" نبض الحياة" .. الإجابة الحائرة " 5 "

  • بقلم : د . ياسر بهاء

    بعد التحدث على التدوين اليومي والتأمل في المقالين السابقين، فلنكمل طرق التعرف على نفسك أكثر وسنتحدث في هذا المقال عن الشعور بعمق والتأمل الواعي

    اشعر بعمق

    إذا أردت أن تتكشف نفسك من جديد، فعليك التوقف عن تجاهل مشاعرك. هذا لا يعد تمريناً محدداً تقوم به ولكنه أقرب لممارسة عليك القيام بها في حياتك بشكل عام. ابدأ في تفقد ما تشعر به واشعر بما تتفقده بعمق.

    يبدأ هذا كله عندما تسمح لنفسك بأن تشعر بحق. فإذا رغبت في البكاء، ابكي، إذا أردت الضحك اطلق قهقهاتك عالياً، اضحك بقوة حتى ولو بدوت سخيفاً، لا تخجل من نفسك. إذا شعرت بالغضب، اسمح لنفسك بالغضب (لكن لا تسمح لنفسك بأن تصبح مُدَمِّرًا).

    فمشاعرك موجودة بداخلك لحكمة. عواطفك تريد أن تخبرك شيئاً وعليك الإنصات إليها.

    ربما تخشى أن تبالغ في مشاعرك، وهذا أمراً طبيعياً ومحموداً. فلا أحد يريد الانهيار أمام الجميع. ولكن مع هذا، عندما تبدأ بالسماح لنفسك بأن تشعر وأن تتوقف من الشعور بالخجل من مشاعرك، ستجد أن مشاعرك أصبحت أكثر هدوءاً. فبدلاً من أن تكبت مشاعرك ثم تجدها قد انفجرت فجأة، ستجد أنها أصبحت أكثر اعتدالاً بعد التعود على تقبلها وإطلاقها.

    يحدث معي كثيراً أن تدمع عيناي عندما أرى مشهداً مؤثراً في أحد الأفلام أو المسلسلات – والروايات المقروءة أحياناً – ولقد انتبه أولادي لذلك وغالباً عندما نكون سوياً ويظهر هذا النوع من المشاهد أجدهم جميعاً ينظرون إلي لمعرفتهم بأن دموعي في الطريق إلى الخروج ومع ذلك لا أحاول إخفائها فهي تعطيهم رسالة مفادها ألا يكبتوا مشاعرهم كلما أمكنهم ذلك.

    ستخرج مشاعرك بصورة أكثر انضباطاً عندما تسمح لنفسك بمعايشة مشاعرك بدلاً من إخفائها. فهي مثلما تقوم برج زجاجة مياه غازية، إذا قمت بفتحها بسرعة فسينتشر المشروب في كل مكان. أما إذا فتحتها ببطء وسمحت لغاز الكربون بالخروج، فهي قد تفور ولكنها لن تنفجر.

    فلتعش ما تشعره وعش حقيقتك ولا تخف مما تشعر به ولا من السبب الكامن وراء مشاعرك.

    التأمل الواعي

    هناك العديد من تمارين التأمل الواعي التي يمكنك ممارستها، ولكنني اقترح عليك أن تقوم ببساطة بالتركيزعلى اللحظة الحالية.

    فنحن إما قلقين حيال مستقبلنا أو نتحسرعلى ماضينا وهذا يضيع علينا متابعة ما يحدث في حياتنا الحاضرة لحظة بلحظة. هذا يخلق لدينا شعوراً بعدم الراحة، ويبدد شعورنا بالسعادة.

    فمن أجل أن نشعر بهدوء عميق، ومن أجل أن نقترب من حياة خالية من التوتر العصبي، فعلينا أن نسمح لأنفسنا بأن نعيش الحاضر.

    فيما يلي بعض الطرق المختلفة لكي تقوم بالتركيزعلى نفسك في اللحظة الراهنة:

    ·       قم بنشاط إنتاجي مثل تنظيف المنزل. انتبه لكل التفاصيل، مثل كل مرة تمرر فيها يدك على الأطباق لتقوم بدعكها. شم الصابون، واشعر بضغطة الأسفنجة على الطبق.

    ·       انتبه لتنفسك. اشعر بنفسك وأنت تقوم بالتنفس، احبس نفسك للحظة، ثم قم بإخراج الهواء.

    ·       حملق في أشياء عادية، خشب مائدة الطعام على سبيل المثال. قم باستكشافه بشكل أعمق. انظر للأشكال المختلفة، وتتبع انسياب الخطوط.

    ·       اغلق عينيك وانصت للعالم من حولك. انصت لصوت مكيف الهواء، أرهف السمع لأصوات السيارات البعيدة وضجيج الأطفال وهم يلعبون.

    الأمر الهام هنا أن تنصت دون أن تحكم. قم ببساطة باستيعاب ما حولك، وتعامل مع وقت حدوثه. هذا سيساعدك على تصفية ذهنك. وسيسمح لك بأن تركز على الانصات بطريقة أفضل على حدسك بدلاً من التفكير بشأن قائمة الأعمال الطويلة التي عليك القيام بها، وبدلاً من تركيزك على المستقبل والماضي.

    الآن أريد أن اسألك مرة أخرى:

    هل أنت تتحكم حقًا بحياتك؟

    إذا قمت باستخدام الأساليب التي تعلمتها في هذه المقالات الستة، ستصبح أكثر تناغماً مع ما يريده قلبك. وستكون قادراً على سماع ما يحاول أن يخبرك به. وهذا يعني أنك ستعيش حياتك وفقاً لما تريده أنت لا وفقاً لما يُرضي الأخرين فحسب.

    "إذا لم تسيطر على حياتك، فسيمضي عمرك وشخص أخر يتولى زمام أمورك"

    لا تكن دمية أحدهم. لا تكن دمية الماريونت التي يحركها المجتمع. كن أنت. اصنع طريقك بنفسك، وافعل الأشياء التي خُلقت أنت على هذه البسيطة لكي تفعلها. انصت إلى قلبك، ثم استخدم عقلك كأداة لتساعدك في الحصول على ما يريده قلبك.

    انسجم أكثر مع الصمت، وابحث عن طرق تمكنك من صد العالم الخارجي. حاول أن تعرف نفسك بحق، و ابحث عن المسار الذي تم رسمه خصيصاً لك.هناك هدف من وجودك على هذا الكوكب، ومن أجل أن تصل لهذا الهدف عليك أولاً أن تعرف ما هو.

    كل هذا يبدأ بأن تُسْكِت هذا الضجيج من حولك - وتنصت.

    فهناك سيقوم قلبك بإرشادك بما يحمله من "نبض الحياة"

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن