في ظل انتشار فيروس كورونا.. كيف يتغير وجه العالم؟

  •  

    كتب : نهله مقلد

    يعد وباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد، باعتباره تهديدا أمنيا خطيرا غير تقليدي، أكبر أحداث "بجعة سوداء" تواجهها البشرية في السنوات الأخيرة، وتأثيراتها على وجه العالم تماثل ما أدت إليه أحداث "11 سبتمبر".

    ولم تتم السيطرة على هذا الوباء بشكل شامل على الصعيد العالمي حتى الآن، فتأثيراته لا تزال قائمة على العالم.

    في ظل تفشي الوباء، كيف تتغير قوى تأثير الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على العالم؟ وكيف تدفع الصين التعاون الدولي بعد تحقيقها النجاح الأساسي في الوقاية من الوباء والسيطرة عليه؟ وماذا يعني استئناف الاقتصاد الصيني تجاه العالم؟ قوة التأثير الأمريكية على العالم ستنخفض نسبيا تتوقف قوة دولة على عدة مؤشرات، بما فيها القدرة على مواجهة الفيضانات والحرائق والزلازل والأمراض والأوبئة وغيرها من الكوارث.

    لكن أداء الولايات المتحدة في مكافحة فيروس كورونا كان مخيبا للآمال، إنها لم تصبح بؤرة تفشي الوباء فحسب، بل تقوم بإلقاء اللوم على الدول الأخرى، فمن المتوقع أن تنخفض قوة تأثيرها على العالم نسبيا.

    حتى اليوم السبت الماضي ، قد تجاوز عدد حالات الإصابة المؤكدة في الولايات المتحدة 1.1 مليون حالة، ووصل عدد الوفيات إلى 65 ألف حالة، وفقا لمركز علوم وهندسة النظم في جامعة جونز هوبكنز.

    وظهرت المشاكل العديدة في الحكم الوطني للولايات المتحدة خلال هذا الوباء: أولا، إنها غير مسؤولة عن سلامة المواطنين، ولم تتخذ التدابير الصارمة للوقاية من الفيروس والسيطرة عليه.

    في بداية تفشي الوباء، استهان السياسيون الأمريكيون بخطورة الفيروس، ووضعوا المصالح السياسية قصيرة المدى والمستقبل السياسي الشخصي فوق مصالح المواطنين وفوق حق حياتهم وحقوقهم الإنسانية، وقلقهم الرئيسي تجاه الوباء هو أنه لا يؤثر على الاقتصاد وخاصة سوق الأسهم.

    ثانيا، قامت بـ"إلقاء اللوم" على الصين وتشويه سمعتها مرارا وتكرارا من أجل تحويل الاهتمام الدولي وإخفاء الحقيقة.

    وقد اتهمت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية الحكومة ببطئها في الاستجابة وخطئها في مواجهة الوباء وضعف الفعالية في الإجراءات الوقائية، أما القادة الأمريكيون، فلا يتوقفون عن "إلقاء اللوم" على وسائل الإعلام والحكام والديمقراطيين والصين ومنظمة الصحة العالمية وحتى وصفوا فيروس كورونا الجديد بأنه "الفيروس الصيني" وطرحوا "نظرية التعويض" و"نظرية الإخفاء" وغيرها من النظريات السخيفة مما ترك تأثيرا سلبيا كبيرا على العلاقات الصينية الأمريكية.

    ثالثا، انخفاض قدرتها على الإنتاج الصناعي ونقص الموارد الطبية فيها. يمكن الملاحظة في هذا الوباء أن الدول الغربية عانت من نقص شديد من الموارد الطبية، ووجود المشاكل الكثيرة في أنظمتها الطبية.

    كما أن قدرتها في مجالات الإنتاج الصناعي والإنترنت وتطبيق البيانات الضخمة وشبكات النقل لم تكن قوية كما توقعنا سابقا.

    رابعا، لا تدعم التعاون الدولي. قد أعلنت الحكومة الأمريكية أنها ستعلق التمويل لمنظمة الصحة العالمية.

    وفيما يخص المساعدة الدولية، فتعجز عن الوفاء بوعدها للآخرين، كما أنها "تخطف" المواد الطبية من الدول الأخرى دائما.

    تقلص سمعة الاتحاد الأوروبي

     

    بسبب أدائه المخيب للآمال كان أداء الاتحاد الأوروبي بعد تفشي الوباء في الدول الأعضاء مخيبا للآمال أيضا.

    طلبت إيطاليا من الاتحاد الأوروبي تفعيل آلية الحماية المدنية بعد تفشي الفيروس في بلادها لضمان توريد المعدات الطبية اللازمة للحماية الشخصية، ولكن لم ترد عليها أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.

    علاوة على ذلك، قال أمين الدولة المجري للتبادلات والعلاقات الدولية زولتان كوفاكس في يوم 22 أبريل في مقابلته مع "بي بي سي" إن "أي طرف قدم المواد الطبية إلى المجر غير الصين؟ لم يقدم الاتحاد الأوروبي أو برطانيا وأوروبا الغربية أي شيء".

    فتقاعس الاتحاد الأوروبي عن مكافحة الوباء سيؤثر على سمعته حيث تقلصت قوته في العمل والقيادة والدعوة.

    في عملية مكافحة الوباء، طرحت بعض الدول الأوروبية سياسة "مناعة القطيع" الخالية من أساس علمي مما يؤخر عملية الوقاية من الوباء والسيطرة عليه ويؤثر على تنمية الاقتصاد، كما يجلب ضربة على الأنظمة والقيم الغربية.

    وعادت العديد من الدول الأعضاء إلى حالة دولة قومية، حيث "تخطف" المواد الطبية بعضها بعضا وتغلق حدود البلاد تجاه الدول الأخرى.

    لذا، لم يظهر الاتحاد الأوروبي بصفته قطعة واحدة التضامن رفيع المستوى. الصين توفر شهرا على الأقل للعالم في عملية مكافحة الوباء في مواجهة تفشي الوباء المفاجئ، لم تقم الصين بـ"إلقاء اللوم" على الآخرين، بل اختارت مجابهته إيجابيا من خلال تنفيذ مزايا نظامها، حيث تتمسك بوضع سلامة حياة المواطنين وصحتهم في الرتبة الأولى.

    إن تقييم منظمة الصحة العالمية تجاه أداء الصين عال جدا، ويعتقد خبراء المنظمة بعد تفقدهم الصين أن النتائج تدل على صحة نهج الصين في مكافحة الفيروس والذي وفر شهرا على الأقل للعالم في السباق مع الزمن.

    قد قامت المنظمة بالتقدير مرارا للتدابير الصارمة التي اتخذتها الصين للوقاية من الوباء والسيطرة عليه، بما فيها الحجر الصحي وسياسات استقبال جميع المرضى المصابين بالعدوى وتقديم الاختبارات الكافية لهم وعلاجهم على حدة حسب أعراضهم البسيطة أو الخطيرة مما وضع نموذجا دوليا جديدا للعالم.

    كما تقدم الصين المساعدة والدعم إلى الدول الأخرى بقدر استطاعتها في حين تكافح الوباء داخل بلادها. قدمت الحكومة الصينية أو تقدم مساعدة مادية لـ127 دولة وأربع منظمات دولية.

    مع أن الولايات المتحدة فرضت قيودا مختلفة على الصين، إلا أن الصين لا تزال توفر الإمدادات الطبية لها. حتى 20 أبريل، قدمت الصين أكثر من 2.46 مليار قناع إلى الولايات المتحدة، وهذا يعني أنه يمكن توزيع سبعة أقنعة لكل أمريكي، كما قدمت الصين ما يقرب من 5000 جهاز تنفس والعديد من المعدات الأخرى.

    في هذه اللحظة الحاسمة في المعركة العالمية ضد الوباء، تبرعت الصين مرتين بما مجموعه 50 مليون دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية لدعم عملها الدولي في مكافحة الوباء، والتركيز على مساعدة البلدان النامية على تعزيز بناء نظم الصحة العامة مما يعزز قدرتها على مجابهة الوباء.

    استئناف الاقتصاد الصيني سيكون مساهمة كبيرة أخرى إزاء العالم أتمت الصين السيطرة على الوباء بشكل أساسي، ستركز على الحفاظ على استقرار الاقتصاد في الوقت اللاحق.

    منذ أواخر مارس، تتسارع الصين في إنعاش أنظمة الإنتاج والحياة حيث بدأ الاقتصاد بالتحسن.

    كما أن بيانات استهلاك الكهرباء تدل على حالة تشغيل الاقتصاد: كمية توليد الطاقة على الصعيد الوطنى خلال النصف الأول لأبريل الماضي زادت بنسبة 1.2% على أساس سنوي، محققا نموا إيجابيا.

    نظرا لأن المدة المستمرة للوباء وتأثيراته على الاقتصاد غير محددة حتى الآن، فاتخذت الحكومة الصينية سلسلة من القرارات المهمة بشأن الوقاية من الوباء والسيطرة عليه والتنمية الاجتماعية الاقتصادية بناء على آخر تطورات الوضع الوبائي في الداخل والخارج، حيث طلبت وضع الوقاية من الوباء والسيطرة عليه في أهم مكان، بينما طلبت إيلاء اهتمام كبير في استئناف العمل والإنتاج مما يدفع عملية استئناف العمل والإنتاج بشكل دقيق ومنتظم من أجل تسريع عملية التخلص من الفقر بحزم أكبر وبشكل أقوى.

    تعمل الصين على تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية بنشاط في حين تولي اهتماما كبيرا في الوقاية من الوباء والسيطرة عليه لحماية سلامة حياة المواطنين وصحتهم، هذا يعد مساهمة كبيرة أخرى للعالم، سيساعد في تخفيف الصدمة الهائلة التي جلبها الوباء على الاقتصاد العالمي. #معا_ضد_كورونا بقلم جين تسان رونغ، نائب عميد كلية العلاقات الدولية في جامعة الشعب الصينية



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن