بقلم : د . هبة صالح
رئيس معهد تكنولوجيا المعلومات
أزور المنصورة بشكل دوري منذ عام 2007، بحكم تواجد فرع لمعهد تكنولوجيا المعلومات داخل جامعة المنصورة. دائما ما كان يزعج عيني عبر هذه السنوات، الزحف العشوائي للإنشاءات والذي لابد أن تلحظه مع بداية دخولك للمدينة. ويؤلم ظهرى طريق أقطعه قرابة 3 ساعات، أقضى منها ثلثى المدة فى هدهدة موجات من المطبات اللامنتهية. أصل وأرجو من فريق العمل السكون لبرهة لإعادة شحن ما قد تم فقده من طاقة.
وسرعان ما تتبدد هذه البداية المرهقة للعين والظهر، ليستمتع العقل بما يراه من طاقة شباب وطموحات ترتكز على خطط جادة. عبر ما يقرب من ثلاثة عشر عاما هي عمر المعهد بالمنصورة. كانت وما زالت سوق صناعة تكنولوجيا المعلومات في المنصورة والعاملين بها حافزا لتطويرما نقدمه من منح وبرامج يمثل خريجوها قوام ما يقرب من نصف الطاقة التقنية العاملة في شركات سوق المنصورة والمحافظات المجاورة لها والتي يصل عدد المسجلين منهم في رابطة الدلتا لما يقرب من 160 شركة. يمتلكها ويقودها شباب يقدمون خدماتهم لأسواق عربية وأوروبية، ويمثلون بما يمتلكون من خبرات، قبلة تكنولوجية في تطبيقات البرمجيات مفتوحة المصدر، والتى ستمتد قريبا بفضل الدماء الشابة المبدعة لتخصصات جديدة في إنترنت الأشياء، تطبيقات الجودة، التسويق الإلكتروني، وتحليل البيانات.
لا شك في أن هذه البيئة المبدعة، كانت دائما حافزا لنا ـ أسرة المعهد ـ لأن تتطور خطتنا التدريبية لتتماشى مع هذه السوق المتنامية. والتى تضمنت 1. تطويرا أفقيا في تخصصاتها لتشمل نظم معلومات جغرافية، تصميم واجهات التطبيقات، تسويق إلكتروني، أنظمة مدمجة، إنترنت الأشياء، وغيرها، مما سنشهد نتائجه في غضون أسابيع قليلة، ويأتى الباقي تباعا خلال خطة هذا العام, 2. ضخ مبادرات جديدة لدعم أعمال العمل الحر وعن بعد من خلال برامج إلكترونية مدمجة مع التدريب المباشرتستهدف هذه المهارات وكيفية خلق فرص عمل وتنميتها من خلال منصاتها، ومساحات للعمل الحر “freelancing zones” لدعم المبتدئين بخيرات رواد في هذا المجال, 3. دعم الإتاحة وزيادة عدد المستفيدين من خلال مبادرة وظيفة تك والتى تشجع القطاع الخاص على تقديم خدمات تدريبية باستثمارات تضخها وزارة الاتصالات بالتعاون مع وزارة التضامن، وكذلك الاستفادة من منصات التعلم الإلكتروني المقدمة من الوزارة والمتمثلة في منصة "مهارة تك" والمفدمة باللغة العربية وكذلك منصة رواد المبرمجين ntl.gov.eg.
801 سنة هى عمر هذه المدينة الفريدة، برغم تحديات محلياتها وطرقها – الحمد لله ساهم وجود الطريق الاقليمى الجديد فى تحسين رحلة الذهاب والإياب –، أزعم بأنها ما زالت تتربع على عرش "مدينة محبي العلم والإبداع". خرج منها رجال دين، وعلماء وفنانين، فكان منها د. أحمد مستجير في الهندسة الوراثية، ود. جاد الحق على جاد الحق ونصر الدين طوبار، وأم كلثوم وكمال الشناوى والخطيب، وعلماء الطب فى تخصصات عدة جعلت منها قبلة طبية عالمية، وبالمناسبة د. غنيم ابن المنصوره بحكم الحياة والعمل وليست مسقط رأسه. ويمتد هذا الثراء البشري ليشمل قطاع تكنولوجيا المعلومات برواد أعماله ومؤسسي شركاته والعاملين من الشباب، لكل منهم قصة نجاح ملهمة تستحق سردها. ومع رحلة عمل تتخللها زيارة لمركز د.غنيم، ودار ابن لقمان ومدينة نبروه تتحول زيارة المنصورة لراحة وبهجة وإلهام.