإدارة، ودون التقيد بأحكام قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة.
ويجوز للهيئة ايضاً أن تتعاقد مع ذوي الخبرات في التخصصات النادرة بموافقة مجلس الإدارة وفقاً للضوابط والتي تتمثل في ألا يوجد بالهيئة من يمتلك خبرة مماثلة للتخصص المطلوب ويمكن الإستعانة به، وألا تقل خبرة المتعاقد معه في التخصص المطلوب عن خمس سنوات، ويجوز استثناء التخصصات الحديثة من هذا الشرط.
وللهيئة بموجب قرار من مجلس الإدارة تأسيس شركات بمفردها أو بالإشتراك مع الغير بهدف استغلال مخرجات المشروعات البحثية التي تمولها، وذلك طبقاً لأحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، بما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن القومي. وفي جميع الأحوال يتعين أن تتضمن عقود تأسيس تلك الشركات ما يضمن حماية أموال الهيئة وأصولها، وحظر تعارض المصالح، وعدم التصرف في أسهم وحصص الشركة إلا بموافقة مجلس الإدارة.
ويكون للهيئة رئيس تنفيذي يصدر بتعيينه وإعفائه من منصبه وتحديد معاملته المالية قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ويتولي عدداً من المهام والإختصاصات من بينها الإشراف على سير العمل بالهيئة فيما يخص النواحي الفنية والإدارية والمالية وتنظيم العمل بها، وإعداد قوائم محكمي المشروعات البحثية التي تُعرض على مجلس الإدارة لإعتمادها، ومتابعة الخطط الإستثمارية للهيئة واستغلال مخرجات البحوث التي تمولها. وكذا تتضمن إختصاصات الرئيس التنفيذي الإشراف علي إعداد الخطة السنوية لعمل الهيئة للنداءات البحثية وكذا برامج دعم الإبتكار، والإشراف على إعداد مشروع الموازنة السنوية للهيئة في بداية السنة المالية تمهيداً لعرضه على مجلس الإدارة.
نؤكد أنه من الضروري فتح باب المساهمات لتوفير التمويل لـ "هيئة تمويل العلوم والتنمية التكنولوجية" ، والذي أعلن عن إنشائه منذ نحو عدة سنوات ، لتشارك فيه كل مؤسسات الأعمال الصناعية الراغبة في الاستفادة من خدمات هذه الهيئة بحيث تتولى هذه الهيئة التنسيق بين جميع الجهات البحثية المحلية المتعارف عليها من جهة ، خاصة الجامعات ، ومن جهة أخرى التعرف على طبيعة المنتجات التي يرغب أصحابها في تطوير لزيادة قدراتهم التنافسية ليس على المستوى المحلى فقط وإنما على المستوى العالمي .
ونتصور أن تكون هذه الهيئة بعيدا عن أيدي البيروقراطية الحكومية وأن تتسم فيها عملية اتخاذ القرار الصائب بالسرعة بناء على الدراسة الجادة علاوة على انه يحق لكل مؤسسة تساهم فى هذه الهيئة الاستفادة من خدماته وفقا لحجم مساهمتها المالية مع إمكانية قيام هذه الهيئة ببيع ما يتوصل إليه من ابتكارات قابلة للتسويق والإنتاج وأن يتم تحرير قطاع البحث العلمي ، في المراكز البحثية والقومية التابعة للحكومة ، من مفهوم الموظفين الحكوميين الذين لا يرون في هذا المجال إلا أنه مجرد الالتزام بقيود اللوائح والقوانين أو الحصول على ترقية وظيفية في أفضل الحالات .